Sunday 7th december,2003 11392العدد الأحد 13 ,شوال 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

دفق قلم دفق قلم
ما أسعدنا بك
عبد الرحمن صالح العشماوي

أنت حبيبة إلى قلوبنا، قريبة من نفوسنا، جميلة في عيوننا، أنتِ التي تنشرالسعادة بيننا إذا لاحت لنا مواكبك تجوب الآفاق، وترسم في الأجواء لوحةً قل أن ترى مثلها الأحداق.
أنتِ حبيبةٌ لأنك تستحقين فيض المشاعر الصادقة، ونَبْضَ القلوب الخافقة، وأنهار الحب الدافقة، ولأنك تقبلين إقبال الخير والسخاء والنَّماء، تحملين معاك ما يُروي القلوب الظماء، ومايشرح صدور البشر، وينعش أوراق الشجر، ويثير مكامن الشَّذا في براعم الزَّهر، أنتِ حبيبة غالية لست كغيرك ممن نحب، لأن حبَّك شيء آخر يتميَّز عن حبنا الذي تُستثار به الآهات، وتتلعثم به الكلمات، وتشتعل به الخَلَجات، نعم -أيتها الحبيبة-، فبرغم ألوان بشرتك السمراء الدَّاكنة، وبرغم رياحك، وأعاصيرك، ولفحات بردك القارس، وبَرَدك المتجمِّد، وبرغم ما تثيرينه من خوفٍ وقلق حينما تزدحم بما تبعثين به إلينا الشعاب، وتغرق به الثياب، وتتقطَّع به السُّبل، وينتشر به في القلوب الوجل، وبرغم ومضات برقك اللَّماح، وجلجلة هزيم رعدك التي تكاد بعض صرخاته تذهب بالألباب؛ برغم ذلك كلِّه، فأنتِ حبيبة غالية، وأنت من أجمل ما نرى من لوحات هذا الكون العجيب، ومن أغلى ما يصل إلينا من جواهر هذه الحياة ولآلئها.
أنتِ حبيبةٌ -والله- إلينا، فاركضي في آفاقنا، وتراكمي في أجوائنا، أرسلي إلينا مهام برقك الذي يكاد يذهب سناه بالأبصار، وهزّي مسامعنا بزمزمات رعدك الذي يبوح بما في حناياك من الشوق الكبير، والحب العميق.
ما أسعدنا بك!
وما أحوجنا إلى ما تجودين به علينا -بإذن الله وإرادته- من الغيث الغَدَق النافع الذي يسقي العباد والبلاد، ويبرِّد لهب اللَّوعة من الأكباد.قلوبنا تخفق بحبك، وأشجارنا تعزف حفيف أغصانها فرحة بقربك، وأزهار رياضنا تنشر عطرها في كل ناحية احتفالاً برذاذك الجميل، وماء غيثكِ السلسبيل، والتراب في أرضنا يعبر عن كوامن عشقه، وحرارة شوقه بما يبعثه من «فَوْحٍ» بديع، يرتفع بخاره حاملاً معه «رائحة الثرى» التي لا يمكن أن تنبعث إلا حينما تلامسها ذَرَّاتك النقيَّة الصافية، ورَذاذُكِ الهادئ، وديمتُكِ الهَنيَّة الرضيَّة.
ما أسعدنا بك ياغيوم السَّماء، يا مراكب السحاب، يا وميض البروق، وهزيم الرُّعود، يا ذرَّات المطر، يا زَخَّات الغيث الغزير، يا نعمةَ الله العظيمة التي تثير في مشاعر الناس شعورَها بالخير والعطاء، وتبعد عن نفوسهم أشباح الجدب والجفاف وتزفُّ إليهم أسمى معاني الكرم والسخاء.
أنتِ حبيبة إلى قلوبنا، لأنك تغسلين الأرض من غبار جفافها، وتغسلين الواحات من أوضار ذبولها، وتعيدين إلى الأزهار أملها في حياةٍ مشرقة بالخصب والنُّضْرَةِ والبهاء.
أنتِ حبيبة إلينا -في كل حالاتك- ولكنك في حالة «الدِّيمة الهادئة» تكونين أبهى بهاءً، وأجمل جمالاً وأقرب إلى النفوس، ديمتُك التي تُلقي على الأرض دروس الهدوء والرِّقة، وتذكرنا بمعنى الحديث الشريف «خير العمل أدومه وإن قلّ» و«خير العمل ما كان دِيمْةً»، ديمتُكِ التي تهمس برذاذها همساً، وتسعد قَلْب من يستمع إليها بهمسها البديع، ديمتُك التي دَعَا بها الشاعر العربي لديار حبيبته حين قال:
فسقى دياركِ -غيرَ مُفسدها-
صَوْبُ الرَّبيع وديمةٌ تَهمي
وها أنتِ- يا حبيبة القلوب- تأتين إلى أرضنا- هذه الأيام- في صورتك الأجمل، والأَرقّ «ديمةً «أكاد أجزم أن الثَّرى يتغنَّى بها، وأنَّ الأشجار تتمايل على همسات رذاذها، والأزهار تخرج كلَّ ما في براعمها من بديع الألوان، وجميل الأشذاء على لمسات ذرَّاتها الناعمة.
أنتِ حبيبة إلى قلوبنا، لأنك رحمة من الله، وغيثٌ يسعد القلوب، ويحيي ذوابل الواحات، ويسقي جميع مافي أرضنا من المخلوقات لكِ يا غيومَ العطاء صادق التحية من قلوب تهتزُّ شوقاً إليك.
إشارة


فيك للأشواق معنى المشرق
فارفقي بالنابض المحترق

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved