Tuesday 18th november,2003 11373العدد الثلاثاء 23 ,رمضان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الوطن، الشرعية : القارب الوحيد الوطن، الشرعية : القارب الوحيد
أنور عبدالمجيد الجبرتي

تفجيرات الرياض، الإرهابية، الإجرامية، في مساء رمضان، الوادع الجميل، أرجفت، بمنازلنا، إرجافاً، حقيقياً، فعلياً، وأقضت مضاجع أطفالنا، وهزت، سكوننا، ولمست، شيئاً، كثيراً من براءتنا، وقذفت، في أذهاننا، وأجوافنا، تساؤلات كثيرة غاضبة، وحائرة.
* لكن، الاهتزاز، الاول الكبير، سيهدأ، وسيتم تنظيف المكان، وتوطين السكان، وعلاج المصابين، ودفن القتلى الابرياء، وكفكفة دموع المحزونين، وسينهض رجال الامن، الابطال، إلى، التصدي للجريمة، والمجرمين، مدعومين، بتأييد شعبي جارف، لا يقبل المساومة، والمهادنة في قضايا، الوطن، المصيرية، لا يتردد، في معركة، هي معركة البقاء والاستمرار.
* ومع ذلك، وفي غمرة، العواطف، وحموة اللوعة، والاندهاش وضجيج الجدل، والاستنكار، يجب ألا نفقد القدرة على التأمل والمراجعة الهادئة، حتى نكفل، الانتصار، بإذن الله وعونه، في معركة البقاء، والمستقبل.
* يجب، ان، نعرف، اولاً، ان جماعات العنف والارهاب، لا تطمح ابداً، ولاتهدف، ولا تتوقع، انتصاراً عسكرياً، في المواجهة مع السلطة والمجتمع، ولا تهتم، بأعداد القتلى والمصابين، ولا حجم الدمار، والهلاك، كأهداف نهائية.
أنها تستهدف، أهدافاً، أبعد، وأشمل، وأعمق، وتخاطب جمهوراً، اوسع، وتريد، ان، تلعب لعبتها الدموية، في ميدان تمهد له، وتهيئ له النفوس والأذهان.
* يهدف الارهاب السياسي، اولاً، إلى، التعريض، بالسلطة في المجتمع، وهز، هيبتها، وهو بهذا، يطمح، إلى، إفساح المجال إلى، عناصر، الفوضى والتدمير، التي قد تكون كامنة، في الاركان المظلمة، والجيوب المتعفنة، ويهدف الارهاب السياسي، بتفجراته، الى تمهيد الطريق، لعناصر، الانفلات، والتجاوز واغرائها، وتحفيزها، إلى التأسي به، وتقليده، في تنفيذ برامجها الإجرامية، والتآمرية.
* وهذا الهدف، لا يمكن، مبارزته، الا، بقبضة امنية حازمة، قوية، ومتطورة ولا يقل، اهمية عن وجود هذه القبضة الحازمة، ان تتم تأطرها وتحقيق الشفافية في التعبير عن خطواتها، وانجازاتها، وتقديمها إلى الرأي العام، من خلال برنامج توعوي، إعلامي، عالي المهنية، متقن الصنع، ذكي الاخراج، ولا حاجة، هنا، إلى، القول، بأن هذا المجهود الأمني الحازم، الواعي، يحتاج إلى توفير الموارد المالية والتكنولوجية، والمعرفية اللازمة.. وفي مجال، توزيع الموارد المالية، يجب ان نعلم، ان الامن، والاستقرار، شرطان ضروريان، لابديل لهما، لتحقيق برامج النمو الاقتصادي، والاصلاح السياسي، والتطور الاجتماعي، والسكينة الفردية والمجتمعية، ولابد، إذن، ان تحظى بالنصيب الوافي، في توزيع الموارد، وتوجيهها، خاصة، واننا نمر بظروف محلية، واقليمية، ودولية، بالغة الخطورة.
* وأنا، لا اتحدث، هنا، عن القبضة الامنية الحازمة، متجاهلاً النواحي الكثيرة الاخرى التي يجب الاهتمام بها، ولكنني اعطي هذا الجانب مركزيته، في إطار الحديث عن الارهاب والعنف السياسيين، واهدافهما الاستراتيجية.
الارهاب له هدف استراتيجي خبيث آخر، هو أن، تفقد السلطة والمجتمع، توازنهما، وان تتم استشارتهما، وتهيج عواطفهما، وسحبهما إلى مواجهات ومجابهات، غير متروية في الزمان، والمكان، والاسلوب، يهدف الارهاب إلى، استثار معركة، يختار، زمانها ومكانها، وتلحق بغبارها عناصر مختلفة في الحياة والمجتمع، وترمي في النهاية، إلى تعبئة صفوفه القذرة، بعناصر، جديدة، من الغاضبين، والحائرين ومزيفي الوعي أو، فاقديه، والسلطة السياسية التي تعرف مجتمعها، حق المعرفة، وتدرك، مواطن الحاسية، ومواقف التيارات الفكرية والسياسية، واهداف هذه التيارات، وتكتيكاتها ومواطن الضعف والقوة فيها، لا يمكن ان تحقق الارهاب اهدافه ومراميه، اذ لابد، مع القبضة الحازمة، من وعي سياسي عميق.
* والاهم من ذلك كله، ان يكون المجتمع المدني، محيطاً بأهداف الارهاب السياسي، واستراتيجياته، وان يكون قادراً على تمحيص الافكار، وتقييم الخطاب، والنظر في الطروحات التي تعقب، الاعمال الارهابية.
* في، بلادنا، يثور، جدل كبير، بين اطراف كثيرة.
هناك من يحاول، القفز على الحدث، وتجييره ل «اجندة» خاصة به، تحت غطاءات ذكية، وشعارات ماكرة.
* وهناك من يجد في الظروف الطارئة، فرصة، لإثارة، قضايا ليست لها علاقة بالاحداث .. بعض هذه القضايا حقيقي ومشروع، ولا تحتاج إلى احداث دامية لاثارته، وهي قيد البحث في اطار الحوار الوطني الاصلاحي ولكننا يجب ان نحفظ لهذه القضايا، شرفها، وكرامتها، ومشروعيتها ولا نسمح لها، أبداً ان تختلط من قريب، او، بعيد، بهذا العمل، الاجرامي الذي يقتل البراءة، والابرياء.
* الوطن، هو، قاربنا، الوحيد، الذي نسافر به، ما ابنائنا، نحو ضفاف المستقبل، والشرعية القائمة، هي البديل الوحيد، لكيان امن، مستقل، ومستقر، ومزدهر.
ومهما اختلفت وجهات نظرنا، وتباينت افكارنا، واتجاهاتنا، فلا، بديل، حقيقي، الا ان يتم التحاور شأنها في هذا القارب، وتحت مظلة هذه الشرعية، والا، غرق قاربنا وتناثر، كياننا، وتبعثر.
* يجب ان نفهم الارهاب السياسي، واستراتيجاته، ونتصدى له، بالاستعداد اللازم، والتفكير المنزوي.
ويجب ان نعي، أهمية هذه الشرعية، وضرورتها لاستمرار هذا الكيان، وبقائه.
ويجب ان لا نتوقف، ولا نمل، من التكرار، وبمختلف الوسائل، والاساليب، في ترسيخ هذا الوعي، والتحذير من الاهداف الاستراتيجية الخبيثه الماكرة، للعنف والارهاب.
هذا الكيان، هو، قاربنا الوحيد.

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved