رياح السلام تحتاج لدعم أمريكي

عادت القضية الفلسطينية إلى صدارة الاهتمامات الدولية، بعد المؤتمرات واللقاءات التي تناولت بحث سبل حل الصراع العربي الإسرائيلي والقضايا المتفرعة عنه، فبعد مؤتمر مدريد الأخير ومؤتمر جنيف الذي تمخض عنه توقيع وثيقة جنيف من قبل شخصيات فلسطينية وإسرائيلية برعاية شخصيات عالمية منهم حاملون لجائزة نوبل للسلام أهمهم الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر.
بعد هاتين الخطوتين تحركت الجهود الاقليمية والدولية إلى الأمام، فقد التقى وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية كولن باول وفداً فلسطينياً إسرائيلياً من موقعي اتفاقية جنيف رغم امتعاض حكومة شارون من هذه الخطوة معتبرة استقبال الوزير الأمريكي موقعي الاتفاقية تدخلاً في الشئون الداخلية الإسرائيلية «.....!!» إلا أن الأمريكيين أوضحوا أنهم يتلمسون دعم تنفيذ خطة الرئيس جورج بوش لإحلال السلام في الشرق الأوسط. ولتحقيق هذا الهدف فإنهم يستمعون إلى كل من يسهم في تحقيق هذا الهدف عبر خطة خارطة الطريق.
وقبل لقاء باول لعرابي وثيقة جنيف ياسر عبد ربه ويوسف بلين، كان الرئيس الأمريكي جورج بوش قد عقد لقاء مثمراً مع العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني الذي أوضح أنه يعمل لتحريك جهود السلام، مؤكداً أن بعض الخطوات الصغيرة تؤدي إلى استكمال وإنجاز الأعمال الكبيرة. وفي هذا السياق وضمن جهود تهيئة الأوضاع على الساحة الفلسطينية لاستئناف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، تتواصل في القاهرة اجتماعات الحوار الفلسطيني الذي تجريه الفصائل الفلسطينية لإبرام اتفاق يسمح بإعلان وقف لإطلاق النار. وهذه الاجتماعات التي ترعاها الحكومة المصرية كسبت دعماً سياسياً بتوجُّه رئيس الحكومة الفلسطينية أحمد قريع إلى القاهرة للمشاركة في الاجتماعات، وهو ما يعطيها صفة اعتبارية ودعماً من السلطة الفلسطينية، على عكس ما تقوم به حكومة شارون الإسرائيلية، حيث تحاول التنصل عن أي اتفاق لوقف إطلاق النار يوقف العمليات الفلسطينية ضد المدنيين، إذ يزعم الإسرائيليون أنه شأن يخص الفلسطينيين ولا يلزمهم بشيء، في حين يتطلب إنجاح أي اتفاق لوقف إطلاق نار على الساحة الفلسطينية التزاماً إسرائيلياً مماثلاً واضحاً يوقف سياسات القتل والاغتيالات ووقف بناء الجدار العنصري العازل في الضفة الغربية ووقف بناء المستوطنات وانسحاب القوات الإسرائيلية من المدن الفلسطينية التي احتلت بعد اندلاع الانتفاضة الفلسطينية عام 2000م.
عدم تعاون حكومة شارون الإسرائيلية، بل ومعاندتها لجهود السلام التي تتقدم بخطوات صغيرة تفرض على الإدارة الأمريكية أن تقوم بدور نشط وفاعل يلجم معاندة شارون وحكومته لإفساح المجال لرياح السلام لمواصلة هبوبها وصولاً إلى تحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط المتلهفة لتحقيق هذا الحلم.