Tuesday 18th november,2003 11373العدد الثلاثاء 23 ,رمضان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

مبانينا تعاني البطالة..!! مبانينا تعاني البطالة..!!
طارق بن ناصر البكر

يعاني الكثير من أبناء وطننا العربي البطالة، وكذا الكثير من مباني أوطاننا العربية تعاني البطالة، شباب بصحة وعافية لا يستطيعون العمل والإنفاق على أنفسهم للعيش في هذا العالم المكلف، ومبان رائعة شامخة تم تصميمها بأعلى المستويات المعمارية الفكرية، وتم تنفيذها بأدق المستويات الهندسية الفنية، وتعاني هي الأخرى البطالة، لأنها تحتاج إلى نفقات كبيرة للعيش في هذا العالم المكلف، بمعنى أن تشغيل وصيانة تلك المباني تنتج عنهما تكاليف مادية باهظة لا تستطيع أن تتحملها هذه المباني، فتعتمد على الدولة في ذلك، وإلى متى ستتحمل الدولة الإنفاق على جميع المشروعات العامة؟
ينبغي أن ندرك أن تلك المشروعات ترهق ميزانية الدولة بكثرتها، وتؤثر في المستوى الاقتصادي العام، فتقل مخصصاتها المالية عن الحاجة الفعلية، وبذلك ينتج تدهور لوضع الصيانة والتشغيل، وسرعان ما تتقادم مبانينا العامة، بسبب إهمال موضوع الصيانة، الناتج غالباً عن قلة الموارد المالية للمشروع، وبكل تأكيد مع ازدياد التنمية العمرانية في مملكتنا الحنونة يصبح من الصعب جداً أن تتحمل الدولة مسؤولية الإنفاق على جميع المباني والمجمعات العامة كالمدارس والمستشفيات والمساجد.. تلك المباني العاطلة التي لا تستطيع أن تصرف على نفسها.. تلك المباني التي تعيش عالة على غيرها، إنها المباني التي تعاني البطالة.. كيف عالج أجدادنا المعماريون هذه المشكلة؟
تحتوي كتب تاريخ عمارة المسلمين على شرح مفصل بالمخططات المعمارية والهندسية لأفكار المباني العامة التي شيدها المسلمون وخططوا جيداً لمكافحة بطالتها، فألحقوا بها متاجر أو مشروعات يتم تأجيرها لأنشطة معينة، والريع يكون لتشغيل تلك المباني وصيانتها «مشروعات وقفية».. وهكذا تمت محاربة بطالة المباني فكانت مبانيهم موظفة توظيفاً جيداً جعلها قادرة على أن تصرف على نفسها لتعيش بصحة جيدة.. والسؤال هنا هل يمكن أن يتبنى زملائي المعماريون والاقتصاديون ذلك المبدأ في وطننا الغالي؟ بكل تأكيد ممكن، وكيف ذلك؟
على سبيل المثال، إذا تم تصميم مسجد جامع فمن الممكن إلصاق محلات تجارية به، تؤجر، والريع يصرف لتشغيل المسجد وصيانته، وأجور العاملين به.. الخ، وقد تبيع تلك المحلات الكثير مما يحتاج إليه المسلم، من لحوم وخضار وملبوسات وأدوات مكتبية،.. الخ. وبذلك نحصل على تجمع وحوار وتسوق ويحدث الاحتكاك بين أفراد المجتمع، فيتعلم هذا من ذاك، وذاك من هذا، ونضمن عدم فرار المسلمين إلى بيوتهم فور انتهاء الصلاة دون حوار، لأن الخدمات والأنشطة التي أضافها المهندس المعماري إلى هذا المسجد تجبرهم على التجمع والتحاور وتبادل السلام..
ومثال آخر المستشفيات، يمكن أن تلحق بها مشروعات استثمارية كثيرة «فندق، معهد صحي خاص، مركز ترفيهي، سوق.. الخ» وبالتأكيد يتم تشغيل المستشفى وصيانته من ريع تلك المشروعات. وهكذا تتمكن منشآتنا العامة من الاعتماد على نفسها، والهروب عن شبح البطالة.. وللمباني بطالة..

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved