Tuesday 4th november,2003 11359العدد الثلاثاء 9 ,رمضان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

موقف المملكة من الإرهاب «الغلو والتطرف» هل كان متساهلاً كما قالوا!! موقف المملكة من الإرهاب «الغلو والتطرف» هل كان متساهلاً كما قالوا!!
وقفات ونظرات ونقدات
يوسف بن محمد العتيق

الموقف من الإرهاب، أو الحرب على الإرهاب، أو أنت معنا أو مع الإرهاب بالمفهوم الأمريكي!! كلمات ومصطلححات وعبارات خرجت على العالم بأسره وبخاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، ثم تأكد الحديث عنها بعد أحداث مدينة الرياض المؤسفة، وأحداث مدينة الدار البيضاء في المغرب الشقيق.
وكان من الطبيعي أن يكون لكل دولة من دول العالم موقفها في التعامل مع الإرهاب وفق منهجها وتصورها لهذا الموضوع أو بحسب الرغبة أو الرهبة «!» من القطب الأوحد أمريكا.
وهنا وحتى أكون بعيدا عن العواطف أو المزايدات أحببت أن أذكر بالموقف السعودي من الإرهاب «الغلو والتطرف» والأسس التي قام عليها والمعالم التي سار عليها هذا الموقف، مع التذكير والتأكيد على أن هذا الموقف ليس معصوماً بل هو رؤية توصل إليها صانع القرار السعودي، من خلال دستوره الذي هو القرآن الكريم، والسنة النبوية المطهرة ومحاولة معرفة هل هذا الموقف طرأ عليه بعض التساهل أم أنه مستمد من سياسة وخطوط عريضة لهذه الدولة فإلى هذا الموقف.
عدم التأثر بالضغوط الخارجية والالتفات لها
وهنا تأتي مسألة مهمة فمنذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر والمملكة تواجه حملة شعواء فيما يتعلق بدعمها للعمل الخيري، ومع ذلك لم نجد ان المملكة أوقفت عملها الإغاثي والإنساني للكثير من الدول الإسلامية والمحتاجة لأنها واثقة من نفسها والقنوات التي تصل إليها معوناتها، ولأن المملكة ترى أن العمل الخيري والإغاثي استراتيجية لديها وواجب عليها تجاه المسلمين في كل مكان لأنها الشقيقة الكبرى لكل المسلمين وحاضنة قضاياهم فهي أرض الحرمين والرسالة، وفي اليومين المنصرمين صرح صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز وزير الدفاع والطيران والمفتش العام بتصريح مهم في هذا المجال بين فيه ان هذه الحملات لن تغير من توجه المملكة في عمل الخير ودعمه.
فالمملكة العربية السعودية صاحبة مواقف ثابتة لا تتغير بحدوث ما يعكر هنا أو هناك كما أن دعم العمل الخيري هو استراتيجية ومنهج لها وليست تصرفات مؤقتة لمصالح سياسية كما هو الحال بغيرها.
المرجع الكتاب والسنة
وهذا هو المبدأ الذي سارت عليه هذه البلاد في كل قضاياها وستستمر عليه بإذن الله فالكتاب والسنة هما ما يعطياننا التصور الدقيق في الحكم على كل عمل، ومن اجل هذا تجد أن حديث ولاة الأمر والعلماء وحكمهم على من تورط في هذه العملية إنما هو حدث بعد النظر في النصوص الشرعية وبيان ما فيها من أحكام شرعية في خطورة قتل المسلم والمعاهد، والخروج على ولي الأمر الشرعي، فنصوص الدين هي التي أعطتنا التصور ومن ثم الحكم على من قام بهذه الأعمال بأنه غالٍ ومتطرف ووقع في إرهاب الآمنين، ونصوص الدين الإسلامي لاشك أنها وضحت معالم المنهج في التعامل مع هذا الموضوع بدقة عالية، وبينت الخطورة والعواقب التي ستطال كل منحرف في الدنيا والآخرة.
لا تؤخذ الجماعة بجناية الفرد
والمقصود هنا أننا نجد - ومع كل أسف - أن بعض الحكومات والدول تعاقب الجماعة بجريمة الفرد منها، والمتأمل في موقف المملكة أنه يتعامل مع أسرة كل جانٍ تعاملا طبيعيا، فيه الطمأنة لهم والتأكيد على ولائهم، وأنهم كانوا وما زالوا عن ثقة ولاة الأمر بهم، وان ما حدث من أحد أفراد الأسرة ما هو إلا حالة شاذة لا يحاسب عليها سوى مرتكبها.
ومن المشاهد الجملية التي رآها المواطن السعودي عبر وسائل الإعلام في هذه الظروف الصعبة استقبالات القيادة للمواطنين وأبناء القبائل واعيان البلدان الذين رفضوا هذه الأعمال الإرهابية وبعض الجناة من أقارب هؤلاء مما يدل على أن ولاة الأمر يعرفون أن الجاني لا يمثل إلا نفسه وأن أسرهم هي أول الرافضين لهذه الأعمال.
يخدم الجاني نفسه حين يسلم نفسه
وهذا ما كرره وزير الداخلية الأمير نايف أن من سلم نفسه للسلطات المختصة سيخدمه ذلك في سير التحقيق، وسينعكس إيجاباً عليه، وقد يظن البعض أن مثل هذا الموقف فيه نوع من التساهل مع المجرم، مع ان هذا الموقف هو ما يكون له أكبر الأثر في تعطيل نوايا المفسدين، فلو أن أي مسؤول قال عن جانٍ انه حتى ولو سلم نفسه فلن يفيده ذلك شيئاً، لا شك ان الجاني سيزيد من عمله الإجرامي لان النتيجة واحدة في كل الأحوال والظروف.
الحوار
وهو أفضل الطرق بل أقصرها وأكثرها جدوى في التعامل مع كل فكر منحرف، فالحوار والنقاش والتوجيه يختصر كل الطرق وهو مناقشة علمية مع منحرف تفوق سجنه عدة سنوات، ومن أجل هذا كانت من أبرز المعالم السعودية في التعامل مع الإرهاب أن صدر قرار عن القيادة العليا بإنشاء مركز وطني للحوار يحمل اسم مؤسس هذه البلاد، وقد صرح الأمير نايف بن عبدالعزيز بهذا الأمر اكثر من مرة، حيث سبق أن قال في مناسبة سابقة:«إن مكافحة ظاهرة الإرهاب التي حظيت باهتمام مجلس وزراء الداخلية العرب لا تأتي عن طريق القمع وإنما بالتوجيه والتعليم وخاصة الذين تورطوا في أعمال إرهابية قد ضلوا الطريق وعليهم العودة إلى صوابهم وأن القضاء هو المرجع في هذا الموضوع.
هل طرأ تساهل على موقف المملكة؟!
لعل البعض يجهل أن موقف المملكة في هذه الأزمات لم يكن جديداً فقد مرت المملكة بأكثر من حدث إرهابي، وكان تعاملها مع هذه الأحداث التعامل نفسه لأنه موقف لا تتغير مصادره فهي تعتمد على الكتاب والسنة، فمن أجل هذا يعلم كل مطلع على الأمور أن الموقف السعودي هو موقف عقلاني وموضوعي لكن التغير قد يكون لديها الرغبة في الضغط على الموقف السعودي في القضية الفلسطينية التي هي قضية المملكة والمسلمين الأولى، فمن أجل هذا كان لابد أن تأتي التهم برمي موقف المملكة بالتساهل وغير ذلك.هل هناك ملحوظات على موقف المملكة من الإرهاب؟وهذه ملحوظات شخصية بعضها أساسي والبعض الآخر قد يكون فرعياً، والمهم في الأمر أنها تساؤلات في هذا المجال.
المصطلحات العائمة
فمما يصب في هذا التوجه ان الحديث دائماً ما يكون عن الارهاب، وهذا المصطلح حتى هذه اللحظة محل نقاش كبير بين الجميع فهو عائم، فما يسمى هنا ارهاب هناك من يسميه مقاومة، أو الحق المشروع في الدفاع عن الأرض والمقدسات، مع أن مصطلحات «غلو أو تطرف أو تشدد» تؤدي المعنى المقصود بدقة عالية، فكلمة غلو لن يفسرها أي أحد بتفسير يحتمل عدة اوجه جيدة وسيئة، فلن يأتي من يقول ان الغلو محمود.وكما لا يخفى على القارئ الكريم أن الغلو أو التشدد وردت نصوص شرعية في ذمه وحملة المملكة على الارهاب ليست حملة سياسية بقدر ما هي حملة تستمد واقعها وتوجهها من النصوص الشرعية التي تبين عظمة الاسلام وأنه دين التسامح الدين الذي يأخذ الموقف السليم من الغلو والتشدد والتطرف.
وليس معنى هذا أنني ألغي مصطلح ارهاب من قاموسي بل ها أنا استخدمه حتى في عنوان مقالي لكن هي مقترحات ومناقشات أرجو أن تجد لدى المختصين الاهتمام.
الإعلام!!
يقول البعض أننا لم نستفد كثيراً من الإعلام في هذه الأزمات، بل قد يكون الإعلام يؤدي الدور العكسي إذا لم نستثمره الاستثمار الأمثل وعن طريق الأشخاص القادرين على القيام بهذه المهمة القيام العلمي المنضبط بأصول وقواعد سليمة.وتكمن ابرز ما نسمع من ملحوظات على التعامل الإعلامي مع هذا الموضوع في الملحوظات التالية:
«1» تأخر الخبر الرسمي مع وضوح الحادثة للجميع مما يجعل الشائعات تنتشر انتشاراً يصعب فيما بعد استئصالها.
«2» اختصار الخبر اختصاراً قد يجعل الزيادات مقبولة عند البعض حتى لو كان مصدر هذه الزيادات أشخاصاً دون مستوى الثقة، لكن خروج الخبر غير مكتمل الأركان يجعل البعض يبحث عن الحلقة المفقودة في نظره.ولعل ما سبق من المعالم هي أبرز معالم المنهج السعودي في التعامل مع الإرهاب، وهو مبدأ استمد توجهه من الكتاب والسنة، وهو كفيل بإذن الله باستئصال هذه الأفكار والغلو من بلادنا الغالية، وتلا ذلك بعض ما أظنه نقداً هنا وهناك، كان الدافع للكتابة في هذا الموضوع النقاش والحوار في أمر أصبح لا يخص بلداً دون بلد، بل هو حديث العالم بأسره، ونسأل الله أن يوفق الجميع إلى كل خير.

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved