Sunday 7th december,2003 11392العدد الأحد 13 ,شوال 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

كيف نحدثهم عن الإسلام؟ كيف نحدثهم عن الإسلام؟
سلمان بن فهد العودة

الشباب المسلم المبتعث في أمريكا وأوروبا يواجه سيلاً من الأسئلة عن الإسلام، تنوعت أساليبها، واختلفت دوافعها، ومضمونها واحد:
لماذا يبيح دينكم تعدد الزوجات؟
ولماذا المرأة على النصف من الرجل في الشهادات والمواريث وغيرها؟
لماذا «يمتهن» الإسلام المرأة؟!
وهل الإسلام دين إرهاب حين شرع الجهاد؟
ومن نصدق: السنة أم الشيعة؟
وحول هذه القضايا وما يشابهها يدور تفكيرهم.
* وما علق بالمحال فهو محال؛ إذاً فهو ممنوع، وقد يجد في بعض المسائل رأياً شاذاً فيعتمده، المهم عنده أن يلطف الموضوع... وخلال زيارتي لأمريكا وجدت هذا الإحراج يؤذي بعض الشباب المتدين، ممن لا يملك المعرفة الإسلامية الصافية ولايدري ما المخرج منه فكنت أقول:
لماذا نكون مدافعين؟
لماذا لا نهاجم؟
وقد عرفنا أنه ما غُزي قوم في عقر دارهم إلا ذلوا، فإذا سألك محدثك سؤالاً فوجّه إليه عشرة..
إذا سألك عن الجهاد في الإسلام فاسأله عن السياسة الأمريكية في مواقع كثيرة من أنحاء العالم، والتي تقوم على التدخل الصريح المكشوف، فضلاً عن التدخل الخفي...
وإذا سألك عن تعدد الزوجات فاسأله عن الإباحية الجنسية الصارخة والتي مزّقت المرأة تحت عجلاتها الفولاذية المدمرة... حيث لا مسؤولية للرجل عن المرأة، ولا عن ما يحدثه الاتصال المحرم من آثار ونتائج..
وإذا سألك عن الميراث فاسأله عن النظام القائم عندهم، والذي يمنح المرأة 60% فقط من مرتب الرجل، الذي يعمل في الوظيفة نفسها، ويقضي الساعات نفسها في العمل... ولايعني هذا التهرب، لكن يعني ألا تجيب وأنت في حالة ضعف وحرج؛ لئلا يجرك هذا الضعف إلى العبث بأحكام الله من أجل سواد أو زرقة عيونهم!..
ويمكن أن تنتقل مرحلة أخرى لتبين أن الإسلام بشرائعه هو الحل للمشكلات التي يعانونها، وعلى سبيل المثال: حسب بعض الاحصاءات فإن نسبة النساء إلى الرجال في الولايات المتحدة الأمريكية هي 119 إلى 100، أي أن لكل مائة رجل مائة وتسع عشرة امرأة، وفي بعض الولايات تصل النسبة إلى 160 إلى 100 والتعدد هو الذي يحل تلك المشكلة... حيث يلتزم الرجال بالقيام على شؤون الزوجتين، أو الزوجات، وتحقيق العدل الممكن بينهن، وتحمّل المسؤوليات المترتبة على الزواج..
ونظام الإسلام في المساواة بين الناس، لا فضل لأحد على أحد إلا بعمله إن كان صالحاً هو الذي يقضي على التمييز العنصري القائم عندهم.
ونظام الإسلام في الجهاد هو الذي يجتث جذور الطغاة، ويتيح للناس مجال التفكير والاختيار الحر دون ضغط أو إكراه، فهو يسعى إلى تعبيدهم لرب العالمين، لا لفرد، ولا لقبيلة، ولا لشعب.. إلخ.
ثم يجب أن نفرّق بين أمرين مختلفين تماماً:
أ - الحكم الشرعي الثابت والسنة المحكم القاطع، فهذا ليس من حق أحد -أياً كان- أن يحوّر فيه أو يزيد أو ينقص خجلاً أو لرغبة أو رهبة، والداعية حين يتدخل في الحكم نفسه فيخبر بخلاف الحق يكون خائناً للإسلام، وخائناً للمدعوين أيضاً، فليس من حقه أن يتدخل في شأن من شؤون الألوهية.. وهو موضوع الحكم والتشريع..
ب - المسائل الاجتهادية المترددة، فهذه يعرضها الداعية عرضاً معتدلاً متجرداً، حسبما يلائم الحال والموقف، فليس من الحكمة أن يختار أشد الأقوال وأحدّها ليقدمه على أنه هو دين الإسلام، وهو يتحدث لأقوام في حال تأليف وتليين لقلوبهم واستمالة لمشاعرهم.
ت - العمل على إقناع المدعو بقبول الحكم، بأن يستخدم الداعية جميع إمكاناته العقلية والعلمية، ويوظف جميع معلوماته لإثبات صحة هذا الحكم وأنه الحق. ليستثمر مثلاً مسألة الإعجاز العلمي، الإحصائيات، التجارب البشرية المختلفة، الأوضاع القائمة، الجدل العقلي.. إلى آخر ما يستطيع أن يحشده لإقناع المدعو بالإسلام... هذا كله لا غبار عليه، بل هو جزء مهم من الدعوة ومن البلاغ.
يجب أن نغرس في نفوس الشباب الثقة المطلقة بالإسلام، كلياته وجزئياته، عقائده وأحكامه، وأن نحول دون تسرّب أي شعور بالضعف أو النقص إلى نفوسهم من جرّاء الحصار الذي يحاول ضربه عليهم بعض المجادلين.
إننا لا نقدم شيئاً ذا قيمة للإسلام إذا أوهمناهم أن الإسلام شيء قريب مما يعيشونه، وأن الحياة الإسلامية لا تختلف كثيراً عن حياتهم، وأن نظام الإسلام يشبه نظامهم، إنهم بهذا يزهدون في الإسلام ويعرضون عنه فهم هاربون من جحيم حياتهم... وحين يتساءلون عن الإسلام أو عن غيره فإنما يبحثون عن (منقذ) أو (مخلص).. فلنعرض لهم الإسلام بتميزه ووضوحه واختلافه الواسع العميق عن جميع ما عرفوا ويعرفون، حتى ندعوهم إلى التفكير فيه. ولنقدم لهم الإسلام من خلال منطق قوي أخّاذ، وحجة ظاهرة، وفهم عميق.
{فّإنَّمّا عّلّيًكّ البّلاغٍ وّعّلّيًنّا الحٌسّابٍ (40)} الرعد: 40 .. {فّذّكٌَرً إنَّمّا أّنتّ مٍذّكٌَرِ (21)لّسًتّ عّلّيًهٌم بٌمٍسّيًطٌرُ (22)} *الغاشية: 21 - 22*.
ليس من الضروري أن نتصور أن الدنيا ستتحوّل على أيدينا إلى «دنيا إسلامية.. مية بالمية!»، لكن من المهم أن نحرص على هدايتهم، وأن نتحايل عليها بكل ممكن مباح، وأن نتقن عرضنا لهذا الدين، ونتعرف على نفسياتهم أياً كان مستواهم العلمي أو مرحلتهم العمرية، وأن نقدم لهم القيم الإسلامية العليا كالحرية والعدالة والكرامة الإنسانية التي تثبت لهم أنه أرقى من كل ماعرفوا من هذه النظريات، وقبل هذا وبعده أن نكون في سلوكياتنا وأخلاقنا وأنماط حياتنا مثلاً أعلى لهم، والله المستعان!
إن الكثير من المسلمين يدعون بألسنتهم ويصدّون عن سبيل الله بأفعالهم وتناقضاتهم وازدواجيتهم واهتماماتهم الصغيرة وتفكيرهم المحدود، فإلى الله المشتكى!

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved