Thursday 9th october,2003 11333العدد الخميس 13 ,شعبان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

شدو شدو
في نفض غبار الأسئلة (الاخيرة)
د. فارس محمد الغزي

مقالة شدو هذه هي ختام سلسلة عدد من المقالات المبسطة والمتمحورة حول افضل الطرق لنفض الغبار الذهني الذي يطال عادة الأشياء التي تحدث في الحياة بشكل متواتر ومتكرر. وطبقا لهذه المنهجية فأفضل طريقة لذلك هي محاولة فهم الشيء من خلال دراسة نقيضة بالمضمون والمعنى. هذا وقد سافرت شدو معرفيا في المقالات السابقة لكي تتعرف على الحب من خلال معرفة نقيضة: الكراهية ولتتبين امر ايجابيات العافية من الحسد عن طريق تحليل سلبيات الاصابة بداء الحسد. ومثل هذا المشوار المعرفي المعكوس مليء لاشك بالفوائد التي من ضمنها ضمان حصولك على جائزة السعادة التي ينص احد أهم شروط الحصول عليها ان تكون العظة بالغير لا بالنفس اشتقاقا من قولهم «السعيد من اتعظ بغيره والتعيس من اتعظ بنفسه» بالاضافة فبمجرد شدك للرحال المعرفية الى ايجابيات الحسد عبر طريق سلبياته قد تكون اضفته الى مفردات قاموسك المحذر من الاقتراب من الغرائز القابلة للاشتعال، فقد رأيت مثلا كيف ان الحسد طاقة عاطفية جبارة ومع ذلك يتم اهدارها عبثا وسدى، لاسيما في ضوء حقيقة ان لكل طاقة ساعة صفر تنفد فيها وحينها لن يكون بحوزة الحاسد خيار سوى ان يأكل نفسه..
فلا فرق بين الحسد والنار من حيث ان الحاسد يأكل بعضه.. ان لم يجد ما يحسده.. تماما مثلما ان «النار تأكل بعضها.. ان لم تجد ما تأكله» كما اكد ذلك الشاعر العربي القديم.
هذا وعلى الرغم من قدم تداول الفكرة المتمثلة في اهمية تحقق العظة بالغير لا بالنفس او معرفة سلبيات الشيء مقدما فما يزال العلم الحديث يبحث في افضل الطرائق او السبل الكفيلة لتحقيق هذه الفكرة، ومن الادلة على ذلك كثرة الابحاث ذات الاهداف المتمحورة حول تنمية التفكير الخلاق لدى بني الانسان وأنسب الوسائل لتحقيق نضجه الانفعالي emotional maturity، وافعل الطرائق لضبط ايقاعات اندفاعاته الفكرية/السلوكية، واقصر الطرق لتفعيل حدسه وشحذ قدراته التوسمية والضخ في كيانه العقلي المزيد من جرعات الحساسية الديناميكية، وكل ذلك يعني من ضمن ما يعني امداد الفرد بالقدرة على ان يتعظ بغيره.. او استصدار الاحكام الرشيدة مقدما بتقمص نهايات الاشياء مسبقا وباستيضاح امر سلب الشيء من ايجابه قبل التورط بالوقوع في براثن سلبياته.
فبهذه المنهجية نستطيع ان نستشعر عن بعد حقيقة كل ما نخشاه عن قرب، فبمقدورنا على سبيل المثال ان نعرف حقيقة ماهو جميل من خلال نقيضه غير الجميل، او ان ندرس عوامل الهزيمة لنحظى بأسباب النصر، او ان نستعرض تاريخ الامراض والاوبئة لنستشرف مستقبل الصحة المشرق، او ان نتخيل نقمة التعاسة لنقدر نعمة السعادة.. الخ.
أخيرا ألا تعتقد وأنت على وشك الفراغ من قراءة هذه المقالة ان ذلك يمثل في حقيقته افضل فوائد هذه المنهجية؟
نعم.. فبمنهجية بسيطة كهذه نجحت شدو في ان تغريك لأن تقرأ سلسلة من المقالات العادية والمتمحورة حول موضوعات نمطية.. ومألوفة الى حد الابتذال: كالحب والحسد؟

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved