Saturday 25th october,2003 11349العدد السبت 29 ,شعبان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

وعلامات وعلامات
كتب ومؤلفون.! (13)
عبدالفتاح أبومدين

في عصر مضى سعي بعض أو كثير من المؤلفين الى الكتاب المشاهير، ليكتبوا لهم مقدمات لكتبهم، لأن مقدمة يكتبها الأستاذ الكبير عباس محمود العقاد لكتاب الأديب اللبناني الكبير - ميخائيل نعيمة - الغربال، تضاف الى الكتاب قيمة أخرى، وإن كتاب المقدمات في الغالب، لا يقدمون على كتابتها إلا لما يستحق أن يقدم للقارئ، وإذا كانت الحال غير ذلك، فإن مآخذ ما ينال كاتب المقدمة، ذلك أنه عنى بنص لم ترق قيمته الفكرية الى مستوى كاتب المقدمة، والى المستوى الذي يدفع القارئ الواعي الى الاقبال على ما قدمته اليه المطابع!.
* وكان الأستاذ العميد الدكتور طه حسين، يقبل على كتابة مقدمات لما يعرض عليه من مؤلفات، ولا يعني في استجابة الأستاذ العميد، أنه يقبل على نص لم يرق مستواه الى الحد الذي ينبغي أن يحتفي به من تقدير واحتفاء.. ولا يعني كذلك قبول طه حسين لهذه النصوص التي يتلقاها، أنه في حاجة الى مزيد من الشهرة، أو أن تدني النص يمكن ان يرفع من مستواه مقدمة يكتبها طه حسين، فكاتب المقدمة يحافظ على مستواه المعرفي قبل كل شيء، وإذا كتب مقدمة مكرها - مثلاً -، فإنه لن يجامل صاحب النص، وإنما سيقول رأيه فيما قدم، وينصح المؤلف بالتريث والمزيد من القراءة والدرس حتى يشتد ساعده..!
* وأمامي اليوم قصة الكاتب الأديب محمد السباعي، وهو والد الروائي الأستاذ يوسف السباعي رحمهما الله .. ويقول الدكتور شكري فيصل رحمه الله كاتب المقدمة المطولة لكتاب الدكتور طه حسين، الذي أنا بصدده، إن محمد السباعي لم يتم قصته - الفيلسوف:«وإنما أتمها من بعده ابنه الأستاذ يوسف السباعي» وان قيام طه حسين بكتابة مقدمة قصة السباعي، هو بدافع الاعتراف بالجميل، وتسجيل الشكر لرجلين اثنين وصلا أسبابه وأسباب الجيل الذي كان حوله بأسباب الثقافة الغربية قبل أن يتاح له التماسها في مظناتها، هما محمد السباعي الذي أظهره على شيء من الثقافة الانجليزية، وفتحي زغلول الذي أظهره على شيء من الثقافة الفرنسية، من خلال ما ترجما عن هاتين اللغتين».
* ويتحدث الأستاذ العميد عن الأثر الأدبي، ويشير الى شخصيات القصة وما تناولت من أحداث، وما حفلت به من فكاهة حلوة الى جانب الجد المر، حافلا بمعطيات الأسلوب القصصي عند محمد السباعي الذي «لم يكن يكره الواقع ولا يرفضه وإنما كان يأخذ منه بمقدار، ولا يفرط فيه، بل يرسل خياله على سجيته ويخلي بينه وبين الهيام الحر في الجو الحر. ويتكون من ذلك أدب يجمع بين الواقع والخيال.. وأعجب الأستاذ العميد بحديث الأستاذ السباعي عن القاهريين، وتوقف الدكتور حين مزج السباعي اللهجة العامية بالعربية أحياناً، في توفيق بينهما، الى جانب اهتمامه بالسخرية والتهكم.!
* كما أشار الدكتور الى سخرية الأديب الكبير السباعي «بوزارة المعارف وأساتذتها وطلابها ودكاترتها، الذين يعودون من أوروبا دون أن يتعلموا شيئاً إلا الرفض والعبث، في لغة رائعة» جمعت بين الفصحى والعامية.
* وعنى الأستاذ العميد بأسلوب السباعي، فهو يقدره تارة وينتقده تارة أخرى، لتأثره بالأدب القديم، الذي يحفل بالاستعارة والطباق.. الى جانب ما يقدم من نماذج للآداب الغربية وما تحفل به من دقة، والسباعي كان عالماً بفلسفة الغرب وآدابه، في متابعة متقنة، لأنه وعى ذلك الأدب وأحاط به وأتقنه أحسن اتقان وأدقه، كما يشير الأستاذ العميد.!

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved