Thursday 9th october,2003 11333العدد الخميس 13 ,شعبان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

قراءة في سمفونية الألم قراءة في سمفونية الألم

استثارتني وشدتني أبيات اوردها الأستاذ حمد القاضي رئيس تحرير المجلة العربية والكاتب في جريدة الجزيرة للشاعر صالح الزهراني في ثنايا أحد مقالاته فكان لي بعض التعقيب والاستدراك ففي البدء هناك حقيقة ثابتة عند النقاد وهي متعارف عليها تكمن في أن كثيراً من السمات اللغوية والفكرية تتداخل في تشكيل النص الأدبي ورسم أبعاده ومعطياته ومعلوم أن الاتجاه الذي يسلكه هذا التداخل يختلف من نص الى آخر، مما يساهم - بالضرورة - في اختلاف بؤرة وتيماته، مما يستدعي قراءة خاصة للنص الأدبي تتواءم مع خواصه وميزاته، وحين يجيء الناقد عارضاً رمحه في محاولة استكناه حقيقة النص - موضوع الدراسة - فإنه ينطلق من مبدأ أن تحليل الخطاب ماهو إلا علم لاكتشاف الدلالات المعلنة والمضمرة، والمسكوت عنها في الخطاب انطلاقاً من حقيقة ان الخطاب من حيث هو خطاب، آليات مستقلة عن قصد منتجه في إنتاج الدلالة. إن الخطاب علاقة تواصل بين منتج ومتلق، فهو بمنزلة العملة المتبادلة التي لا تتحدد قيمتها من طرف واحد، بل تتحدد من خلال التداول.
هذه توطئة ندلف بها إلى أدغال وثنايا النص المراد في هذه القراءة.
يقول الشاعر:


تعاتبين غيابي.. والهوى عتب
فعاتبي، إن أحلى الحب في العتبِ
إن غبتُ عنك لأمر يا معذبتي
فإن قلبي مقيم فيكِ لم يغبِ
هواكِ سافر في قلبي، وفي قلمي
وأنبت الألق الأزدِيَّ في أدبي

ففي البيت الأول وتحديداً الشطر الأول منه جملة قائمة على التضادية تحمل في طياتها إيحاءات تقريرية من الشاعر مفادها أنه يحق لك العتب في غيابي والمسوغ أن الهوى بقضه وقضيضه عتب اسلوب ممتع ماتع!! أمامنا في الشطر الأول المثال والقاعدة!! الصورة والتعليق!! المعركة والنتيجة، جمل شعرية حمالة أوجه!
في الشطر الثاني يصدر الشاعر أوامره! للآخر بنثر مكنونه ومافي خلجات نفسه من هيجان عاطفي تحت إطار وحدود العتب لأنه في النهاية توصل إلى ناتج بعد عملية حسابية شاقة ومظنية! أن أحلى وألذ مافي دهاليز وخبايا ورماد العشق هو السادية والريادة للعتاب!
هكذا رأى صاحبنا! فللناس فيما يعشقون مذاهب! .
وفي تقديري أن مفردات هذا البيت تشي وتوحي بطريقة غير مباشرة أن للشاعر تجارب خاضها مما مكنه زرع مفردات محاصيلها هي الثقة وبعد النظر بعيداً عن الانزياحات الأدبية، وفي البيت الثاني لسان حال الشاعر يقول: زد غباً تزد حباً فيزعم أنه مهما طال وكثر الغياب فإنك تبقى الأول ولا ثاني بعدك!
«فإن قلبي مقيم فيك لم يغب».
تأملوا معي هذا الشطر يقول على الرغم أننا مبتعدون بعد المشرقين!! إلا أني مسكون فيك وفؤادي في حالة ديمومة معك!!
فللعشق اهله! وفي المنعطف الأخير في ميدان هذا النص يقر الشاعر أن هوى صاحبه استشرى في فؤادي حتى قلمي بات مهووساً بورق من هذا الصاحب، بالفعل انها تراكمات وأدوات وأثاث شعري في أبيات عاطفية مؤثرة..
وفي تقديري أن هذه اللوحة الشعرية علا كعبها وبلغت مبلغ الشمس في جمالها في بعض الأجزاء ذاك لانها اعتمدت على ثلاثية ليست ثلاثية نجيب محفوظ!! ذات بعد وعمق اجتماعي وهذه المحاور هي الشفافية والبساطة ونزعة الثقة.. مما ساهم وعزز في الارتقاء فيها وبها.
عبدالله بن سليمان الربيعان /القصيم

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved