Tuesday 18th november,2003 11373العدد الثلاثاء 23 ,رمضان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

هل تعيد أمريكا سياستها الخارجية بعد استطلاع رأي دول الاتحاد الأوروبي؟! هل تعيد أمريكا سياستها الخارجية بعد استطلاع رأي دول الاتحاد الأوروبي؟!
ناصر بن عبدالعزيز الرابح/مشرف تربوي بتعليم حائل

عندما تنقلب الموازين وتختل المفاهيم ويعبث بالقوانين فعندئذ تحل الفوضى ويسود الاضطراب وتكثر المشاكل ويهيمن القوي على الضعيف وتستذل الشعوب وتهان كرامات الأمم.. في عالم اليوم تعد السياسة الأمريكية وصنَّاع القرار فيها هم أول من عبثوا بالقوانين وغيَّروا المفاهيم واصطنعوا مصطلحات وعرفوها بما يوافق أهواءهم ويتفق مع اهدافهم ويحقق مصالحهم ويخدم مخططات الكيان الصهيوني.. أمريكا منذ أن وضعت قدما لها بالمنطقة باتت تتحدث كثيرا عن الديمقراطية وتطالب بمزيد من الحرية وتتدخل في شؤون دول المنطقة الداخلية.. حتى اصبحت تصرفاتها لا تطاق وسياستها تضيق بنا ذرعا.. فشنت حرباً على أفغانستان تحت مفهوم الإرهاب فدمرت وشردت وما زال الوضع أسوأ مما كان.. ثم تلاها غزو العراق واستحلاله بقرار أمريكي وليس بقانون دولي تحت ذريعة أسلحة الدمار الشامل تارة وفرض الديمقراطية تارة وتهديده للعالم تارة أخرى ومع هذا لا أسلحة وجدت ولا ديمقراطية تحققت هذا عبث.. وعبث آخر بالمفاهيم تحول «شارون» من مجرم حرب إلى رجل سلام بعرف الساسة الأمريكيين.. ومن دولة إرهابية تهدد الأمن العالمي كما هو معروف بالشرق الأوسط وكما أكده استطلاع الرأي الذي أجري مؤخراً في دول الاتحاد الأوروبي إلى دولة تحفظ الأمن.. ومن سفاح وقاتل للشعب الفلسطيني إلى مدافع عن الشعب الصهيوني..
أمريكا التي تحدثت كثيرا عن القانون والنظام وتبجحت بالديمقراطية والتعددية وجعلت نفسها نموذجا فريدا للحرية والتعبير والعدل والمساراة.. غررت عقولاً كثيرة من بني يعرب ممن هاجر إليها للعمل أو سافر من أجل الدراسة.. رجعوا إلينا بعقول غير التي ذهبت وبتنا نسمع قصصاً وحكايات يرويها بعض المثقفين ويتباهى بها من عاش هناك «سنيوات» يتكلمون عن النظام والعدل والمساواة والحرية وما إلى ذلك.. لكن الواقع مخالف لما ذكر والحوداث والشواهد كثيرة لم تعد خافية على كل إنسان يعيش على هذه الأرض.. أمريكا دولة عنصرية حديثة ودولة تهدد العالم كله وبشهادة الشعوب الأوروبية أيضا.. فسياستها قائمة على ثلاثة عناصر: إما ابتزاز الدول مادياً وجعلها خاتما بإصبعها تحركها كيفما تشاء وتغدق عليها أموالا طائلة إن هي استجابت ورضخت لمطالبها كما حدث قبل أيام برفع حجاب المساعدات العسكرية عن سبع دول وافقت على توقيع اتفاقية تمنح بموجبها المواطنين الأمريكيين الحصانة من المثول امام المحكمة الجنائية الدولية في حالة ارتكاب جريمة في تلك الدول.
وهذا بحد ذاته تكريس للعنصرية الحقيقية من خلال جعل المواطن الامريكي فوق القانون مهما كانت جريمته التي ارتكبها حتى وان ترتب عليها إخلال بالأمن الوطني وسيادة تلك الدول الضعيفة.
وأما ابتزازها اقتصادياً ففرض حظر اقتصادي طويل الأمد كما حصل للعراق وليبيا وبعض الدول الافريقية والآسيوية، وكما تلوح الآن بفرضه على سوريا.. وإما ابتزازها عسكريا وتهديدها بمنطق القوة إذا هي لم تستجب لمطالبها وتنفذ أوامرها فكما فعلت في افغانستان والعراق وكما تهدد الآن سوريا وايران وكوريا الشمالية.
أمريكا اصبحت تدير العالم وحدها وبتفويض مفتوح من المنظمة الدولية فهي التي تحدد نوع العقوبة وتفرضها متى شاءت حتى وإن استخدم حق النقض ضدها فهو لا يفيد.. بينما حقها في النقض نافذ لا محال له.. وإذا كانت دولة على هذا المنوال كيف يتحقق الأمن والسلام الدولي؟! وكيف تنعم الشعوب والأمم في ظل انفلات القانون والنظام؟ وكيف يتحقق العدول والمساواة ما دام القوي مسيطراً على الضعيف؟! وكيف تتطور الدول وتتقدم وهي تعاني من سطوة وهيمنة أمريكية؟! أما آن لأمريكا أن تعيد النظر في سياستها الخارجية مع دول العالم كله وهي تواجه الآن موجة الغضب والاحتقان من شعوب ودول لها كرامتها وسيادتها.

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved