Tuesday 2nd december,2003 11387العدد الثلاثاء 8 ,شوال 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

شيء من المنطق شيء من المنطق
إن خير من استأجرت القوي الأمين
د.مفرج بن سعد الحقباني

يعتبر المسؤول الاول في أي منشأة حكومية أو خاصة أحد أهم العوامل الرئيسية التي تقف وراء قدرة المنشأة على تحقيق اهدافها العامة والخاصة ليس من خلال ما يمتلكه من قدرات وكفاءات علمية ومهنية فقط ولكن ايضا من خلال ما يمتلكه من قدرات خاصة تمكنه من اختيار المساعدين الأكفاء القادرين على مساعدته في مجال تحقيق الاهداف المحددة مسبقاً للمنشأة، ومنطلق هذه الفرضية يقوم على أساس أن المسؤول الاول لا يستطيع لوحده ان يحقق الأهداف الرئيسة والفرعية ولا يستطيع لوحده ان يكون مخططا لواقع ومستقبل المنشأة ومنفذا للسياسات المعدة لتحقيق اهدافها مما يعني حاجته الى مساعدين اكفاء قادرين على القيام بأدوارهم المحددة بفاعلية وكفاءة عالية.
ونتيجة لذلك فإن نجاح المسؤول الأول يعتمد وبشكل مباشر على مدى قدرته على الفصل بين أهوائه وعلاقاته الشخصية وما يتطلبه اختيار المساعدين من معايير فنية وادارية قد تفرض عليه اختيار من لا يتوافق مع رغبته الشخصية للقيام بدور رئيس في المنشأة، كما ان نجاح المسؤول الاول يعتمد وبشكل مباشر على مدى ما يتمتع به هذا المسؤول من ثقة في النفس يستطيع معها تجاوز العقدة الادارية الملازمة للكثير من المسؤولين والتي تدفع بهم لاختيار المسؤول الضعيف الذي يجيد الموافقة على رأي المسؤول الاول اكثر من قدرته على ابداء الرأي السليم الذي يسهم في تعظيم نجاحات المؤسسة ومقدرتها على تحقيق اهدافها، فكلما كانت ثقة المسؤول الاول في نفسه عالية، كان اقدر على اختيار المسؤول الثاني الذي يتمتع باستقلالية في الرأي ويجيد التفكير الابداعي الذي يمثل اضافة نوعية للمنظومة الادارية التي يقودها المسؤول الاول دون ان يكون لدى هذا الاخير شعور بالخوف من بروز قدرات ادارية قد تتغلب عليه وتحتل مكانه القيادي في المستقبل، وكلما كان المنصب الاداري اكبر من القدرات الادارية للمسؤول الاول، كان هذا الأخير اشد تمسكاً بالمنصب واكثر خوفاً من بروز أعوانه الاداريين واكثر ميلا لاختيار المسؤول الثاني الذي ينفذ التوجيهات الادارية بحرفية مطلقة دون ان يكون له اضافة ملموسة على منهج ونمط الادارة ودون ان يكون له مساهمة فاعلة في مجال تحقيق الأهداف المرسومة للمنشأة.
فالمسؤول الضعيف لا يقبل بوجود مسؤول قوي ولا يقبل بوجود من يجتهد خارج اطار تفكيره الخاص مما يؤدي الى وجود اكثر من مسؤول في شخصية وتفكير المسؤول الاداري الاول يتفقون على ما يراه المسؤول الاول ويرفضون ما يخالف وجهة نظره الخاصة، كما ان المسؤول الضعيف لا يجيد التعامل مع تعدد وجهات النظر مما يضطره الى رفض مبدأ استقلالية التفكير ومحاربة كل من يعتد برأيه ويفتخر بقدرته على التفكير المستقل بعيدا عن التبعية التي يحبذها ويجيد التعامل معها المسؤول الضعيف. فعلى الرغم من كون الادب الاداري والمثالية في طرح وجهة النظر تظل مطلبا ضروريا للمسؤول القوي ايضا، الا ان المسؤول الضعيف يرفض من حيث المبدأ التعددية في وجهات النظر لخوفه من نتائجها التي قد تفقده جزءاً من سيطرته الادارية التي يعتقد انها مهددة من الجميع. ومما لاشك فيه فان الفئة الضعيفة من المسؤولين لا تستطيع خدمة المجتمع لكونها ببساطة لا تمتلك المقدرة والشجاعة على تجاوز المخاوف على المنصب ولا تتمتع بالكفاءة العالية التي تساعدها على الفصل بين مقتضيات المصلحة العامة ومتطلبات فرض شخصيتها الادارية فضلا عن مقدرتها الفائقة في القضاء على كل مبدع من ذوي التفكير المستقل.

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved