Thursday 6th november,2003 11361العدد الخميس 11 ,رمضان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

إنه زمن أصبحنا نرى فيه العجب العجاب إنه زمن أصبحنا نرى فيه العجب العجاب

في اليوم الرابع من شهر رمضان المعظم حملت لنا هذه الصحيفة الغالية خبر ذلكم الحارس الذي إعتدى على مديره، وفي الحقيقة أني حينما قرأت الجزئية وجدت في نفسي شيئاً ما وأحسست في صدري كلاما يجيش فأحببت أن أقوله فكانت هذه الكلمات فأقول بعد باسم الله:
لقد دعانا الشرع المطهر إلى حسن وتحسين الأخلاق وتهذيبها في جملة من الآيات الكريمة وكم هائل من الأحاديث الشريفة مابين ترغيب وترهيب وما بين أمر ونهي وأمرنا كذلك بالبعد كل البعد عن كل ما من شأنه أن يخدش هذا الحاجز المبجل وهو حسن الخلق، وحثنا كذلك إلى احترام عباد الله وعدم ازدرائهم وتحقيرهم، وفي مقابل ذلك أيضاً وجهنا إلى إنزال الناس منازلهم، فياليتنا نستشعر هذه المعاني وهذه التوجيهات الرائعة والسديدة من أشرف خلق الله وياليتنا نطبقها على أرض الواقع وفي حياتنا اليومية.
وحسن الخلق أمره عظيم في الإسلام وشأنه شأن كبير وهو من أجلِّ القربات إلى الله عز وجل لثقله على النفوس وإن كان العبد ليبلغ بحسن الخلق درجة الصائم الذي لايفطر والقائم الذي لا يفتر كما عبر بذلك المصطفى صلى الله عليه وسلم، لذلك تجد أن من يتحلى بالأخلاق الفاضلة هم أناس آية في العلم والفهم وأناس عرفوا هذه الجزئية المهمة في حياتهم الدنيا والأخرى واستشعروها فأنزلوها على أرض الواقع ليعافسوا بها جهلة بني آدم والسيئ منهم. لذلك أصبحت الأخلاق ميزاناً أعلى في الإسلام يوزن به الرجال.
فإذا ذكر الكرم ياترى من يذكر؟!
وإذا ذكر الحلم والأناة ترى من يذكر؟!
وإذا ذكر العدل ترى من يذكر؟!
هذا في جزئيات بسيطة بز فيها أناس أقوام آخرون، أما إذا ذكرت الأخلاق عموما فعدد ما شئت أمثالاً من سلفنا الصالح رضوان الله عليهم ابتداء بالحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم وأسوة به.
لذلك أخي القارئ الكريم أتساءل كثيراً حينما أرى أو أسمع مثل هذه المواقف التي تحصل بين المسلمين في تعاملاتهم الحياتية بل أحياناً ممن تربطهم أواصر قوية من نسب أو محبة، كيف يرضون بتدخل الشيطان وسيطاً ويسمحون له بأن يجعل عليهم سبيلا، أين الحب؟ أين الشفقة؟ أين الرحمة؟ أين المودة؟ أين توجيهات المصطفى صلوات الله وسلامه عليه؟.
إننا في زمن أصبحنا نرى فيه العجب العجاب من الأفعال والظواهر الغريبة والمريبة التي تبعث في نفوس العقلاء اللوعة والأسى، حيث أصبحنا نرى فيه أفراداً من نوع آخر، قد عبأ كل واحد منهم وشحن نفسه بشحنات السالب ليعادي بها كل من رآه مخالفاً لفصيلته وشحنته بطباع شريرة وأساليب ماكرة وشيطانية، بل وحتى معظم الناس اليوم أصبحوا مشحونين ومعبأين تعبئة غريبة لم نعهدها من قبل حيث أصبحوا حادين الطباع وغلظ منطقهم وعبست وجوههم فقلما تجد من يبتسم في وجهك ابتسامة صادقة، فهم مستعدون لأدنى سبب يخول لهم الاعتداء والضرب فهم هائجون بلا سبب ثائرون بلا تعب. والويل لك كل الويل إن حدثت أحدهم أو أثرت مكامن حقده وما بداخل قلبه، بل حتى إنك لتعجب من حال كثير من الخلق حيث ترى أحدهم قد امتطى وركب بسيارته ليسير بجوارك ويلتفت عليك التفاتة حتى إنك لتخاف معها أحياناً على رقبته أن تسقط كل هذه الالتفات لم يكلف فيه نفسه ما هو أقل من ذلك وهو أن يلقي التحية على أخيه المسلم فواعجبا لهؤلاء الثلة وتبا لهم آذونا بزيغ أبصارهم وحدة نظراتهم.
ولست هنا في مجال تعداد سلبيات المجتمع ومظاهر العوج فيه فهذا لايفيد، ولكن أدعو إلى الإصلاح والتعاون والتكاتف والحرص على متابعة منهج سيد المرسلين ونبذ وطرح الحجج والآراء الشيطانية التي أفسدت علينا الكثير حينها ستزول بعون الله هذه المظاهر وينعم المجتمع بأخلاق جميلة وصداقات حميمة وصداقات حميمية وعموماً فالمظاهر والسلبيات المعوجة كثيرة في كل البلدان فكل قد أخذ بحظه الوافر منها فهم ما بين عادات وموروثات، وإذا نظرنا مثلا إلى المجتمع الشامي نجد الهدوء والبرودة سمتان بارزتان على أهل تلك الديار، ولعلي هنا أذكر طرفة مناسبة ذكرها لنا أحد الشاميين حيث يقول:
أهل دمشق الأصليون أعني الذين ولدوا فيها وليس من نزحوا إليها يقول هؤلاء فيهم تجمد في طباعهم بل حتى في كلامهم بل حتى أنك إذا سمعت متحاورين يتحاوران ما مللت من لهجتهم الجميلة المطولة ويقول من تجمد طبعائهم إذا تشاجر صاحب محل مع جاره فهما يتشاجران ويتناقشان وكل واحد منهما جالس على كرسيه حتى إذا بلغ من أحدهم الغضب كل مبلغ قام من كرسيه وقال باللهجة الشامية «بتخاناً» فيجيب الآخر أن لا فيرجع إلى كرسيه، فسبحان من ركب هذه الطباع، ومايز وفاضل بين شعوب الأرض.
وقفة:
وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت
فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا

محمد بن عبدالعزيز الكريديس - بريدة
abohakeem.thbat.net

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved