Sunday 26th october,2003 11350العدد الأحد 30 ,شعبان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

بموضوعية بموضوعية
الدخل النفطي الحقيقي لدينا أقل بنسبة 20%
راشد محمد الفوزان

تفاجأت حين قال لي أحدهم أن الاقتصاد الأمريكي ينهار «برأيه» وأن أكبر الدلائل على ذلك هي العملة العالمية الأولى في العالم تفقد قيمتها يوماً بعد يوم، وأن الاقتصاد الأمريكي يعاني الكثير من المصاعب سواء من خلال العجز بالموازنة الأمريكية أو البطالة التي أصبحت تشكل مشكلة حقيقية للإدارة الأمريكية، وجدت أن الأمنيات كبيرة بأن يكون الاقتصاد الأمريكي أكثر صعوبة وفقدا لقيمة عملته وهي الدولار.
لا أعرف سبباً منطقياً يرحب به الكثير وأقصد به انخفاض الدولار وهؤلاء غالبا اما أنهم لا يعرفون الأثر لهذا على الاقتصاد السعودي ومن منطلق المصالح لا أكثر أو أنهم يميلون كل الميل من خلال العاطفة التي يقيمون بها كل شيء ويرون أن كل انخفاظ أو انهيار كما يبدو لهم للاقتصاد الأمريكي انه شيء إيجابي، وأن من يعيش الممارسة التجارية الحقيقية يدرك أهمية الدولار كعملة ولغة دولية لا يمكن تجاهلها وإن تمنينا ذلك، لكن لنكون أكثر واقعية وهي أن الاقتصاد الأمريكي هو قلب هذا العالم فإن تغير وتأثر فهو يعني معاناة لكل الجسد، ولعل أبرز ما يتضح لنا هو أن معدل أو سعر الفائدة المنخفض والسائد الآن يوضح ذلك فهي بحدها الأدنى عالميا، إذاً لماذا لا نجد عملات ودولاً أخرى تقدم أسعار فائدة أعلى مما يقدم الدولار الآن، وهنا الموضوع يتشعب بقياس سعر الفائدة بالدول النامية التي تبحث عن السيولة ولكن لو بحثنا المعادلة السعرية بين العملات لوجدنا انها نفس الشيء وأتحدث عن الريال ولكل متعامل بالعملة المحلية.
حين نكون أكبر دولة نفطية في العالم تصديراً واحتياطيا وهذا كواقع سيستمر لسنوات طويلة، وحين يكون النفط مسعر بالدولار كعملة ثابتة ارتضتها أوبك والاقتصاد العالمي، ونجد ان من مصلحة هذه الدولة النفطية والسعودية إحداها أن يكون الدولار بأفضل حالاته وقوته، ولكن نجد أن الوضع الحالي غير ذلك، ونجد أن الدولار فقد قيمته كثيراً أمام العملات الدولية الأخرى وأقصد بها بالدرجة الأولى «اليورو» و«الين» و«الجنيه الاسترليني» لقد فقد الدولار ما قيمته 20% أمام اليورو، وهنا لا بد من الاشارة الى ان حجم التجارة مع دول اليورو بالنسبة للمملكة هي كبيرة وتقدر بعشرات المليارات من الأدوية التي بدأت تظهر أسعارها مرتفعة الان بما يقارب 20% أيضا أو من خلال السلع والخدمات القادمة لنا من هذه الدولة، وهذا يعني أن أي سلعة أوخدمة يتم استيرادها من دول الاتحاد الأوروبية هي مرتفعة السعر مقارنة بالعام الماضي على أبعد تقدير 20% والجنيه الاسترليني يوم الأربعاء الماضي وصل لمستويات مرتفعة لم يصل لها منذ 3 سنوات وهو يعني فقد الدولار مزيداً من قيمته أمام هذه العملات وينطبق أيضا على الين، وهذا يعني أننا نفقد ما لا يقل عن 20% من دخلنا القومي من خلال فرق العملة فقط، وهذا شيء سلبي لدينا بكل معنى الكلمة.
ارتفاع النفط وأسعاره التي وصلت لحدود جيدة ومتوسط النفط العربي الخفيف 30 دولاراً، ولكن يجب الفهم والادراك أننا نفتقد منه 20% مع دول الاتحاد الأوروبي من مشترياتنا مع هذه الدول وأيضا ينطبق مع الجنيه الاسترليني والين، وهذا يعني أن نحسب الدولار أو سعر البرميل إذا كان المتوسط هو 30 دولاراً بأنه حقيقة يساوي 24 أو 23 دولاراً والأوبك تستهدف 25 دولاراً كسعر عادل إذا يفترض السعر العادل للنفط هو على الاقل 32 دولاراً ليكون سعراً مستهدفاً لها وهي تبيع النفط الآن بسعر حقيقي لنا يعادل 24 دولاراً وليس 30 دولاراً.
الولايات المتحدة تفضل سعراً منخفضا للدولار ولا شك وهو من وعوامل التشجيع للتصدير ولتكون السلع الأمريكية أكثر جاذبية سعريا ولكي يكون ميزان المدفوعات أكثر توازنا خاصة مع الصين واليابان والتي تمارس الولايات المتحدة معها ضغوطا لفتح أسواقها وهنا العامل السياسي يؤدي دوراً مهما في تسعير الدولار أما من خلال السياسات المالية والنقدية أو القرار السياسي نفسه، ولكن أخيراً أقول لكل من استبشر بانخفاض الدولار أن أول المتضررين هو اقتصادنا الوطني وبالتالي المواطن وتأثر ذلك بارتفاع الأسعار ولا يتم قياس الشأن الاقتصادي والمالي بعاطفة أو أمنيات لا تعني شيئا غير الضرر فقط.

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved