{وّمٌنّ النَّاسٌ مّن يٍجّادٌلٍ فٌي اللَّهٌ بٌغّيًرٌ عٌلًمُ وّلا هٍدْى وّلا كٌتّابُ مٍَنٌيرُ }
في هذه الآية الكريمة من كتاب الله درس وعبرة لكثير من الناس الذين يشعرون بالرضا عن أنفسهم كلما أحسوا أنهم على شيء من العلم، وأن لهم ألسنة ذرية تجول في النقاش وتصول، وأقلاماً تدبج في الصحف والمجلات المقالات، ويستحقون عبارات الثناء عليهم عن يمين وشمال إلى أن يركبهم التيه ويغشاهم الغرور.. هذه الطائفة من الناس ليست قلة بل هي كثرة بين المتعلمين وهم من أبناء المدارس والجامعات الذين يستهويهم ويقويهم بريق الجديد فيسارعون إليه ويتمسكون به ويدافعون عنه من غير نظر إلى ما قد يكون فيه من أخطار تهدد مفاهيمهم الدينية التي يقوم عليها وجودهم وكيانهم.
ومن هنا كانت مسؤولية المسؤولين عن التعليم عظيمة تلقاء تزويد النشء بجانب كبير من تعاليم القرآن يساعدهم على الصمود في وجه الدعوات الهادمة.
ان تعليم المدارس والجامعات لا يكفي لبناء الشخصية المسلمة المتكاملة بل ان الحاجة ماسة إلى تأليف كتاب يواجه الشبهات والدعوات المنحرفة يتعلم منه النشء كيف يدافعون عن دينهم ومعتقداتهم حتى يتقوا الفتنة وذلك بضرب الأمثال والمقارنة وبيان الأسباب التي كانت وراء انهيار الشعوب.
من الواضح لكل منصف ان القرآن لا يعارض التطور ولا التجديد إذا كان فيهما نفع صحيح، ولكن الناشئة لقلة زادها من كتاب الله يسهل خداعها وتخبطها.
ان البحث في أية مسألة والدخول في الجدل بشأنها يتطلب العلم بما يتعلق بهذه المسألة، ولكن ما أكثر الذين يجادلون في كل شيء بغير علم ذلك بأنهم مغرورون يظنون انهم بالعلم القليل المبعثر الذي حصلوا عليه قد صاروا من العلماء الأعلام. كم أتمنى أن تعقد الندوات برئاسة علماء الدين، فان مجرد شعور الناشئة بضحالة وضآلة ما عندهم من علم يكفي لشفائهم من الادعاء ومن الغرور الذي يملأ رؤوسهم ليدركوا مغزى قوله تعالى.. {وّفّوًقّ كٍلٌَ ذٌي عٌلًمُ عّلٌيمِ}.
|