Tuesday 18th november,2003 11373العدد الثلاثاء 23 ,رمضان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

شيء من المنطق شيء من المنطق
معادلة الانتحار
د. مفرج بن سعد الحقباني

ربما يكون من غير المعقول ان يلجأ الانسان السوي الى قتل نفسه مهما كان السبب ومهما كانت الدوافع، وربما يكون من غير المعقول ان يتفق جماعة على قتل انفسهم دون ان يكون من بينهم من تتحرك لديه الفطرة السليمة التي تقود الانسان السوي الى حب الحياة والتطلع الى مستقبل افضل. الا ان من يشاهد الاحداث التي تقع بين الوقت والآخر في هذه البلاد يجد ان غير المعقول قد تحقق وان بعض ابنائنا بالفعل قد وقعوا فريسة لهذا الغير معقول عندما هانت عليهم انفسهم وتنازلوا طوعا عن حب الحياة وزينتها واصبحوا يتحينون الفرصة لقتل انفسهم وقتل غيرهم من المواطنين والمقيمين. فهذا الذي يحدث على الرغم من غرابته وشدة تأثيره على واقعنا ومستقبلنا كمجتمع لابد ان يثير لدينا تساؤلاً منطقياً وهو لماذا ينتحر الشاب «س» ولماذا الشاب «ص» لا ينتحر؟ اعتقد ان قرار الانتحار يتوقف على نتيجة العملية الحسابية التي تأخذ في الاعتبار العديد من المتغيرات الرئيسية ذات الصلة بواقع ومستقبل الشاب. بعبارة رياضية يمكن تصوير معادلة الانتحار على انها تأخذ الشكل التالي:
س = د (ص1، ص2، ص3،.. ص ن)
وهنا يمكن القول بأن قرار الانتحار (س) يرتبط عكسيا بمستوى وعي الشاب بخطورة الانتحار على مستقبله في الآخرة (ص 1)، وعكسيا بمستوى رضا الشاب عن واقعه ومستقبله المعيشي (ص 2،)، وطرديا بحجم الوعود التي تنتظره بعد عملية الانتحار (ص 3)، وغير ذلك من العوامل التي تتدخل مباشرة في صياغة الشاب لقراره المصيري. فكلما كان الشاب مؤمنا بخطورة الانتحار على مستقبله في الآخرة، وراضيا بمستواه المعيشي وغير واثق بالوعود التي قد تحدث له بعد عملية الانتحار، كان اكثر رفضا لاتخاذ قرار الانتحار واكثر اصرارا على التمسك بأسباب الحياة التي هي هبة من المولى عز وجل. وبالتالي فان ما يحدث في هذه الايام من بعض شبابنا ليس الا نتيجة لخلل واضح في اتجاه وقيم هذه المتغيرات المهمة وليس الا نتيجة لعملية حسابية ارتبطت بمتغيرات كمية ومعنوية لها تأثير مباشر على قرار هؤلاء الشباب القاضي بتفضيل الموت على الحياة. وهذا يقودنا الى القول بضرورة التعرف على مستوى وطبيعة هذه المتغيرات حتى نستطيع حماية هؤلاء الشباب من انفسهم وحماية المجتمع من مخاطر قراراتهم المهلكة. وفي اعتقادي ان اهم الاسباب التي لا بد لنا ان نأخذ بها بالاضافة الى الاجراءات الامنية المركزة، التوعية الشرعية السليمة التي تنطلق من دعاة لهم قابلية وتأثير على اوساط هؤلاء الشباب حتى نستطيع ان نقلل من قيمة الوعود المنتظرة ونوضح مخاطر قرار الانتحار على مستقبل الشاب بعد الممات. كما ان من واجبنا ان نرفع من قيم معطيات الحياة ونزيد من مستوى رضا الشاب عن واقعه ونقلل من قلقه المستقبلي حتى يكون اكثر التصاقا وحبا للحياة واقل استعدادا للتضحية وقابلية للانتحار.
بعبارة مجملة لابد لنا ان نستفيد من هذه الاحداث لاعادة النظر في اسلوب تعاملنا مع الشباب ومع الغذاء الفكري الذي يتلقونه من مصادرنا الوطنية حتى نضمن سلامة الوطن وابنائه من مخاطر الاشرار وافكارهم الهدامة.. فهل يتحقق ذلك.. اتمنى ذلك عاجلا....

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved