Tuesday 18th november,2003 11373العدد الثلاثاء 23 ,رمضان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الأزمنة الأزمنة
الحوار.. مع الأشباح..؟!
عبدالله بن إدريس

أستغرب وأتعجب.. ولا أُعْجب.. لبعض الآراء والأفكار الفجة التي يرسلها، تباعاً، دعاةُ الحوار.. مع الفئة الباغية.. التي حملت السلاح على النظام، والدولة والمجتمع.. وارتكبت من جرائم القتل، والتدمير، والترويع. ما لا يجد له مسلم غيور على عقيدته، وشريعته.. ووطنه.. وأمن بلاده واستقراره.. واستقامة حياته وأحواله.. أي مبرر أو أي تفسير أو تعليل منطقي مقبول.. سوى ما أملاه المضللون من مشايخ ومفكري هذه الفئة، الذين استغلوا حماس بعض الشباب، ورعونتهم، واندفاعهم الأهوج نحو ما يزعمون أنه (جهاد) في سبيل الله.. و(استشهاد).. لا يحول بين هذا القاتل، ومعانقة (الحور العين) إلا إزهاق روحه ضمن ضحاياه الأبرياء..!
يا للجهالة العمياء التي تجمع بين ارتكاب جريمة القتل.. وانتظار الثواب عليها..!!
هل وجد هؤلاء البغاة في كتاب الله أو في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ما لم يجده المسلمون في هذين الوحيين؟.. من إباحة لقتل النفوس التي حرم الله قتلها (إلا بالحق).. كإقامة الحدود، والقصاص، والدفاع عن النفس.. وتقرير هذا (الحق) وتنفيذه منوط بقيادة الأمة، من العلماء.. وولاة الأمر.. وليس لأحد سواهم..
لماذا يتجاهل هؤلاء الشباب الذين يقومون بتفجير البيوت على أهلها، ويقتلون فيها الأطفال، والنساء، والرجال الذين لا جرائر لهم في حساب الدين والدولة والوطن..؟
وقوله تعالى: {مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً } *المائدة: 32* وفي حق المسالمين غير المسلمين: { لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ } *الممتحنة: 8*
لماذا يتجاهل هؤلاء القتلة النصوص القرآنية الزاجرة عن مثل أفعالهم..؟ ويلجأون، مع محرضيهم، إلى تعسف التأويلات غير واضحة الدلالة على ما يريدون..؟
لقد تسببت هذه الفئة في إيقاف المد الإسلامي في العالم. والذي كان قبل أحداث 11 سبتمبر 2001م يسير مسار الشمس وتخفق رايات هدايته في كل بقعة من الأرض.
وتسببت في إيقاد نار الأحقاد مجدداً في الغرب النصراني اليهودي على الإسلام ورسوله الأكرم.. في كل زاوية من زوايا المعمورة غير الإسلامية.. كما فتحت هذه الفئة باب شر مستطير على دينهم وأمتهم وعلى أمن وطنهم واستقراره دون أن يكسبوا بأفعالهم ذرة خير.. في المقابل..!
ولا نتوقع أن تكون آخر أعمالهم الشريرة تفجير (مجمع المحيا) في وادي لبن بالرياض الأسبوع الماضي.. والذي قتل وجرح فيه العشرات من المسلمين، ومن الذميين المسالمين.
ومع شناعة هذه الجريمة وما سبقها.. نجد بعض الأشخاص الذين يلتمسون أعذاراً أو مسوغات لعقد (حوارات) مع هؤلاء البغاة.. يا للعجب..!
لا أدري كيف يكون الحوار مع (أشباح).! لم تتحدد لهم رؤية معينة ولا هدف واضح.. وليست لهم قيادة ظاهرة فوق الأرض.. يمكن التحادث معها على افتراض موافقة الحكومة على إجراء حوار كهذا وهو ما لاتحبذه أكثرية المجتمع السعودي.. لأن إجراء حوار مع هذه الفئة التي تجاوزت الخطوط الحمراء لكيان الدولة والمجتمع سوف يعتبر دليل ضعف في الحكومة، وعدم قدرة لقيادة البلاد إلى بر السلام والأمان والأستقرار. واذا ثبت ضعف الحكومة في معالجة هذه القضية لا قدر الله فحدث عن التداعيات الرهيبة ولا حرج..!
إن الحكومة ستجد.. إن شاء الله حلاً لهذه الظاهرة قبل استفحالها.. بفتح أبواب الأصلاح والانفتاح على كل ما من شأنه مشاركة الشعب السعودي مع حكومته في كل ما يضمن التكامل والتعاون بينهما خدمة للدين وأمن الوطن واستقراره وتقدمه.
ان إجراء حوار مع (أشباح) تَتَراءَى في الظلام.. هلامية التفكير.. قصيرة النظر.. مسلوبة الأرادة إلا من (منظِّرين) حاقدين.. لا يريدون لهذه المملكة إلا الشر والتفريق والخراب هو إجراء في غير مصلحة البلاد في الحاضر والمستقبل.
وماذا يرجى من حوار مع أشخاص قدموا طواعية خدمة لأعداء العرب والمسلمين.. ما إنهم لو أرادوا شراءها (بمليارات) الدولارات لما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً.. لكن الأعداء وبكل أسف وأسى - تلقوها هدية مجانية.. ووظفوها في إعلامهم.. كأنجح توظيف. لأكبر تشويه للإسلام في هذا العصر..
وكان الواجب على (دعاة الحوار) مع هؤلاء أن يرشدوهم فهم قد ضلوا وأن يناصحوهم بإلقاء السلاح... والتوجه إلى مكاتب كبار المسئولين في الدولة لشرح أهدافهم ومطالبهم.. والتي حتما ًسيغنمون منها أضعاف ما يغرمون. في مخابئ العدوان على الأبرياء.. وكهوف الكراهية والأحقاد التي يلجأون إليها لمزيد من فجائع أهلهم ومجتمعهم. إلا أن هؤلاء الدعاة هداهم الله فتحو الهؤلاء الإرهابيين باب أمل في أن يحاورهم المسئولون الكبار في الدولة وهذا لن يحدث في اعتقادي.
وكأن لسان حال الدولة السعودية يقول للإرهابيين ومناصريهم:


لا أصلح الله منا من يصالحكم
حتى يصالح ذئب المعز راعيها

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved