Saturday 25th october,2003 11349العدد السبت 29 ,شعبان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

في إطار الإصلاحات السياسية والإدارية الجديدة في بلادنا.. في إطار الإصلاحات السياسية والإدارية الجديدة في بلادنا..
يسألونك عن الانتخابات الجامعية ؟ وقفة متأنية أمام فكرة انتخاب مدير الجامعة ...
د. علي بن شويل القرني*

قرار مجلس الوزراء بإعادة تنظيم انتخابات المجلس البلدي يمثل تطوراً هيكلياً في البرنامج التنموي السعودي.. وخلال السنوات الماضية تابعنا كثيراً من ملامح التغيير المؤسسي في هذه البلاد.. فقد صدر النظام الأساسي للحكم، ونظام مجلس الشورى، ونظام المناطق، ونظام مجلس الوزراء.. وفي كل جهاز حكومي تقريباً تم استحداث أنظمة حديثة، ولوائح عصرية تواكب المستجدات الدولية وتتعايش مع روح العصر وتوقعات المواطن في إطار ملحمة وطنية تمثل ثورة في المنجزات وقفزة في المفاهيم.
والقرار الأخير بتنظيم هذه المجالس كان بداية طبيعية لمشروع التطوير السياسي والاجتماعي الذي بدأه خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله ويدعمه ويسانده الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد والأمير سلطان بن عبدالعزيز النائب الثاني.. ويتوقع المواطن مزيداً من هذه الإنجازات النوعية في الحياة السعودية المعاصرة.
وبعد قرار تنظيم انتخاب المجلس البلدي، بدأت الأنظار تتجه إلى أكثر من جهة، ولكن تأتي في مقدمة هذه الجهات الجامعات حيث يمكن ان يعود إليها نظام الانتخابات الذي كان سائداً قبل سنوات قليلة. وأثبتت التجارب خلال تلك الفترة ان هذا النظام قد مورس على مستوى عال من المسؤولية والاحترام «باستثناءات محدودة وضيقة وهذا أمر طبيعي».. ولمن لا يعرف هذا النظام نذكر بنقاط أساسية حول هذا النظام في السابق وما يمكن ان يتطور منه في الوقت الحاضر.
1 تمثل الجامعات العقل المفكر للمجتمع والبيئة المناسبة لتطبيقات جديدة في المجتمعات.. وقد استحدثت الجامعات السعودية قبل مدة طويلة نظام انتخابات على مستوى الأقسام والكليات لاختيار رؤساء الأقسام وعمداء الكليات.. وقد كانت الطريقة انه عندما يقترب موعد نهاية فترة لرئيس قسم مثلاً يجتمع أعضاء مجلس القسم ويتشاورون فيما بينهم لمعرفة من سيرشح نفسه لرئاسة القسم، فتتجه الأنظار إلى اثنين أو ثلاثة أشخاص.. وفي الموعد المحدد تعقد جلسة رسمية لانتخاب رئيس قسم تكون برئاسة عميد الكلية، ويتم فيها الترشح أو الترشيح للأشخاص الراغبين في تولي زمام مسؤولية القسم لمدة عامين قادمين.. ثم يتم التصويت إما بطريقة علنية إذا رغب الأعضاء أو بطريقة سرية إذا أرادوا.. وبعدها تفرز الأصوات ويتم الإعلان في حينه عن شخص رئيس القسم الجديد، ويتم الرفع بذلك لمدير الجامعة الذي يعتمد هذا الترشيح.
2 أما بالنسبة لعمداء الكليات، فجرت العادة ان يقوم مجلس الكلية بعرض موضوع العمادة على المجلس ويقوم شخصان أو أكثر بالترشح لمنصب عميد الكلية.. ويتم التصويت لاختيار أحدهم عميداً جديداً.. ويرفع اسم المرشح لمدير الجامعة لاعتماده.. ولكن عادة ما يكون المرشح من بين أعضاء مجلس الكلية الذين هم في أغلبهم رؤساء أقسام ولا تتاح الفرصة في أغلب الأحوال لغير من هم من خارج هذا المجلس الذي عادة ما يكون في حدود عشرة أشخاص.. كما لا تتاح الفرصة لمنسوبي الكلية من غير أعضاء مجلس الكلية على ان يشاركوا في انتخاب عميد كليتهم.. وحسب ظني ان الأستاذ الدكتور عبدالرحمن الطيب الأنصاري عميد كلية الآداب السابق اتخذ إجراء في فترة من الفترات، حيث جمع كل منسوبي كلية الآداب، وطلب منهم ترشيح من يرونه عميداً جديداً للكلية.. واجتمع الأعضاء وطرحت الأسماء، ولكنها كانت مجرد استئناس برأي الأغلبية.. ولكن القرار الرسمي كان بيد مجلس الكلية، حيث يقتضي النظام ذلك.
3 والآن.. سيكون من المناسب في إطار الإصلاحات السياسية والإدارية التي اتخذها ولي الأمر ان يعود مرة أخرى هذا النظام إلى الجامعات.. ويتم تقنين إجراءاته بشكل دقيق... ففيما يبدو ان فكرة النظام الذي كان قائماً كان على شكل تقاليد وأعراف جامعية، ولم يكن ضمن النظام الأساسي للجامعات.
4 ربما يكون من المناسب ان يتم دراسة تطبيق النظام على مستوى مديري الجامعات، فيمكن ان توضع آليات لاختيار مدير الجامعة وفق قواعد تنظيمية دقيقة، بحيث يتم الاختيار من خلال اجتماع يجمع كل أعضاء مجالس الكليات في الجامعة ويصوتون على المرشحين لمنصب المدير، الذي يمكن في حينه ان يتحول إلى منصب رئيس للجامعة.. وقد يكون البديل الآخر هو إتاحة الفرصة لكل أعضاء هيئة التدريس ومن في حكمهم «المحاضرين والمعيدين» ان ينتخبوا مباشرة مدير جامعتهم.. ولا شك ان الكثير ممن تتحدث معهم كانوا يحبذون هذا النظام.
5 إن العملية الانتخابية التي تحاول ان تدفع بها القيادة السياسية في المملكة ينبغي ان تكون مجربة في بيئة من المتوقع ان تكون أكثر وعياً وتقديراً للنظام والإجراءات.. ونحن نعلم ان المجتمع السعودي بكليتهم سيقف بدون استثناء قبل أقل من عام واحد أمام صناديق الانتخابات لاختيار مرشحي المجالس البلدية في دوائرهم الانتخابية.. ونحتاج إلى تجربة سريعة وواعية لمفهوم الانتخابات في بلادنا، لتكون قدوة لغيرها من الانتخابات في مواقع وجهات أخرى..
6 كما نعلم ان لجنة الإصلاح الوزاري قد أوصت في قراراتها الأخيرة «ربيع الأول 1424ه» بأن تكون الجامعات أكثر استقلالية وان يقل اعتمادها على الجهات ذات العلاقة، ومنها وزارة التعليم العالي.. ولكن لا يبدو أن شيئاً تم حتى الآن في هذا الخصوص.. ولكن من المقترحات التي يمكن اقتراحها في هذه المناسبة ان يتم تطوير عمل مجلس الجامعة، حيث إن المجلس هو مكون من عمداء الكليات الذين يختارهم مدير الجامعة ويعتمدهم وزير التعليم العالي.. ولكن يمكن في إطار التفكير بانتخاب مدير «رئيس» للجامعة ان يتم اختيار نصف أعضاء مجلس الجامعة من قبل أعضاء هيئة التدريس مباشرة، ويكونوا ممثلين لهم في القرارات التي تتخذها الجامعة.. وصحيح ان العمداء إذا تم انتخابهم من قبل أعضاء هيئة التدريس ومن في حكمهم مباشرة يكونون ممثلين لهم، الا أن التمثيل قد يكون أكثر دقة وموضوعية إذا تم لأشخاص آخرين يدعمون التنوع العلمي والإداري للأعضاء.. وقد يكون انتخاب عميد لكلية بمواصفات معينة يصلح لإدارة كلية، الا أن اختيار ممثل لأعضاء هيئة التدريس في مجلس الجامعة سيكون بقصد تمثيل مصالح الأعضاء وخدمة أهداف المجلس.
7 كما يمكن ان يتم ترشح بعض أعضاء هيئة التدريس ممثلين للطلاب من الأساتذة المعروفين بخدمتهم العالية لنشاطات وهموم الطلاب في الجامعات.. ويقوم الطلاب والطالبات بترشيح من يرونه ممثلاً لهم في مجلس الجامعة من الأساتذة أو ربما من الطلاب أنفسهم، لأن جامعاتنا والحمد لله تزخر بعناصر واعية ومدركة لخصوصية مجتمعنا العربي السعودي المسلم.. وربما يكون المرشحون الطلابيون من طلاب الدراسات العليا في الجامعة ممن يدرسون الماجستير والدكتوراه..وختاماً، فإننا نرى بأن التعجيل بتبني نظام انتخابي داخل الجامعة سيكون من البشائر التي من المؤكد انه في فكر خادم الحرمين الشريفين وصاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز وبقية المسؤولين في هذه البلاد ضمن مشروعات كثيرة لتحديث وتطوير العمل التنموي في المملكة.. ونرجو ان يكون ذلك قريباً بإذن الله..

* رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية للإعلام والاتصال/أستاذ الإعلام المساعد بجامعة الملك سعود

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved