Sunday 26th october,2003 11350العدد الأحد 30 ,شعبان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

وتاليتها وتاليتها
إعلامنا والعصر
محمد بن عبداللطيف آل الشيخ

أشار سمو الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية إلى نقطة في غاية الأهمية جاءت في خطابه في الاحتفال الذي رعاه سموه بمناسبة مرور 25 سنة على الإعلام العربي بعد ثورة الاتصالات والمعلومات التي نعايشها قائلاً: (باتت المواجهة بمثل ما هو عليه «سلاح الخصم» انجح الطرق في درء خطره ومخاطره، وعلى أساس من المهنية والصناعة المتقنة لا الاجتهادات الخاطئة، أو الرصاصات الطائشة) مؤكداً أن الإعلام اليوم أصبح من القوة والأهمية إلى درجة أن (من امتلك زمامه حقق أهدافه) كما جاء بالنص في كلمة سموه.. وامتلاك الزمام يعني الموضوعية والمصداقية والحيادية، فضلاً عن التقنية المتقدمة، في التعامل مع المعلومات إعلامياً.
وهذا في تقديري منتهى الوعي المسؤول في مواجهة الإعلام الآخر الذي أصبح اليوم أكثر من أي وقت مضى ذا تأثير على الجماهير في تشكيل ذهنيتها، وتوجيهها، إن سلباً أو إيجاباً، بقصد أو دونما قصد.
ولا شك أن «الشفافية الإعلامية» هي بيت القصيد ومربط الفرس في هذه المواجهة، وهذا تحديداً «ما عليه سلاح الخصم».
وأهمية الشفافية، والتعامل مع الأحداث، والتعاطي معها بموضوعية وحيادية بدلاً من التعتيم عليها واختلاق المبررات لها، تكمن في كونها الخطوة الأولى والمهمة في هذه المواجهة.
حيث أن من شأنها استعادة ثقة المواطن العربي في وسائلنا الإعلامية العربية، بدلاً من اضطراراً للبحث عن الحقيقة في الإعلام الآخر الموجه.
وأتذكر أن العرب في الماضي القريب، وحتى قبيل ثورة الاتصالات، بجميع أطيافهم، ودولهم، شيباً وشباباً، متعلمين ومثقفين وأميين، كانوا يبحثون عن أخبارهم في إذاعة «هنا لندن» وإذاعة «مونتي كارلو» حيث أن هاتين الإذاعتين كانتا تحظيان بقدر كبير من المصداقية، أمام تسلط الدول والأنظمة على وسائل الإعلام العربية، وتدخلها الصارم في ما يجب أن يقال وما يجب ألا يقال، حتى أصبحت هذه الوسائل في النتيجة النهائية مجرد أصوات مرتفعة مجلجلة، لكنها تعيش في صحراء قاحلة يحفها السراب والفراغ من كل جانب، فقد كانت أبعد ما تكون عن الإقناع، وتحقيق أهداف ما وضعت أساساً من أجله.
وهنا لابد من الإشارة إلى عبارة وردت على لسان سمو الأمير الدكتور فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس مجلس إدارة المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق في لقائه الهام والمنشور هنا في جريدة «الجزيرة» الأحد الماضي والذي جاء فيه: (الصحافة مساحة للرأي لا معلقة مديح) وهذا ما يواكب في مضمونه ودلالاته ما قصده الأمير نايف في رؤيته آنفة الذكر.
كل ما أريد أن أقوله في هذه العجالة أن كبار المسؤولين في هذه البلاد يؤكدون إن تصريحاً أو تلميحاً على ضرورة التغير والتطويرر ومواكبة التحديات الإعلامية التي تواجهنا، بموضوعية ورصانة، أو كما قال سمو الأمير نايف: (على أساس من المهنية والصناعة المتقنة لا الاجتهادات الخاطئة).
والغريب أن هذا القول المتفتح والمتحضر بكل المقاييس للمسؤول الأول عن الأمن في هذه البلاد لا يجد صداه كما ينبغي عند بعض الفعاليات الإعلامية، حيث الإصرار على النهج القديم والمتخلف والمغرق في «الدعائية» والتملق والمديح، وسيئة الذكر معزوفة «الإشادة» أو كما سماها الأمير فيصل بن سلمان «معلقة المديح» التي لا تقنع- للأسف- حتى عجائز القرى، الأمر الذي يؤكد ما يذهب إليه البعض من أن بعض كتابنا، ناهيك عن صحفيينا وإعلاميينا، لا يقرؤون ولا يسمعون ولا يتطورون بقدر ما يكتبون، أي أنهم أشبه ما يكونون بالأجهزة التي «تبث» ولا «تستقبل» مما جعلهم يعيشون في أكناف الماضي، وربما الماضي السحيق، لغة ومضموناً وتعاملاً في أطروحاتهم الإعلامية، حتي أصبح جل ما يكتبون لا يعدو أن يكون إلا صوتاً قديماً متكلساً لا علاقة له بالزمان والمكان إلا كعلاقة «الانتيك» بعصرنا الحاضر. ولله في خلقه شؤون...

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved