Tuesday 18th november,2003 11373العدد الثلاثاء 23 ,رمضان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

إضاءة إضاءة
إدانة عالمية جماعية
شاكر سليمان شكوري

ربما لم يشهد العالم منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر إدانة عالمية جماعية لحدث إرهابي على نحو ما نشهده الآن ونسمع ونقرأ من اتصالات وتصريحات ومقالات تدين وبشدة قاطعة تفجيرات مجمع المحيا السكني في الرياض الأسبوع الماضي. فقد أعلنت الجهات الشعبية والرسمية وأصحاب الفكر والقلم في المملكة والدول العربية والإسلامية، بل في كل دول العالم تقريباً إدانتها الشديدة للحادث.
مئات الاتصالات من ملوك ورؤساء ومسؤولين في دول العالم تلقاها خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد وسمو النائب الثاني وسمو وزير الداخلية كلها تندد بالحادث وتعزي في الضحايا، وحتى على مستوى الأفراد كانت هناك اتصالات عديدة للغرض ذاته.
لقد سقطت كل الأقنعة المزيفة لتعلن عن وجه الإرهاب القبيح الذي تحمل وزر العملية، وهم شباب غرر بهم حتى انتزعت من قلوبهم الرحمة والإنسانية، واقترفوا قتل النفس المعصومة بحكم الشريعة الإسلامية الغراء، التي يتسترون تحت ردائها وهي منهم براء.
إنهم يستهدفون أطفالاً وشيوخاً ونساء من أبناء جلدتهم ودينهم فيحصدون أرواحهم دون جريرة أو ذنب إلا هواية التفجير.. حتى لو كان في النفس ذاتها.. فأي وعد كاذب وعده أرباب أولئك الشباب حتى يستهووا تفجير أنفسهم؟! وقد تقطعت قلوبنا ونحن نقرأ قصيدة الشيخ المزروعي بعنوان «دموع القمر» والتي أرجو أن أفرد لها مساحة المقال القادم إن شاء الله وإذا كان الحذر مطلوباً على كل المستويات من استشراء هذا الداء العضال في جسد المجتمع، والعمل الجاد مطلوباً لتجفيف منابع هذا الإرهاب الأسود الناجم عن فكر واحد منحرف لا يقبل فكراً آخر ولو بالدليل والحجة.. فإن إشارة رئيس مجلس الشورى السعودي الشيخ الحميد إلى الاشتباه في ضلوع الآلة الصهيونيّة الأخطبوطية في مثل هذه الحوادث.. هذه الإشارة لا بد أن تضاعف الحذر لدينا في مواجهة الخطر الذي لم يعد محلياً فحسب، بل امتدت إليه ربما بالعون تلك الأيادي الحاقدة.
ولا بد أن تضاعف مسؤوليتنا أفراداً ومؤسسات في مواجهة هذا الخطر الداهم والفتنة الحاقدة.. فيا كل أب ويا كل أم ويا كل معلم ومعلمة ويا كل منابر التربية والفكر والثقافة هبوا جميعاً لحماية هذا الكيان المبارك المؤسس على التقوى من هجمة الذين يزرعون في أذهان أبنائنا وعقولهم نباتات سامة لا تثمر إلا القتل والدمار.
احتضنوا أبناءكم.. وناقشوهم وعدّلوا ما يرسب في أفكارهم من ضلال وغي وراقبوا غدوهم ورواحهم.. فأنتم أمام الله والوطن مسؤولون عن هؤلاء الذين لم يبلغوا بعد سن التكليف، ومعظم الذين وقعوا في الشراك من هذه الفئة التي ضلت من فراغ، لا فراغ الحوار مع الدولة كما يزعم البعض الآن، بل الفراغ الناشئ عن غياب دور النصح والتوجيه والإرشاد السليم من قبل المسؤولين عنهم!!
اطفئوا النيران المخبأة بعد تحت الرماد.. فوالله إن لم تفعلوا لتكونن فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة، والمسؤولية ليست مسؤولية وزارة الداخلية وأجهزة الأمن فحسب، فهذه دورها يأتي في النهاية أما شرارات البداية فإنما تنطلق من بيوتنا ومدارسنا ومساجدنا وعلى أربابها تقع المسؤولية في تجفيف المنابع المتعفنة بفكر الإرهاب، وتعديل المفاهيم والسلوكيات، وتوجيه الشباب إلى ما ينفعهم وينفع أمتهم.. وهي مسؤولية على المشاع بيننا جميعاً ولا مناص لأي منّا في أن يبذل جهداً حقيقياً في سبيل الحفاظ على أمن مجتمع المملكة العربية السعودية التي نشرف جميعا بالانتساب إليها، وكما قال سمو الأمير خالد الفيصل قبل أيام لوفد التقاه في مكتبه من طلبة جامعة الملك خالد ومؤسسات ومدارس التعليم العام في منطقة عسير «يجب أن نحارب المبررين مثلما نحارب المجرمين، انتهى وقت الغفوة الإسلامية وبدأ الآن وقت الصحوة الإسلامية».

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved