Tuesday 4th november,2003 11359العدد الثلاثاء 9 ,رمضان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

أضواء أضواء
احتواء ظاهرة مقتدى الصدر
جاسر عبدالعزيز الجاسر

مع تزايد أعمال المقاومة العراقية، وارتفاع وتيرتها كماً وكيفاً، بدأت ظاهرة مقتدى الصدر بالتراجع منذرة بالانطواء بعد الضغط على نجل الزعيم الشيعي العراقي الراحل محمد باقر الصدر وحصره ضمن حدود أطره الدينية، وقد لاحظ المتابعون لظاهرة مقتدى الصدر أن نبرة التحدي التي كانت تصاحب أقوال مقتدى الصدر في مواجهة قوات الاحتلال الأمريكي، قد تحولت إلى نوع من المهادنة، بل تجاوز الأمر ذلك إلى اعتبار وجود القوات الأمريكية أمراً مطلوباً للتخلص من نظام صدام حسين الذي اعتبره عدو العراق وليس الأمريكيين.
هذا التحول في مسيرة مقتدى الصدر الذي أعلن تنصله عن أية أعمال موجهة ضد القوات الأمريكية سواء في مدينة الثورة «الصدر» أو في باقي ضواحي بغداد، يرده المتابعون لهذه الظاهرة، إلى أن الصدر قد استجاب للتهديد والترغيب اللذين مارستهما معه ثلاثة أطراف، وهي المراجع الشيعية الكبرى التي وجدت في أعمال وأقوال مقتدى الصدر خروجاً على الأعراف الشيعية التي لا تقبل تجاوز المراجع الشيعية العليا وبما أن مقتدى الصدر لم يصل بعد إلى هذا المستوى، فإن عليه أن يقتدى بمرجع، لا أن يزاحم المراجع العليا مثلما حدث منه من مواجهات مع المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني.
أما الطرف الثاني، الذين اصطدمت طموحات مقتدى الصدر بقوتهم السياسية والطائفية، فهم أعضاء مجلس الحكم العراقي الانتقالي من الشيعة، فهؤلاء الأعضاء الثلاثة عشرة، وخصوصاً ممثلي الاحزاب الشيعية الكبيرة، كعبدالعزيز الحكيم رئيس المجلس الأعلى للثورة الاسلامية ومحمد بحر العلوم، وإبراهيم الجعفري رئيس حزب الدعوة الإسلامي، وأحمد الجلبي رئيس حزب المؤتمر العراقي، وإياد علاوي رئيس حزب الوفاق، هؤلاء الخمسة الكبار من زعماء الشيعة السياسيين والدينيين مارسوا ضغوطاً مصحوبة بترغيب لمقتدى بأن يترك «ضجيجه» وشق صفوف الشيعة بإعلان معارضته لوجود الأمريكيين.
ويظل الطرف الثالث، هو صاحب الحل والربط الآن في العراق ونقصد به المحتل الأمريكي الذي وجد أن من الحكمة استيعاب ظاهرة مقتدى الصدر وتحييده ضمن إطار الاحزاب والتنظيمات الشيعية، التي ترفع شعار المقاومة السلمية وتتحدث عنه كثيراً في حين استطاعت الإدارة الأمريكية المحتلة فتح قنوات تفاهم واتصال مع الفعاليات الشيعية التي ترى أن من مصلحتها تهميش ظاهرة مقتدى الصدر، إن لم تستطع صهره ضمن الإطار الشيعي.
كل هذه العوامل والضغوط مع إعطاء وعود بمنحه جزءاً من «الكعكة العراقية» جعلت مقتدى الصدر يهدئ اللعب مع الأمريكيين، ويذهب إلى طهران لطلب النصح مثلما فعل ذلك قبله عبدالعزيز الحكيم.

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved