Tuesday 2nd december,2003 11387العدد الثلاثاء 8 ,شوال 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

شيء من «الريجيم» يا صحافتنا.! شيء من «الريجيم» يا صحافتنا.!
حمد بن عبدالله القاضي

** في 15 رمضان قرأت هذا الخبر في إحدى صحفنا:
أصدر مدير مستشفى «...» تعميماً حدد فيه مواعيد زيارة المرضى المنومين في المستشفى في شهر رمضان المبارك.
توقفت عند الخبر كثيراً..
لأنه مسَّ موضوعاً يهمني طرحه.
أولاً: من ناحية مهنية فهذا الخبر إذا كان لا بد من نشره فقد كان يلزم أن ينشر قبل دخول رمضان لكي يستفيد منه من يعنيهم الأمر.
ثانياً: في تقديري أن هذا الخبر لا يهم إلا أفراداً معدودين ولا حاجة إلى نشره في صحيفة، والمدينة أو المحافظة التي يقع فيها المستشفى صغيرة ويمكن أن يعلق التعميم على بوابة المستشفى أو يمكن أن يتصل من يرغب الزيارة في شهر رمضان باستعلامات هذا المستشفى أو غيره ليعرف مواعيد الزيارة.!
* * *
ما علينا فما هذا ما هدفتُ إليه.
فحالة مواعيد الزيارة في هذا المستشفى لا تعنيني هنا.
إنني أريد أن أطرح «الأحمال الثقيلة» التي تحملها العديد من صحفنا ومجلاتنا حيث تجيء مثقلة بعشرات الصفحات.
بل إنها - أي الصحف والمجلات - تتنافس في عدد صفحاتها موقنة في نفسها أن عدد الصفحات هو مقياس نجاحها.
والحق
أن مقياس النجاح إنما يتوفر بجودة المواد المطروحة والمركزة داخل الصحيفة أو المجلة وليس في حشوها بالأخبار والمواد التي لا أهمية لها، والكتابات التي لا يقرؤها أحد.
والتحقيقات والموضوعات المطولة التي تنشر على صفحتين والتي أحسب أن أي قارئ يصرف النظر عن أي موضوع من صفحتين في صحيفة مهما كان مهماً تماماً كما ينأى بعينيه عن كل بحث من عشرات الصفحات في مجلة سيارة وليس متخصصة.
إنني أدعو رؤساء تحرير صحفنا ومجلاتنا المحلية - وأنا واحد منهم مسؤولاً وكاتباً - وهذا المقال - بالمناسبة - لعله من نوع (النقد الذاتي) بعد أن أتخمنا غيرنا نقداً..
إنني أدعو نفسي ومن يراه من إخواني رؤساء تحرير الصحف والمجلات أن نقلص من عدد صفحاتنا وأن نخفف من أحمالها.
إن القارئ لم تعد (الصحف والمجلات) هي خياره الوحيد للحصول على الأخبار أو التثقيف أو الترفيه، وحسبه الأخبار السياسية التي يلتقطها في التو واللحظة.
إن إنسان هذا العصر يعرف أي خبر سياسي في الدنيا خلال لحظات ولا يحتاج لينتظر إلى صباح الغد ليتعرف على ما يدور في هذا العالم من أحداث.
إن هناك عشرات القنوات المقروءة والمسموعة والمرئية تتنافس على إنسان هذا العصر.
لقد أصبح أمام القارىء - في الميدان المقروء عشرات، بل مئات الصحف والمجلات والمطبوعات ولو خصص (5) ساعات من يومه لقراءتها لما كفاها.!
هذا في مجال القنوات المقروءة، ناهيك عن عشرات القنوات المرئية، والإذاعات المسموعة وأجهزة الكمبيوتر ومواقع الإنترنت.
ويخلق ما لا تعلمون.!
* * *
** إنني أدعو إلى «ريجيم» تمارسه صحفنا ومجلاتنا لتخفف من «زوائدها» التي ضررها أكثر من نفعها، والتي قد تدعو لصرف النظر عنها عندما تضطر لنشر «مواد غير جيدة» فتعطي انطباعاً غير جيد أمام قارئها يجعله يفقد الثقة بها وبالتالي ينصرف عنها.
إن الأطباء يدعون إلى «الريجيم» من أجل صحة الإنسان، ونحن ندعو إلى «الريجيم» لصحفنا ومجلاتنا لكي تظهر أمام القارئ بشكل أكثر تشويقاً وأجود مادة.!
وإنه إذا كان «الريجيم» بالنسبة للمرأة - من وجهة نظري - غير مقبول دائماً لأنه يعتمد على خداع المرأة وإغرائها بالرشاقة من أجل صحتها وجمالها، وهذا قد لا يكون صحيحاً في كل الأحوال.
أما «الريجيم» بالنسبة «للصحيفة» أو «المجلة» فهو فعلاً أمر مقبول ومطلوب وصحي ومفيد على إطلاقه لكيلا تضطر الصحف والمجلات إلى نشر أخبار وموضوعات يأتيك بها من لم تزوِّده - كما يقول طرفة - منذ أكثر من ألف وخمسمائة عام..!
إن القارئ الذي أصبح تتنافس عليه مئات القنوات الإعلامية من مقروءة ومرئية ومسموعة بحاجة إلى أن «تغريه» الصحافة من أجل متابعتها وقراءتها واقتنائها.
وهذا لا يتأتى إلا بالتركيز والدقة في نشر المواد الجيدة والجديدة والمختصرة التي تشده وتراعي ظروف عصره ووقته «بعد أن تداعت عليه» المغريات الإعلامية «تداعي الأكلة على قصعتها» كما جاء في الحديث الشريف.!
يضاف إلى ذلك إخراج الصحيفة بطريقة مشوقة ومريحة لكيلا ينصرف عنها القارئ وهذا يتم بالمقال المختصر والتحقيق القصير والعنوان المشوق، والحرف المريح الكبير، من أجل إغرائه بمتابعته الصحيفة، وطرد فلول السأم عن نفسه وهو يطالعها.!
ولو أن إحدى صحفنا أو مجلاتنا أجرت استفتاء عن أكثر ما يزعج القارئ ويدعوه للنفور منها ويسأم من قراءتها لأجابت الأغلبية بأن أهم شيء هو كثرة ما ينشر فيها من مواد غير مقروءة، وهذا يجعلها تجيء محملة بعشرات الصفحات التي خسارتها أكبر من ربحها.
* * *
أما قبل:
أتوقف هنا.. لكيلا أقع فيما نهيت عنه من إطالة وتمطيط.. ولكيلا أكون مما يكبر مقتهم عند الله لأنهم يقولون ما لا يفعلون، ويكتبون ما لا يمارسون.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولزملائي من مسؤولي المطبوعات وكتَّابها.
وأرجو أن أبدأ بتطبيق هذه الفكرة قبل غيري.

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved