Tuesday 18th november,2003 11373العدد الثلاثاء 23 ,رمضان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

حول الأحداث المنكرة والتفجيرات الغادرة حول الأحداث المنكرة والتفجيرات الغادرة
صالح بن عبدالله العبود(*)

يقول الله تبارك وتعالى: { مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } ، ويقول عزوجل: { وّمّا أّصّابّكٍمً يّوًمّ التّقّى الجّمًعّانٌ فّبٌإذًنٌ اللهٌ وّلٌيّعًلّمّّ المؤًمٌنٌينّ وّلٌيّعًلّمّ الذٌينّ نّافّقٍوا }، ويقول سبحانه { وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ } ، وقال عز من قائل: { وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ } ، ومما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لابن عباس (الحديث التاسع عشر من الأربعين النووية): «واعلم ان ما أخطأك لم يكن ليصيبك وما أصابك لم يكن ليخطئك، واعلم ان النصر مع الصبر، وان الفرج مع الكرب، وان مع العسر يسرا».
وإنه لمصيبة عظيمة ما حدث في مجمع المحيا السكني، في منتصف ليلة الأحد الموافق 14/9/1424هـ، بوادي لبن غربي الرياض، وما سبق ذلك من نوعه، من تفجير وتخريب وتدمير للمباني والمنشآت، وقتل وجرح وسفك للدماء، وإزهاق للنفوس بغير حق، وما عثر عليه من خلايا الإرهاب والفتنة، وما جمعوه وحملوه علينا من أسلحة ومتفجرات في الرياض والقصيم، وانتشر شرهم في شرق البلاد وغربها، وفي شمالها وجنوبها، حتى في مكة المكرمة والمدينة المنورة.
وإذا نظرنا الى ذلك الذي حدث بعين الشرع من محدثيه فإننا لنراه الجريمة المنكرة، والانتهاك المحرم الغادر، الذي يستوجب - من الجميع كل بحسبه - الردع العاجل، والقمع القوي، والحسم بلا هوادة.
نعم لأن ذلك الذي حدث من أقبح ما يكون من الإجرام، والإفساد في الأرض، وإهلاك الحرث والنسل، والسعي بالفساد - والله لا يحب الفساد -، ولا عذر لمرتكبه بأي حال من الأحوال، حيث ان تحريمه وقبحه وضرره معلومة بالضرورة، فتحريمه أشد تحريم معلوم بالضرورة من دين الاسلام الصحيح، وقبحه الشنيع وفساده العريض معلوم بالضرورة من أدنى مسكة عقل صريح، وضرره البالغ وخطره المهلك معلوم بالضرورة من الفطرة السوية، فلا عذر لمرتكبه البتة.
ولذا قال سمو الأمير نايف عقب زيارته لموقع الحدث في مجمع المحيا مدركاً حجم الحدث:«لم أجد بما يعرف في الجريمة جريمة أبشع من هذه الجريمة، أن تتم في الوطن وضد مواطنين، وضد سكان عرب مسلمين وحتى وإن كان منهم غير مسلم، ومن أشخاص يدعون أنهم مواطنون ويدعون أنهم مسلمون». وقال سموه الكريم:«هل يقبل الاسلام أو تقبل الوطنية أن ينسب لها أناس مثل هؤلاء؟.. لا أعتقد». وقال:«يجب ألا تتطرق الشفقة أو الرحمة بأي شخص يفكر في مثل هذه الأمور..»، وقال:«كفى استهتارا بدين الله، وكفى استهتاراً بالوطن، وعلى من لا زال الشيطان يتعامل معه أن يدحر الشيطان ويسلم نفسه فوراً، وعلى كل من يدفعه لهذا العمل أن يكف أو يسلم نفسه أقرب لنجاته». وأكد سموه ان الدولة إن شاء الله ستصل للفاعلين مهما طال الطريق فقال:«سنصل للفاعلين سنصل إن شاء الله مهما طال الطريق، وكل أبناء الوطن وفي مقدمتهم رجال الأمن هذا عملهم حتى نطمئن تماما وان بلادنا خلت من كل شيطان مارد، ومن كل شرير، ومن كل كاره لدين الله ولهذا الوطن».
(الجزيرة، العدد 11366، الثلاثاء 16/ رمضان/ 1424هـ).
وما قاله سمو الأمير حق، لأن هذه الحوادث الموغلة في الجريمة ليست مجرد اجتهاد للاختلاف في الرأي، أو الخطأ في التأويل، أو الضلال عن جهل، أو غلبة شبهة أو شهوة، فينفع معها العلاج بكشف الشبهات بالتعليم والصبر والتسامح، والحوار الهادئ، والدعوة الى الحق بالحكمة والموعظة الحسنة، والجدال بالتي هي أحسن، ولكنها إصرار منهم على الإجرام مع علمهم بتحريمه لدى الاسلام وقبحه لدى العقول وضرره لدى الفطر، إنه بطر منهم للحق بعد ان تبين، ومكابرة للحجة رغم قيامها، إجرام شيطاني قد أسفر عن وجهه الكالح، وحرب سافرة يشنها أولياء الشيطان على أولياء الرحمن، إنها خطوات الشيطان العدو المبين، الذي لا ينفع معه احسان، ولا حوار، وقد أعلنوها بالعدوان الغادر، وإرادة الشر الظاهر، وقصد الجريمة الواقعة، منتهكين حرمات الله تعالى، حرمة الدم المعصوم، والمال المعصوم، والمكان الحرام والشهر المبارك، وحرمة التشريع الاسلامي، وحرمة دولة العقيدة الاسلامية، المملكة العربية السعودية، التي تضمنت الحرمين الشريفين، ورفعت راية التوحيد، وأصبحت بفضل الله تعالى مرتكز جماعة المسلمين وقبلتهم، ومثال وحدتهم ومأرز دينهم المحفوظ بحفظ الله تعالى - حرسها الله، بولاية خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده والنائب الثاني وحكومته الرشيدة -.
إن الذين أحدثوا هذه الأحداث الإجرامية وجاءوا بها وتولوا كبرها، وخططوا لها هم الخوارج المجرمون الغادرون، الفجرة المارقون، مرقوا من الدين والعقل، وخرجوا من الطاعة، وفارقوا الجماعة، وباءوا بالشقاوة والخسران، قال النبي صلى الله عليه وسلم فيهم، فيما روى البخاري ج8/ك 88/ب6:«يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجر لمن قتلهم يوم القيامة»، وقال صلى الله عليه وسلم كما في سنن ابن ماجه ج1/ص12، المقدمة باب 12، عن أبي أمامة يقول:«شر قتلى قتلوا تحت أديم السماء، وخير قتيل من قتلوه، كلاب أهل النار..» قيل لأبي أمامة: هذا شيء تقوله؟ قال بل سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الهيثمي في مجمع الزوائد ج6/ص 233-234: رواه أحمد ورجاله ثقات، ورواه الطبراني ورجاله ثقات، بعد ان أورده مطولا عما في ابن ماجة، وفي صحيح البخاري ج8/ص51/ك88/ب6:«وكان ابن عمر يراهم شرار خلق الله، لأنهم انطلقوا الى آيات نزلت في الكفار فجعلوها على المؤمنين»، قال الحافظ ابن حجر في الفتح، وصله الطبري في مسند علي من تهذيب الآثار، وقال سنده صحيح، وقد ثبت في الحديث الصحيح عند مسلم من حديث أبي ذر في وصف الخوارج:«هم شرار الخلق والخليقة»، وعند أحمد بسند جيد عن أنس مرفوعا مثله، وعند البزار من طريق الشعبي عن مسروق عن عائشة قالت: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الخوارج، فقال:«هم شرار أمتي يقتلهم خيار أمتي» وسنده حسن، وعند الطبراني من هذا الوجه مرفوعاً:«هم شر الخلق والخليقة، يقتلهم خير الخلق والخليقة»، وفي حديث أبي سعيد عند أحمد:«هم شر البرية» وفي رواية عبدالله بن أبي رافع عن علي عند مسلم:«من أبغض خلق الله اليه»، وفي حديث عبدالله بن خباب يعني عن أبيه عند الطبراني:«شر قتلى أظلتهم السماء وأقلتهم الأرض» وعند أحمد وابن أبي شيبة، من حديث أبي برزة مرفوعا، في ذكر الخوارج:«شر الخلق والخليقة يقولها ثلاثا» «أنظر فتح الباري ج12/ص283-286/ باب قتل الخوارج والملحدين بعد اقامة الحجة عليهم». هذا الحكم فيهم مع كون أولهم خرجوا في عصر الصحابة، ويحقر أحدهم عمله مع عملهم، ومع إجماع الناس ان الذي أخرجهم من الدين هو التشدد والغلو في الاجتهاد في الدين، وهم يظنون أنهم يطيعون الله، وقد بلغتهم الحجة وقامت عليهم، ولكن أساءوا فهمها، حيث استحكمت بهم أهواؤهم، وحالت بينهم وبين عقل الحجة، قلا يقبلون غير ما أشربت قلوبهم محبته من البدع والأهواء، وما زين لهم من سوء عملهم، كما قال الله تعالى)أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ }، وقال تعالى:{ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً}، ولقد كفروا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وخيار المسلمين.
وورثتهم لا يزالون يخرجون كل ما قام للمسلمين دولة شرعية، فلكل قوم وارث، وخوارج هذا العصر، هم ورثة خوارج العصور الماضية، وما أشبه الليلة بالبارحة، الخوارج السالفون في الهلاك حدثاء الأسنان، سفهاء الأحلام، لم يرسخوا في العلم الشرعي، وفهموا النصوص الشرعية فهماً سيئا مخالفا لفهم الصحابة رضي الله عنهم، وركبوا رؤوسهم، واتبعوا أهواءهم، وما زينه لهم شياطين الإنس والجن، يوحي بعضهم الى بعض زخرف القول غروراً، وقد تظاهروا بالمخالفة، رافعين شعار الاصلاح والحكم بما أنزل الله، رفعوا المصاحف على الرماح، وكفروا بالمعاصي التي هي دون الكفر، بل كفروا من المسلمين كل من لم يوافقهم على ضلالهم هذا، حتى كفروا الصحابة، بل كفروا عثمان وعليا، وقتلوا أمير المؤمنين عثمان، وخرجوا على علي وقاتلوه فقتل منهم الكثير، ثم قتله ابن ملجم أحدهم غيلة وغدراً، وأرادوا قتل معاوية وعمرو بن العاص كذلك، وهم يرون أنهم بذلك يجاهدون في سبيل الله، ويبتغون رضوانه، وأنهم يحسنون صنعا، بينما هم في الحقيقة يقاتلون في سبيل الشيطان، ويعملون السوء والفساد.
كذلك خوارج هذا العصر أحداث سفهاء، فهموا نصوص الشرع فهماً سيئا، مخالفا لفهم السلف الصالح وعلماء الأمة، وأعجبوا بأنفسهم، واعتقدوا أنهم هم المسلمون الصالحون دون غيرهم، وتظاهروا بالمخالفة رافعين شعارات الاصلاح والحكم بما أنزل الله وكفروا من لم يوافقهم على آرائهم المخالفة وأهوائهم الشاذة، وكفروا الحكام، حتى كفروا ولاة أمرنا وعلمائنا، وأساءوا فهم المراد بالجماعة ففهموه فهماً مخالفا للمراد الشرعي بالجماعة، حتى اعتقدوا انه لا يوجد في الأرض اليوم جماعة للمسلمين ذات دولة وولاية ببيعة شرعية، ولا يوجد مسلمون مهتدون غيرهم - يعتقد هؤلاء الخوارج المعاصرون انه يجب عليهم انطلاقا من مفهومهم الفاسد - وجوباً عينياً- أن يسعوا لايجاد الدولة الاسلامية العظمى، التي تدين لها جميع الأمة بالولاء، وتتفق جميعا على بيعة إمامها، وأن كيفية ايجاد هذه الدولة واقامة إمامها، يبدأ في تصورهم بقتال أمريكا ودول الكفرة وهم في تصورهم الفاسد جميع الذين لا يحاربون أمريكا، كما هو المتخيل في أذهانهم المختلطة، فاستباحوا بهذا العقد الفاسد، أن يخرجوا على جميع الحكومات حتى الحكومات الاسلامية بل خرجوا حتى على حكومة خادم الحرمين الشريفين، لأنهم يكفرونها، ويكفرون كل من لم يكفرها، وربكوا رؤوسهم، وزهدوا في الرجوع الى العلماء الراسخين في العلم، الذين يبصرونهم ويرشدونهم الى الصواب، وانطلقوا بهذا الفكر الفاسد الخطير، من مدارس ومعسكرات التدريب الأفغانية، التي ينظمها ابن لادن وحركة طالبان وما شابهها في البلدان الأخرى، وعادوا على بلدانهم وأوطانهم يدمرونها ليحاربوا أمريكا بزعمهم، وقد رأينا وسمعنا بعض طوائف الابتداع يسيرون متظاهرين في مشاعر الحج، زاحفين بجموعهم على الحجاج، يرفعون شعار الهتاف بقولهم: الموت لأمريكا، كأن هؤلاء الحجاج المساكين الذين يزحفون عليهم هم أمريكا! حتى يسر منعهم من لدن ولاة الأمور، وقد قاموا بالتفجيرات الانتحارية وتدمير المنشآت والعمائر على من فيها، والقتل بغير حق والتخريب، وسفك الدماء، وترويع الآمنين وارهابهم غدراً وخيانة، منتهكين لحرمات الله تعالى، محاربين للاسلام والمسلمين، ولأمن بلاد المسلمين مخلين، وقد زين لهم شياطين الإنس والجن أن هذا هو الجهاد والاصلاح، بينما هو الإفساد والإجرام الشنيع، لقد نهجوا منهج الخوارج السابقين تماما فما أشبه الليلة بالبارحة!!.
وماذا يريد هؤلاء المارقون؟، الخوارج المختفون؟، إنهم لا يريدون إلا ارضاء الشيطان والسير على خطواته، والشيطان كما وصفه الله تعالى بقوله:{إنَّهٍ يّرّاكٍمً هٍوّ وّقّبٌيلٍهٍ مٌنً حّيًثٍ لا تّرّوًنّهٍمً}، {وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ } فأقدموا على جرائمهم الشنيعة، التي لم يرتكبها حتى الكفار في الجاهلية، حيث انتهكوا حرمة بيت الله الحرام، وحرمة مسجد الرسول الشريف، وحرمة حكومة خادم الحرمين الشريفين، ومن انتهك حرمة حكومة خادم الحرمين الشريفين فقد انتهك حرمة الحرمين الشريفين، وانتهكوا حرمة فضل الزمن والمكان والصفة، وانتهكوا حرمة المسلمين وحرمة الدماء والأموال والأعراض المعصومة، يريدون ان يبدلوا نعمة الله كفراً، ويحولون الاسلام فتنة، والأمن خوفا وارهابا ورعبا، ووحدتنا بالمملكة العربية السعودية فرقة وتمزقاً، وقد أنعم الله علينا بها في مهابط الوحي وما حولها، أنعم الله علينا بهذه المملكة حكومة شرعية راشدة، مكن الله لها شرعا وقدراً، ان تمثل وتحمي أساس مرجعية المسلمين، بإقامة دينهم وصلاتهم وزكاتهم وصومهم وحجهم، وخدمة الحرمين الشريفين وسائر مشاعر المقدسات الاسلامية، وشعائرها كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واقامة حدود الله تعالى، والدعوة الى الله على بصيرة، والجهاد في سبيله، وتعليم أبناء المسلمين أمر دينهم، كما علم جبريل الصحابة ذلك، عبر مؤسساتها العالمية مثل الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة، التي تضم ما يزيد على مائتي جنسية، خرجت منهم عشرات الألوف، الذين عادوا الى بلدانهم دعاة خير وسلام، وصارت المملكة بفضل الله تحقيقا واقعيا، للمراد الشرعي بالجماعة، لا يوجد في العالم اليوم مثيل لها في التحقق بصفة الجماعة، التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بنجاتها واستمرار وجودها جيلا بعد جيل، قائمة على الحق لا يضرها من خذلها أو خالفها، الى قيام الساعة، لأن تأسيسها وتوحيدها من أطراف متباعدة، إنما قام بالاسلام، بالتوحيد الذي هو حق الله على العبيد، وفق الكتاب والسنة، على يدي الملك الراشد عبدالعزيز طيب الله ثراه ورحمه، وسار بها وأتم بناءها على ذلك أبناؤه البررة، وشعبهم الوفي، حتى أصبحت ولله الحمد والمنة منارا يهتدي به المسلمون، ومرتكزا لأوطانهم، حيث ضمت أم القرى ومن حولها، ومدينة الرسول صلى الله عليه وسلم ومهاجره، مأرز الايمان، ومعقل الدين، ونواة وحدة المسلمين، ومعقل اجتماعهم، لقد أصبحت وحدة المملكة مثالا يحتذيه المسلمون إن أرادوا وحدتهم العظمى، حيث تمثل في وحدتها تركيبة العالم الاسلامي كله، فمن مختلف الأجناس، ومن متباعد الأطراف، ومن متفرق القبائل، ومن مختلف المذاهب، تكونت المملكة العربية السعودية في وحدة قوية متينة، لأن موحدها وقائدها استمسك بالعروة الوثقى، كلمة التوحيد، التي لا انفصام لها، ولا تزال حكومة المملكة ان شاء الله على ذلك، قائمة على الحق، ظاهرة به على من ناوأها، لا يضرها ارهاب المخالفين والمناوئين لها، ولا خذلان الخاذلين ولا خروج الخوارج المارقين، الى قيام الساعة.
وفي الختام أوصي نفسي وجميع اخواني المسلمين، بتقوى الله تعالى ولزوم السمع والطاعة لولاة أمرنا في هذه المملكة، ولإمامهم خادم الحرمين الشريفين، والالتفاف حولهم، ونصرتهم بالنفس والمال والعرض، والوقوف صفا واحدا ضد مناوئيهم أعداء الدين والوطن، لأن ذلك هو الطريق الوحيد لتحقيق المراد الشرعي بالجماعة الناجية المنصورة، والمسلك السليم المستقيم لتوحيد كلمة المسلمين، وعدم تفريقهم، واكتمال قوتهم العظمى في العلم والارادة، التي لا يغلبون معها إن شاء الله تعالى، ولو اجتمع عليهم من بين أقطار الأرض كلها، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وأسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يحفظ على المملكة العربية السعودية أمنها واستقرارها، ويعيذنا من مضلات الفتن، وشرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، وشرور الشيطان وذريته وأوليائه وحزبه، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان الى يوم الدين.

(*) مدير الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved