Thursday 6th november,2003 11361العدد الخميس 11 ,رمضان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

26-1-1391هـ الموافق 23-3-1971م العدد 335 26-1-1391هـ الموافق 23-3-1971م العدد 335
الأمير فهد يدشن أمس الاثنين مفخرة من مفاخر العهد الزاهر
سموه يفتتح سد وادي جيزان الكبير الذي بدأ تنفيذه عام 1967م

افتتح صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية - أمس الاثنين - سد وادي جيزان بعد انتهاء العمل في هذا المشروع الكبير. وذلك في حفل كبير دعا اليه عدداً من أصحاب السمو الأمراء والمعالي الوزراء وكبار رجالات الدولة من مدنيين وعسكريين وممثلوا الصحافة العربية والمحلية، ويسرنا ان ننشر هذا الاستطلاع الواسع عن السد مزوداً بالحقائق والأرقام التي اعدتها شركة «هوختيف» وهي الشركة التي قامت بتنفيذ انشاءات السد. ومع نشرنا هذه المعلومات نشيد بحرص حكومة صاحب الجلالة الملك فيصل المعظم على إقامة مثل هذه المنشآت الضخمة التي تعود بالفائدة والنفع لهذا البلد الطيب وأبنائه.
سد وادي جيزان
{وّجّعّلًنّا مٌنّ المّاءٌ كٍلَّ شّيًءُ حّيَُ أّفّلا يٍؤًمٌنٍونّ} صدق الله العظيم
من هذه الآية القرآنية الكريمة استوحت حكومة جلالة الملك فيصل ملك المملكة العربية السعودية سياستها الزراعية الشاملة في التنقيب عن موارد المياه، لاستخراجها وتجميعها لتستخدم في احياء موات الارض وتطوير الزراعة في كل ارض تصلح للانبات ولتكون ينابيع للدخل وموارد ثابتة للعمل.
وليست خطة التنمية الزراعية إلا جزءاً هاماً من خطة التطوير الشاملة الكبرى التي يجري تنفيذها في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية، وتهدف خطة التطوير الكبرى من جملة ما تهدف الى:
أ- استثمار موارد البترول في تأسيس وتنمية المشاريع الانتاجية الجديدة بهدف تنويع مصادر الدخل القومي وتنميته.
ب- توزيع الاستثمارات على مختلف القطاعات عن طريق تنفيذ المشاريع الزراعية والصناعية ومشاريع المواصلات والتعليم والخدمات الصحية والاجتماعية، على كافة مناطق المملكة المترامية مهما تباعدت ليشمل التقدم الاقتصادي والاجتماعي المواطنين كافة.
ج- ايجاد فرص جديدة وثابتة للعمل يفيد منها الجيل الجديد وتؤمن استقرار وزيادة الدخل للعاملين.
وتأتي مشاريع الزراعة في طليعة المشاريع التي خطت خطوات جديدة في التنفيذ والتحقيق. فقد قامت وزارة الزراعة والمياه بعمليات المسح الشامل لموارد المياه ودراسة التربة والتطوير الزراعي وقسمت المملكة الى ثماني مناطق للدراسة عهدت بها الى شركات استشارية عالمية اختصاصية عملت بالتعاون مع فنيي وزارة الزراعة ومنظمة التغذية والزراعة. وقد هدفت هذه الدراسات الى ما يلي:
أ- معرفة موارد المياه والتنقيب عنها وتوزيعها للاستفادة منها في ري أكبر مساحة ممكنة من الارض وفي تأمين مياه الشرب للمواطنين.
ب- دراسة تطوير المناطق الزراعية وتحليل أنواع التربة وتصنيفها لرفع مستوى الزراعة لتحسينها وحمايتها واختيار أنواع الزراعات الملائمة لها وادخال التكنولوجيا الزراعية الحديثة.
ج- دراسة المراعي ووسائل زيادة موارد البلاد من الثروة الحيوانية.
د- إقامة المزارع النموذجية وتدريب المواطنين على أساليب الزراعة الحديثة.
هـ- إقامة المشاريع الزراعية الأساسية كمشاريع الري والصرف والسدود وحفر الآبار وتحلية مياه البحر.
وقد تتالت تقارير وتوصيات الشركات الاستشارية وأخذت تتحول الى مشاريع حية واقعية تنبئ بمستقبل زراعي زاهر.
ومن أهم المشاريع التي اخذت طريقها الى التنفيذ مشروع سد وادي جيزان الذي بدأ تنفيذه عام 1967. والذي اسهمت منظمة التغذية والزراعة في دراسته الأولية على ارض طيبة خصبة اتعبها اهمال القرون وتتقلب عليها سنوات الخير والجفاف يعيش مزارع وادي جيزان حياة راكدة محاولا بوسائله البدائية أن يكسب كفاف عيشه.
وقد توزع المزارعون في جيزان على نوعين من الزراعة:
1- زراعة بعلية تعتمد على مياه الامطار.
2- زراعة مروية تعتمد على نظام الري الحوضي من مياه السيول والوديان.
والزراعة البعلية بطبيعتها تتأثر بكمية الامطار ومعدلاتها وتوزيعها على مدار السنة وتلاؤمها مع نوع المحاصيل المطلوبة. فإن جاءت الامطار قليلة شحيحة خيم الفقر على أهل زراعة البعل وان جادت غزيرة منتظمة عم الخير والرخاء.
لذلك اتجه المزارعون الى زراعة الري الحوضية بإقامة الحواجز الترابية او الحجرية على اطراف مجاري السيول للاحتفاظ بالمياه او تحويلها الى أراضيهم. وبهذه الطريقة تتشبع الارض بالمياه وتختزن بجوفها كميات تفيد في زراعتها بعد ذلك.
إلا أنه يحدث في كثير من الأحيان ان تأتي السيول جارفة عارمة تهدم الحواجز وتجرفها لتأخذ طريقها الى مصبها في البحر كما تغرق الارض الزراعية لفترات طويلة من الزمن ولا تنحسر عنها إلا بعد فوات الموسم الزراعي. لذلك اعتبرت طريقة الري الحوضي طريقة بدائية تحمل في طبيعتها اخطارا جسيمة على الزراعة والمزارعين.
وقد اتضح لوزارة الزراعة ان كلا الطريقتين الزراعيتين البعلية والحوضية لا تؤمن للمزارعين مواسم زراعية مستقرة مزدهرة.
لذلك بادرت وزارة الزراعة والمياه الى دراسة موارد المياه وتنظيمها وتخزينها ووجدت ان اقامة سد لجمع مياه السيول وتخزينها هي انسب وسيلة لدرء أخطار الفيضانات المدمرة وللتحكم بالمياه المخزونة والاستفادة من كل قطرة منها في ري اراضي الوادي.
وقد قامت بالدراسة التمهيدية الأولى للمنطقة بعثة من منظمة التغذية والزراعة ثم كلفت شركة ليتالكونسلت بإجراء الدراسات التفصيلية ووضع تصاميم السد كما كلفت فيما بعد بالاشراف على التنفيذ.
وبعد مناقصة بين كبريات شركات التعهدات العالمية اختيرت شركة هوختيف أ.ج - اسن، المانيا الغربية لتنفيذ المشروع وقد تم التعاقد معها في 1/2/1967م في أقصى الجنوب الغربي للمملكة العربية السعودية وبين سلسلة من الجبال التي تنتهي غربا بسهل ساحلي صالح للزراعة وعلى بعد 50 كيلو متراً من مدينة جيزان شرقا وعلى ارض ترتفع عن سطح البحر قرابة 135 متراً اختيرموقع سد وادي جيزان ليكون طليعة سلسلة من السدود في المنطقة الغربية.
يرتفع السد في الوادي الى 60 ،41 متراً في أقصاه ليقيم حاجزا ضخما يبلغ طوله بين الجبلين 316 متراً. أما عرض السد عند القاعدة فيصل الى 40 متراً بينما يبلغ عند القمة أي عرض الطريق المبني فوق السد 15 ،3 أمتار.
وقد أقيمت في قاعدة السد فتحتان مؤلفتان من انبوبين من الفولاذ الخاص يبلغ قطر كل منهما 70 ،1 متر وذلك لضبط كميات المياه التي يسمح بخروجها من السد لري الاراضي الزراعية.
من أجل بناء السد وتأسيسه على طبقة صماء صلبة ازيلت بالحفريات كمية 000 ،140 متر مكعب من الصخور والاتربة كما جرى تفجير وطحن وغسل كمية 000 ،120 متر مكعب من المواد الأولية لصنع 000 ،145 متر مكعب من الخرسانة التي انشئ منها جسم السد.
وخشية تسرب المياه او رشحها من شقوق واخاديد الصخور فقد حفرت في الصخور والأساسات اخرام بلغ طولها 000 ،40 متر.
وقد ضخت المياه في هذه الأخرام حتى تتخلل الشقوق والاخاديد الصخرية لتنظيفها ثم ملئت واشبعت بالأسمنت بعد ذلك وبهذه الطريقة اقيم حاجز لمنع الرشح يصل الى 30 متراً تحت قاعدة السد. ونظرا لضعف نوع الصخور على جانبي السد فقد اضطرت الشركة الى الاستغناء عن الآلات الحديثة واستخدمت الأيدي العاملة بالمئات لتنظيف الصخور وزرقها بالاسمنت على امتداد اكتاف السد.
ان من يعرف المنطقة قبل اقامة السد يكاد لا يتعرف عليها الان فقد نقلت شركة هوختيف الى موقع السد 3000 طن من المكائن والمعدات الحديثة وأقامت قرية صغيرة للعاملين في السد. كما ركبت من اجل القيام بأعمال الانشاءات محطة تصفية للمياه تبلغ طاقتها 120 متراً مكعبا بالساعة أي كمية تكفي لاستهلاك 000 ،25 شخص.
وقد جهز موقع السد بمحطة لإنتاج الكهرباء يكفي انتاجها لإنارة مدينة كاملة كمدينة جيزان كما اقيم مصنع لتحضير مواد البناء وغسلها وتكسيرها وخزنها تبلغ طاقته 50 متراً مكعبا بالساعة.
وأقيم كذلك مصنع اوتوماتيكي لخلط الخرسانة يجري تشغيله الكترونيا بماكيناتها الحديثة بتصليح المعدات وتقوم ورشة تصليح الآلات والمعدات الموجودة في موقع العمل.
تبلغ سعة تخزين هذا السد 71 مليون متر مكعب من المياه يمكن ان يستعمل منها 51 مليوناً من الامتار المكعبة وتغطي بحيرة السد مساحة 1409 هكتار.
ومما لا شك فيه ان مشاريع السدود تعتبر من أهم المشاريع الإنتاجية إذا قيس عائدها بتكاليفها.
ان روح التعاون والصداقة بين الـ700 عامل سعودي من الاختصاصيين والعمال العاديين والـ50 أوربيا الذين قاموا معا ببناء هذا السد هي السبب الرئيسي في نجاحهم المرموق، ويعتبر عملا فنيا كاملا يضاهي من الناحية الفنية أي عمل انشائي مشابه في العالم، كما أدى هذا التعاون الى تدريب عدد كبير من المواطنين على الأعمال الفنية الحديثة.
ومن اللحظة التي يبدأ فيها هذا السد النموذجي بالعمل فإنه سيكون حاجزا يدرأ الاخطار والكوارث أيام الفيضانات ونبعا للخير والبركة تروى منه المواسم الزراعية والمنتجات الجديدة وينعم به المزارعون.
الفوائد الاقتصادية والاجتماعية للسد
أ - درء أخطار السيول
عندما يكون موسم الأمطار غزيرا تندفع السيول في وادي جيزان فتغرق المزارع لمدة طويلة فلا يستطيع المزارع استثمارها في الوقت المناسب كما تجرف السدود الصغيرة وتهدم الانشاءات الزراعية وتقتلع النباتات والمحاصيل والبذور وتسحب طمي الارض الى البحر وتنشر الحجارة والصخور في كل مكان وتقضي على المواشى فيخيم على الوادي جو الكارثة والدمار. وقد جاء السد ليدرأ عن الوادي اخطار السيول وليبعد عنه شبح الكوارث.
ب - تنظيم الري وزيادة المساحات المروية
إن خزن كمية من الماء تصل الى 70 مليوناً من الامتار المكعبة وقد تزيد سيجعل من المتيسر تنظيم ري الاراضي الزراعية وفق الحاجة وفي الاوقات المناسبة وكذلك زيادة مساحة الاراضي المروية. فبعد ان كانت مساحة الارض المروية ريا دائما 1900 هكتار والاراضي التي تروى ريا متقطعا 2400 هكتار والاراضي التي تروى من الامطار 6500 هكتار فستزيد مساحة الاراضي المروية ريا دائماً حوالي 8000 هكتار بعد بناء السد وتنفيذ مشاريع الري التابعة له.
ج - إيجاد فرص جديدة للعمل
ان عدد سكان جيزان وما حولها بما في ذلك منطقة المشروع يبلغ حوالي 000 ،76 نسمة يعيش حوالي 90% منهم على الزراعة وان تنظيم الري وزيادة مساحة الاراضي المزروعة والمروية سيهيئ بعد تنفيذ كامل المشروع فرصا جديدة للعمل ودخلا ثابتا لحوالي 8600 عامل.
د - ادخال منتجات زراعية جديدة
ان تنظيم الري سيتيح للمزارعين تنويع وتعدد مواسمهم وادخال منتجات زراعية جديدة كالبقول والصويا والقطن والفول السوداني والفلفل الحلو وحب زيت الخروع وأنواع جديدة من الحبوب والذرة وبعض الفواكه والخضار الجديدة كالبندوة والبطيخ. كما يتيح الفرصة لانماء عدد المواشي من الابقار والاغنام والماعز وزيادة منتجاتها من اللحوم والاصواف ومنتجات الألبان.
هـ - ادخال بعض الصناعات الزراعية والريفية
عندما يعم الاستقرار منطقة الوادي سيصبح من الممكن ادخال بعض الصناعات الزراعية والريفية التي ستزيد من فرص العمل وتزيد الدخل وتنشر الازدهار الاجتماعي وتشغل أوقات المزارعين بين المواسم الزراعية.
و - زيادة الدخل القومي
قدرت قيمة الناتج الزراعي والحيواني الصافي لمشروع وادي جيزان عند اكتماله بـ000 ،775 ،8 ريال ولو اخذنا بعين الاعتبار عامل المضاعف الاقتصادي «أي الدخول الناتجة عن زيادة الدخل» لوجدنا ان الناتج الصافي يبلغ اضعاف هذا المبلغ في السنوات التالية وبالتالي سينعكس على مستوى معيشة سكان المنطقة وعلى أوضاعهم الاجتماعية.
والخلاصة فإن حكومة جلالة الملك فيصل اذ تنفذ مشروع وادي جيزان تحمي سكان المنطقة من اخطار الكوارث وتهيئ لهم فرص الاستقرار وتتيح لهم زيادة في الدخل وارتفاعا في مستوى المعيشة وتقدما اجتماعيا واقتصاديا شاملا وهي بذلك تحقق أهداف برنامج التطوير الكبير الذي يرعاه جلالة الملك.

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved