Thursday 6th november,2003 11361العدد الخميس 11 ,رمضان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الأميرة سارة العنقري تحوِّل قرية الطفيل من صناديق خشبية إلى سكن نموذجي الأميرة سارة العنقري تحوِّل قرية الطفيل من صناديق خشبية إلى سكن نموذجي
17 مليوناً تكلفة بناء 106 وحدات سكنية لأهالي الطفيل
سارة العنقري تتبرع بإفطار أول أيام رمضان لأهالي الطفيل

* تحقيق - علي العمري - أحمد العمري
تحوّل المنظر بقرية الطفيل من صناديق خشبية وبيوت شعر تملؤها الرمال والدواب والحشرات تفتقد الى كل الظروف الصحية والطبيعية الضرورية لتكون صالحة للعيش نعم لقد تحوّلت هذه البيوت الى مساكن نموذجية وحدات سكنية تجمع كل المناخ الكامل للمسكن والبيت لهؤلاء الناس أهالي منطقة الطفيل حيث كان أهالي المنطقة يعانون من شدة الفقر والعوز في مأكلهم ومشربهم قبل المسكن وجاءت سارة العنقري لتزيح هذه الغمة عن هؤلاء الفقراء وذلك بعد توفيق من الله ثم مساعدة أهل الخير واستجابة وتلبية لدعوة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني لمكافحة الفقر وتأمين السكن استطاعت اللجنة النسائية العليا للخدمات الاجتماعية والانسانية بمنطقة مكة المكرمة انجاز أول مشروع خيري لاسكان الفقراء في قلب الصحراء وهو واحد من أهم المشروعات الخيرية التي تنفذ في منطقة مكة المكرمة.
قرية الطفيل «فقر وعوز»
تقع قرية الطفيل على بعد 135كم عن محافظة جدة وحوالي 90كم عن مكة المكرمة يسكن هذه القرية ثلاث قبائل هي القنازعة والحساسنة والفطمة ويقدر عددهم بأكثر من 500 شخص يسكنون المنطقة حيث كان هؤلاء البدو يعانون ويكابدون هموم الصحراء في الصيف والشتاء حيث إنهم يسكنون بيوتا مؤقتة عبارة عن الواح من الأخشاب والزنك والصفائح الحديدية تدق بالمسامير فقط لتحجب حرارة الشمس عنهم في القيظ وحر الصيف وبعض هبوب الرياح الباردة في الشتاء لم يجدوا ما يقتاتون به حتى يكون لديهم بيوت تؤويهم وأكثرهم من كبار السن والعجزة والأطفال يفتقرون لأبسط مقومات الحياة طوال الأعوام الماضية وهم يحتكمون لأمر الله ناهيتهم أنفسهم عن مد أيديهم للناس.
طفيل بعد زيارة الأميرة سارة
قامت الأميرة سارة العنقري رئيسة اللجنة النسائية العليا للخدمات الاجتماعية والنسائية بمنطقة مكة المكرمة برفقة عضوات من اللجنة بزيارة الفقراء بقرية الطفيل بعد ما علمت بحالهم اتجهت الى منازلهم وتقصت احتياجاتهم وتم تمحيص الظروف المعيشية لهم ثم اقترحت اللجنة بناء مجمع سكاني اقتصادي متعدد الفئات يتم جمع تكاليفه المادية من رجال وسيدات أعمال أبدوا تجاوباً مميزاً لدعوة صاحب السمو الملكي ولي العهد وكذلك أبدوا تعاطفا مع سكان الصناديق الخشبية وتحت جهود خرافية من سارة العنقري وباقي العضوات تم اعداد دراسة متكاملة تحتوي عدد العائلات وعدد أفراد كل عائلة وكذلك رصد احتياجاتهم في حال تجميعهم في منطقة سكنية واحدة وتم الاتفاق على تجميعهم في حي واحد متكامل يحمل اسم «الاسكان الاقتصادي» يحتوي على المرافق الحياتية الضرورية ويتكون من عدة فئات سكنية استناداً لعدد أفراد العائلة.
* تحرك سريع وانشاء قرية نموذجية بعد الاطلاع على أحوال هؤلاء الناس قامت هذه اللجنة والتي ترأسها سارة العنقري بالتحرك السريع والانتهاء من الاعدادات الأولية للمشروع وتسليمه لاحدى الشركات الكبيرة للبدء بالتنفيذ.
حيث يقول المهندس كناز مدير المشروع لقد بدأنا العمل بمتابعة مستمرة من الأميرة سارة وبتوجيه دقيق حيث كانت فئات بيوت الحي الاقتصادي المخصص لتسكين فقراء وبدو منطقة الشعيبة تشمل 26 وحدة مخصصة لتسكين الأرامل وتتكون كل وحدة سكنية من غرفة واحدة ومطبخ وحمام وحوش بمساحة 998م مترا مربعا يحيط به سور خارجي بارتفاع 220سم، ويصل تعداد الفئة الثانية الى 45 وحدة تكفي فردين الى ثلاثة أفراد وتحتوي على غرفتين ومطبخ وحمامين وحوشين منفصلين بمساحة 158 متراً مربعاً يحيط بها سور خارجي بارتفاع 220سم. أما النموذج الثالث فيتكون من 35 وحدة سكنية تستوعب خمسة أفراد فأكثر مكونة من ثلاث غرف ومطبخ وحمامين وحوشين منفصلين بمساحة 215 متراً مربعاً يحيط بها سور خارجي بارتفاع 220سم. مشيراً الى ان كافة الوحدات مزودة بالماء عن طريق حفر آبار ارتوازية ومزودة بالكهرباء والصرف الصحي وغيرها من الخدمات الضرورية.
الانتهاء من المشروع
يضيف المهندس كناز مدير المشروع أنه تم بحمد الله الانتهاء من تنفيذ المشروع بفترة زمنية قياسية وذلك نظرا لشدة خطورة الأمر حسب توجيهات سمو الأميرة سارة وقد تم انشاء الوحدات السكنية والبالغة 106 وحدات سكنية عائلية وبنظرة الى الوحدات نجد ان كل مجموعة تبعد عن الأخرى مسافة تصل الى 200م فيما تبعد كل وحدة عن الأخرى داخل المجموعة الواحدة مسافة «100»م وذلك مراعاة للخصوصية فيما تضم كل مجموعة قرابة 40 وحدة سكنية وقد استخدمت الخرسانة الخفيفة التي تعادل 7 أضعاف البلك العادي في التحمل لبناء تلك الوحدات المدعمة بالعازل الحراري وذلك لتخفف من حرارة الشمس وكذلك يتم ربط المجموعات الثلاث والشارع العام بطريق اسفلتي بعرض 8م يشق الوحدات السكنية.
مع إطلالة شهر رمضان
حرصت الأميرة سارة العنقري وباقي عضوات اللجنة النسائية العليا للخدمات الاجتماعية والنسائية بمنطقة مكة المكرمة على أن يكون حلول هذا الشهر الكريم على أهالي منطقة الطفيل بشكل مختلف عن كل عام فمع أول يوم من شهر رمضان المبارك قامت الأميرة سارة العنقري بعمل مائدة افطار لجميع أهالي الطفيل ووزعت عليهم بالكامل حيث تواجدت الجزيرة هناك وشاركت الأهالي الافطار في أول يوم من رمضان وكذلك التقينا الشيخ مسفر ردة الحارثي مطوف ضيوف الدولة وهو أحد القائمين بالاشراف على المساكن وكذلك توزيع الافطار في أول يوم من رمضان حيث ذكر الشيخ مسفر مدى سعادته بهذا الانجاز الرائع وقال ان أهالي المنطقة في ذهول وكأنه حلم بالنسبة لهم ونحن هنا اليوم وقد تم توزيع الافطار على الأهالي وسوف يتم توزيع المساكن حيث سيتم تسليم جميع المساكن خلال اليومين القادمين موضحا ان المشروع سوف يساهم على مراحل للأهالي خلال فترة قصيرة في الأيام القادمة.
وأضاف الشيخ محمد عالم مرزا مدير مركز الدعوة والارشاد بالمنطقة ان المشروع يعتبر ضمن سلسلة لمشاريع قادمة ان شاء الله وذلك استجابة لنداء ولي العهد وندعو جميع الاخوة المقتدرين الى المساهمة والاستجابة وعن مشروع الطفيل قال: لقد كلف المشروع حوالي 17 مليون ريال قامت جهود شخصية من الأميرة سارة وباقي أعضاء اللجنة بتأمينها.
أهالي قرية الطفيل يعبرون
بدأت الفرحة تغمر وجوه أهالي هذه القرية وهم يتحدثون للجزيرة وعلامات السعادة تكفي عن الكلام وما ان تتحدث مع أحدهم حتى يرفع يديه ويتضرع بالدعاء لله سبحانه وتعالى داعياً لكل من ساهم في بناء هذه المساكن لهم.
بداية يقول الشيخ مفرح خميس عريفة القنازعة: نحن لم نستوعب الأمر الى الآن وكأنه حلم بالنسبة لنا كنا نعيش حياة مأساوية أهلكنا الفقر والعوز وكنا نرفع أكف الدعاء الى الله برفع هذا البلاء ونحمد الله بعد أن تشرفنا بزيارة الأميرة سارة الى منازلنا ورأت حالنا لم تتوان في مساعداتنا وكنا نحسب ذلك خيالا ولكن في وقت قصير نحن نرى كل هذا من أجلنا فالشكر لله ثم لهؤلاء النساء والرجال الذين وقفوا معنا وتغيرت حياتنا كليا الى الأفضل ولن ننسى هذا الفضل أنا وباقي قبيلتي.
أما عريفج عمر فيقول: كنت أسكن أنا وأسرتي في مسكن من خشب وكان أبنائي يعانون فلا استطيع ان أفعل لهم شيئا وقمت بشرح ذلك للأميرة سارة في زيارتها الأولى فوعدتنا خيراً وها نحن نراه اليوم بأعيننا.
أما عجلان عريفج فيقول: لم أكن أحلم أن أمتلك ثلاجة يوما من الأيام وان أنعم بشرب الماء البارد في بيتي وها أنا الآن لدي منزل وبه جميع احتياجاتي فشكرا لله على ذلك وشكرا للأميرة الانسانة وقد ودعنا العذاب أنا وباقي أسرتي استطيع ان استقبل الناس في بيتي الآن.
ويضيف سالم بريك كانت الرياح تملأ بيوتنا بالرمال والحرارة الشديدة تكوي أجسادنا وكنا مؤمنين بأنه قدرنا في هذه الحياة والآن تغير الوضع تماما وأنا أفكر في ان أشتري لأبنائي ملابس جديدة في العيد وسوف يكون لهم غرف يسترجعون دروسهم فيها بدل الصحراء التي كانوا يأخذون منها مكاناً لمراجعة دروسهم وأصبح لدينا الآن تلفاز بالمنزل وثلاجة وأثاث كامل لي ولأسرتي ونحمد الله على ذلك ونشكر كل من ساهم في تسهيل هذه الخدمات لنا ونحن نعلم أنه ليس بالأمر البسيط ولكن في ظل وقوف سيدي صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير عبدالله بن عبدالعزيز وراء هذه المشاريع الانسانية فإن جميع الصعاب ستكون بسيطة بالنسبة لنا نحن الفقراء والعجزة.
أما مطير بن مريخان من قرية الحسنان فيقول: لم نكن نستطيع استقبال ضيوفنا أو الزوار وذلك لضيق المسكن وكان أفضلنا هنا لديه غرفة أو غرفتان من الطوب الشعبي والبقية لديهم مساكن من خشب وصناديق والآن وقد تغير الوضع فنحن ننعم بمسكن كان بمثابة الحلم وأنا اعتبر هذا العام عاماً مختلفاً وهو عام الخير وهي السنة الأولى التي سوف ننتظر العيد بفارغ الصبر ورمضان شهر الخير لقد هلَّ علينا بخيره ونحن اليوم نستلم حصتنا من الافطار الذي أعدته لنا سمو الأميرة سارة نشكرها وكل من ساهم معها في تعديل وضع حياتنا وليس لدينا ما نكافئهم سوى الدعاء أن يثيبهم المولى عز وجل ويجزل لهم الأجر والمثوبة نظير هذه الجهود.
وقال نوار وديان وعبدالله وديان أكثر ما كنا نعاني منه وقت الامطار وتحرك الكثبان الرملية مع الرياح فكانت هذه الأوقات تدمر مساكننا بالكامل فتذهب للبحث عن الألواح والصفائح الحديدية لاعادة بناء مساكننا بعد الاضرار التي تلحقها بنا الأمطار والرياح ولم نكن ننتظر في يوم ما أن يكون لنا ما هو كائن الآن وأن يكون لي ولأخي بيت ولأسرتي ونكون في مأمن فكنت في أوقات الأمطار لا استطيع ان أغادر المنزل أنا وأخي خوفا على أبنائنا من أن تردمهم السيول أو الرمال ونحن في سعادة غامرة الآن فلدينا منزل مهيأ للسكن وأصبحنا نستمتع بالنوم بشكل مختلف تماما ولدينا النية في اقتناء الملابس الجديدة والنظيفة بإذن الله.
كما التقت الجزيرة الأخ جاسر عامر الذي يقول لم نكن نعرف هذه الأجهزة الموجودة لدينا الآن ولا نعرف طريقة استخدامها وكنا نسمع ونراها لدى الغير من سكان المدن وهي الآن بمنزلنا وقد سهلت جميع مستلزماتنا ويقول وهو ضاحك: أخاف أن نصاب بالكسل بعد هذه الرفاهية التي نراها وارفع شكري لولي العهد والأمير عبدالمجيد والأميرة سارة العنقري على هذه المساكن لنا ونسأل الله ان يديم علينا أمن وأمان هذه البلاد.
أما عبدربه محمد الذي قابلنا بالبكاء من شدة الفرح يقول: نحمد الله وجزى الله خيراً كل من ساعدنا وأنا سعيد وأنا في أول أيام رمضان بأخذ الافطار الى عائلتي ومنزلي الذي لم أكن أحلم به وهذا الخير الذي نحن فيه الآن بفضل الله ثم قادة هذه الدولة حفظهم الله.
أما المسن خنيفس الجحدلي الذي يعول أربع أسر ويمشي حافي القدمين وملابسه متغيرة اللون يلاقينا بابتسامة عريضة وهو يعبر عن سعادته ويطلب الافطار لأسرته وعندما سألناه أين حذاؤك؟ أجاب: لا أعرف السير به وقد عدا عليَّ الزمن هكذا ولكن الآن مع المنزل الجديد لابد أن أرتديه فأنا في منزل نظيف وليس كالسابق فقد كنت أعيش في الصحراء وفي هذه الصناديق.
وأخيراً ماذا قالت سارة العنقري ل«الجزيرة»:
من ناحيتها قالت الأميرة سارة العنقري: نحمد الله على هذا الانجاز وما هو إلا بداية الطريق والمشوار، ونحن مكملون لما يقوم به ويوجه به حكام هذه البلاد وما زالت هناك العديد من الأعمال الانسانية التي ننوي القيام بها ولقد قدمنا خلال العامين الماضيين حزمة من الخدمات والمساعدات الانسانية والاجتماعية والصحية بلغت عشرات الملايين ولم نكن نحلم بتقديمها لولا توفيق الله عز وجل ثم الاقبال على تأييدنا ودعمنا من جانب الدولة ثم من جانب رجال وسيدات الأعمال الذين تشرفت سجلاتنا بأسمائهم واسهاماتهم ومبادراتهم السخية وتعففهم عن الاعلان عنها أو حتى مجرد ذكرها وندعو الله التوفيق وتحقيق المزيد من المساعدات للمستحقين والفقراء.

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved