Saturday 6th december,2003 11391العدد السبت 12 ,شوال 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

يارا يارا
لعب القمار
عبدالله بن بخيت

يعرف كثير من الناس أن المخدرات من أهم العوامل المدمرة للفرد والمجتمع وهذا لا شك فيه، ولكن هناك ظاهرة لم ألحظ وجودها في الطرح الإعلامي أو حتى في أدبيات التربية السعودية وهي ظاهرة لعب القمار. وهذه الجريمة كالمرض الصامت الذي يفتك بأصحابه وبالمجتمع دون أن يحس به أحد فهو كهشاشة العظام في الجسد الإنساني.
من تجارب أشخاص عرفتهم على المستوى الشخصي بدا لي أن لعب القمار أكثر كارثية على أصحابه من تعاطي المخدرات فالمسألة فيه تتعدى الجسد لتصل إلى جسد المجتمع ككل وخصوصا انها تنتشر تحت الأرض وفي الخفاء وتكون مدمرة أكثر إذا انتشرت في مجتمع محافظ استطاع أن يطور آلية محكمة لإخفاء عيوبه والتظاهر بالمثالية.
لا أعرف كم عدد المسجونين في المملكة على صلة بالقمار وما هي في الواقع العقوبات التي توقع على لاعب القمار أو حتى الاحتياطات الرسمية والاجتماعية للتصدي لمثل هذه الجريمة الخطيرة، ولا أعرف في الواقع هل يحق لي أن أسميها جريمة أصلا، أنا أعرف أن القمار حرام شرعاً ولكني لا أعرف ما هو تعريف القمار تحديداً أي متى يسمى هذا قمار وهذا تسلية أو لعب فأمر مثل هذا لم أسمع أنه بحث أو طرح على مستوى الرأي العام، ما يعرف باليانصيب ممنوع ممارسته في المملكة ولكن منع ممارسة الشيء لا يعني دائما أن هناك جرماً معيناً يقف خلفه خذ مثلا لعب الشطرنج فهو ممنوع في المملكة وهو من أمتع أنواع الرياضة العقلية وأكثرها براءة.
لاعب القمار لا يمكن شفاؤه، لم أسمع أن لاعب قمار محترفاً استطاع أن يوقف أو يسيطر على شهوته للعب، أتذكر شاباً في العشرينات من عمره كان من أذكى الشباب ومن أكثرهم طموحاً عرف القمار الخفيف والمسلِّي ثم اختفى من حياتي. لم أعد أسمع عنه شيئاً عدة سنوات، سمعت مؤخراً أن والد زوجته أخذ أطفاله وطلب لزوجته الطلاق وقد فصل من عمله. لاحظوا خطورة القمار فهذا الشاب كان يعتمد على راتبه لتغطية مصاريف لعب القمار ومع ذلك فصل من عمله لأنه عجز كما سمعت عن الانضباط في العمل بسبب القمار مدد أوقات اللعب لتشمل اللعب في أوقات العمل أيضاً.
مشكلة لعبة القمار مثلها مثل المخدرات تبدأ بالتدريج أي بمبالغ صغيرة للتسلية وليست للربح ولكن لذتها وما تفعله في داخل النفس غريب لأنها في النهاية تسيطر على حياة الإنسان. فالمتورط بهذه اللعبة يبدأ في التنازل التدريجي. في البداية يتحمل التعليقات والإهانات الصغيرة حتى يصل في النهاية إلى التنازل عن شرفة وكرامته الإنسانية.
أتذكر في سنة من السنوات التقيت في لندن طبيباً من دولة عربية كان قد جاء إلى لندن لحضور ندوة طبية، دخل في أول ليلة نادياً للقمار بالصدفة، حسب روايته كان قد دخل لمجرد الفضول والمعرفة. في البداية جرب يده في المكاين التي تستخدم لصرف الهلل ثم بعد فترة وجد أن لعبة البلاك جاك أكثر تسلية فجلس على الطاولة وكانت هي الجلسة. لم يخرج من النادي وفي جيبه مليم واحد، صرف كل ما جاء به من مصاريف الرحلة في جلسة واحدة، تحوّل في ساعات إلى شحاذ، شرح لي كل شيء بكل أمانة واستقامة لعلِّي أساعده ولكني رفضت فقد كنت متأكداً تماماً أنه سوف يعود للنادي لأني أعرف أن لاعب القمار ومدمن الخمر والمخدرات عندما يفلس يشحذ بكل أمانة وصدق ويشرح ظروفه الحقيقية ولكن ما أن تقع الفلوس في قبضته حتى يعود فوراً إلى إدمانه.
للموضوع صلة..

فاكس: 4702162

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved