Saturday 6th december,2003 11391العدد السبت 12 ,شوال 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

قراءة في القيمة النقدية عند نيف الذكري 1/2 قراءة في القيمة النقدية عند نيف الذكري 1/2

ليسَ من شكٍ لديَ - على حسب المقولة النقدية الشهيرة -
«في أن الشعرَ - بقضهِ وقضيضهِ ومده وجزرهِ! - حالةُ بناء وهدم» يقول الناقد سعد البازعي(1) «كثيراً ما توجهُ تهمةُ التحيز والمُحاباة للقراءات النقدية التي تتناول الأعمال الإبداعية الحديثة. والواقع أن شيئاً من هذا التحيز موجود» والشعرُ الشعبي - في تقديري - «قضيةٌ عادلةٌ بيدَ أن المحامين جائرون!» فالشعراء كُثر وعلى قدرٍ كبيرٍ من التفوق، إلا أنه في الضفة الأخرى - وما أعنيه النقد والنقاد - يتجلى الكساد والشح وبكل تجردٍ وشفافية نلحظُ الضعفَ والوهنَ وعدم التضلع في السياقاتِ والأنساقِ النقدية، إلا أنهُ في الفترة الأخيرة - وتحديداً قبل بضع سنوات - بدت لنا إرهاصاتُ وملامحُ ناقدٍ مُنقذ وهو نيف الذكري وهو في الوقت ذاته شاعر فجمع بين عنب اليمن وبلح الشام!
* ما هي حدود وملامح المد النقدي عند الذكري؟
ولعلي لا أبالغ ولا أغالي عندما أقول إن الذكري «فاق وأفاق» والسؤال الذي ما كُنا نودهُ! لماذا بزوغُ مثل هذا الناقد كان في حالة إبطاء؟!! فالصحف والمجلات ما انفكت في إبراز الشعراء بيد أن قصب السبق! في إظهار طائر الفنيق! ومساعدة المارد على الخروج من قمقمهِ! كان من نصيب «المدارات الشعبية» فهي التي تبنت وتعهدت حفلات الذكري النقدية! وإذا ما أمعنا النظر في التأصيل النقدي عنده نلمسُ أنه يتكئُ ويمتاحُ من معين ثقافي متنوع، فالقراءةُ الأدبيةُ عنده مهنةٌ والمقارنات والمقاربات له متعة، والإشارة منه تُغني عن العبارة والتلميح يغني عن التصريح، ولقد تناولَ العديدَ من الشعراء بالدراسة والتحليل وكل هذا - فيما أرى - راجعٌ إلى التفوق الأكاديمي من لدنه وهو ضالعٌ «متهمٌ» في تحريك المياه الراكدة في المشهد النقدي «الشعبي» ومن المؤثرات والعوامل الهامة في كونه «فوق الشجرة» - نقدياً - أنه يرتهنُ الموضوعية والواقعية في طرحه.. كذلك الرجلُ على درايةٍ وروايةٍ تامة بدهاليزِ وأتونِ الثقافة العربية والشعر الفصيح مما ساعدهُ على خلقِ اسقاطاتٍ نقديةٍ ناجعةٍ..
فهو يعرف كيف يمتشقُ سلاحهُ! متى ما أراد وإذا رمى أصاب بيدَ أنه لا يُدمي! ونجده غالباً لا يهرف بما لا يعرف.. والإقناع عنده جلي فلا يترنح بين المتشابه والعائم، والاستشهادُ عندهُ مُقنن ويضعك أمام خياراتٍ وبدائلَ ذاتَ صبغة نقدية تراجدية، ويبقى طرحهُ مسافةً هائلة نستطيعُ أن نُجريَ فيها خيول الدراسات النقدية.

عبدالله الربيعان
(1) إحالات القصيدة: قراءات في الشعر المعاصر. - د. سعد البازعي

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved