قبل شهر وبالتحديد في 6 من تشرين الثاني «أكتوبر» من هذا العام، نظمت أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية المؤتمر العربي الدولي لمكافحة الفساد بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة.
وكون أكاديمية نايف، مؤسسة علمية تدريبية عليا لإعداد المختصين والباحثين في العلوم الأمنية وعلوم مواجهة الإجرام والانحرافات والتصدي للأمراض الاجتماعية التي تستشري في المجتمعات فتصيبها في مقتل، ولأن الفساد يشكل الآن الضلع الثالث لمثلث الشر الذي يضم الأمراض الاجتماعية، فالفساد بالإضافة إلى المخدرات والإرهاب، أخطر ما يهدد المجتمعات في العصر الحديث، ولهذا فقد كان إسهاماً إيجابياً، ورائعاً من الأكاديمية الاهتمام بهذا الجانب كجهد عربي يسجل لهذه المؤسسة العلمية الأمنية إلا أنه يظل جهداً أكاديمياً، طالما ظلت أبحاث ودراسات المؤتمر حبيسة المكتبات قليلة الاستفادة منها، لانحصارها على الفئة التي شاركت وحضرت جلسات المؤتمر التي تمخضت عن أبحاث وأوراق عمل مهمة جداً يحتاجها المختص، والمسؤول، والسياسي والمثقف.
والفساد وباء خبيث له آثار واسعة النطاق تفتك بالمجتمعات، إذ إنه يقوِّض الديمقراطية وسيادة القانون، ويقود إلى انتهاك حقوق الإنسان، ويفسح المجال لتفشي الجريمة المنظمة والإرهاب وغيرها من الأخطار التي تهدد الأمن البشري.
والفساد ظاهرة شريرة توجد في جميع البلدان: كبيرها وصغيرها، غنيِّها وفقيرها، ولكن آثارها تحدث أقصى تدمير لها في الدول النامية، ويؤذي الفساد أكثر ما يؤذي الفقراء، وذلك باختلاس الأموال المخصصة للتنمية وتحويلها عن أغراضها، باستقطاع أجزاء كبيرة من أموال المشاريع على شكل عمولات، ورشاوى، مما يضعف قدرة الحكومات على توفير الخدمات وتنفيذ المشاريع التنموية مما يكرس بالتالي عدم المساواة والظلم وصرف المستثمرين الأجانب عن الاستثمار وتقديم المعونة.. ولذا فالفساد عنصر رئيسي في قصور الأداء الاقتصادي وعقبة كبرى تحول دون التخفيف من حدة الفقر والتنمية.
ولقد تنبهت الأسرة الدولية للمخاطر الجَمّة لتفشي الفساد، وبعد جهود حثيثة للمجتمع الدولي وضعت اتفاقية ضد الفساد واعتمدتها الأمم المتحدة في يوم 31 تشرين الثاني «أكتوبر» من هذا العام 2003م، وقد اعتبر السيد كوفي عنان الأمين العام للأمم المتحدة اعتماد هذه الاتفاقية إنجازاً مرموقاً، ولكنها مجرد بداية لإزالة واحدة من أكبر العوائق التي تعترض طريق التنمية.
| 
