Friday 19th december,200311404العددالجمعة 25 ,شوال 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

رسالة إلى المطلوب رقم (15) عيسى العوشن رسالة إلى المطلوب رقم (15) عيسى العوشن
يوسف بن محمد العتيق

أخي العزيز عيسى العوشن
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
حقيقة لو قيل إن أكثر المندهشين من وجود صورتك من بين قائمة ال (26) هو أنا لكان هذا صحيحاً؛ فوالله إني حين سمعت الاسم ورأيت الصورة في التلفاز للمرة الأولى لم أصدق أبداً وقلت: لعله اسم على اسم؛ لكن حين شاهدت صورتك في الصحف أتاني ما يشبه الصدمة.
صحيح أني لم أرك منذ فترة طويلة، لكن ما أعرفه عنك في فترة اتصالي اليومي بك يجعلني أحتار هل هو أنت أم أنه تشابه أسماء لكن حين طالعت الصحف جاء الخبر اليقين وجعلني والله أتمثل قول المتنبي:


طوى الجزيرة حتى جاءني خبر
فزعت منه بآمالي إلى الكذب
حتى إذا لم يدع لي صدقه أملا
شرقت بالدمع حتى كاد يشرق بي

نعم، والله وقسماً بالله أني ذرفت الدمع، من هذا الخبر الذي نزل عليّ كالصاعقة بل أشد؛ لأني أعرفك من خلال صحبة في مقاعد الدراسة في مرحلة التوجيهي في معهد الشفا العلمي ثم تزاملنا عاماً آخر في مقاعد الجامعة.
أخي عيسى: والله لن أنسى أن مواقفك في سني المراهقة والشباب كانت مواقف حكيمة تدل على نضج وعقل فما الذي دهاك الآن!!
ووالله وأقولها بكل صراحة أنك من أكثرنا نضجا إن لم تكن الأكثر نضجا على الإطلاق فأنت وأنت تصغرنا سنا كنت بمثابة القدوة لنا جميعاً في هدوئك وتدينك الصادق.
أخي عيسى إن كنت أنسى فلن أنسى رحلة العمرة التي صحبتك فيها في العام (1415هـ) وكانت من أنفس الرحلات وأطيبها وعامرة بالمشاعر الإيمانية والمواقف الطيبة والمشاهد الطريفة التي لن تتكرر.
أخي عيسى: لن أنسى موقفك الأخوي الرائع حينما استلمت بالنيابة عني نتيجة اختبارات الفصل الأول وأتيت لي مناصحاً وموجها ومرشدا لي حين أخفقت في بعض المواد وبحمد الله كانت نتائجي الدراسية طيبة في الفصل الدراسي الثاني بعد توفيق الله ثم من تسبب في ذلك وأنت لا شك منهم.
ووالله لن أنسى هدوءك وقلة كلامك إلا فيما يفيد.
أخي عيسى: لن أشكك في بيان وزارة الداخلية لكن من كان بتلك الصفات هل يعقل أن يرتكب جرما في حق إنسان معصوم الدم فضلا عن مسلم!!
أخي عيسى: أتذكر والله أتذكر أنك تشتكي من بعض الصفات الحزبية لدى طائفة من المتدينين؛ وكانت تلك الصفات التي تمقتها أقل بكثير مما أنت واقع فيه الآن.
بل أتذكر جيداً أن احد الأصدقاء المشتركين بيننا قال لي ذات يوم إن عيسى يجد بعض المضايقة لكونه لا يجب الأفكار الحزبية في تربية النشء.
أخي عيسى: كم كانت فرحتي بك كبيرة حين بشرتني بزواجك؛ وكنت صهراً لأحد كبار علماء هذا البلد المعروفين بالعلم الغزير والفضل الكبير.
بل أتذكر جيداً (نعم أتذكر) أنك قررت من تلك الأيام أن توثق فتاوى هذا العالم في كتب مع توجهك للجانب العلمي.
كانت كل خطواتك في تلك الفترة تدل على توجهك العلمي البحت؛ ومحبتك للعلم وأهله؛ ووالله وقسماً بالله أنك كنت عفيف اللسان قليل الكلام مقدراً للعلماء.
وكنت تحدثني دائماً عن اهتمام علمي كبير يبشر بمستقبل طيب.. لكن!!
كنت محباً للكتاب قارئاً جيداً قليل اللهو.
هل يعقل أن من كان متلبسا بهذه الصفات يقدم على ما أقدمت عليه؟
ألست تعلم - وأنت خير من يعلم - أن من أعظم الجهاد نشر العلم؛ وتوجيه الأمة وانه بدرس علمي واحد تستطيع أن تبني الكثير والكثير.
والله إني أعرفك مبغضاً للغلو محبا للعلم والاعتدال وأهله منصرفاً لشأنك الخاص.
ودعني أخي عيسى أتكلم بكل صراحة فأقول: الجميع يتوقع أن يقع في مثل هذه الأمور- لا سمح الله- غيرك ممن تلبس ببعض الغلو ممن كان مصاحباً لنا في تلك الفترة، لكن أنت لا ثم لا فما الذي صار لك في هذه الدنيا!؟
أخي عيسى: أنت ممن يحمل بين جنبيه كتاب الله الكريم حفظاً وفهما؛ ثم درست علوم الشريعة من مواطنها الصحيح فهل هذه المقدمات الطيبة تكون نتيجتها غير إيجابية.
أخي عيسى: من حق الجميع عليك أن تخلو بنفسك قليلاً من الوقت للتفكر في ما حصل لك وأنا واثق انك ستتخذ القرار السليم الذي يرضي الله سبحانه وتعالى. هل أنت على خطى النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أم أنك قد شططت عن الجادة؛ وليكن لنا جميعاً قدوة في سلفنا الصالح بل الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه حينما قال: (ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل).
أخي عيسى: أرجو أن تتأمل جيداً في النصوص الشرعية جديا بعيداً عن تفسيرات فلان وفلان بل من خلال ما أعطاك الله من فهم ومعرفة فأنت تفهم النصوص جيداً وتعلم كيف تتعامل معها.
أخي العزيز عيسى: هل أقول لك أم أنت تعرف كم جرت علينا هذه الأعمال وأمثالها من ويلات ونكبات فحرب في أفغانستان ومثلها حرب طاحنة في العراق وتضييق على المسلمين في كل مكان وبخاصة أبناء هذا الوطن.
وعلى مستوى بلادنا هذه ما الذي حصل لا أقول إلا رحماك ربي عاشت الأسر في ويلات وهموم لا يعلمها إلا الله.
هل تصدق ونحن في بلد الطهر والتدين الصادق هذا يجري لنا ما جرى.
وتضييق على العمل الخيري وإساءة النظرة لأهل التدين والصلاح بعد أن كانوا محط تقدير الجميع أصبحوا محط نظرة الريبة والشك.
أخي عيسى: لن أقول لك افعل كما فعل الخضير والفهد من توبة وتراجع بل سأقول لك افعل ما يتطلبه منك النص الشرعي من وجوب التوبة إلى الله.
أخي عيسى: هذه الأوقات التي قضيتها متنقلاً بين البلدان متخفيا عن انظر الحكومات قارنها بما لو كنت معلماً ومدرسا في المسجد الذي تؤم المصلين فيه أيهما كان النفع بك أكبر هل هو في ذلك أو هذه الحالة التي تمشي فيها تترقب كل حركة وسكنة إلى جوارك تخشى من أقرب شخص إلى جوارك لا تهنأ برقاد ولا تخشع في صلاة وتنتظر في صباح كل يوم ومسائه مداهمة رجال الأمن وقد تتخلص من هذا الموقف وقد تقع في أيديهم قتيلاً أو أسيراً؛ ولا حول ولا قوة إلا بالله من كانت حاله كهذه.
أخي عيسى: ختاما تذكر أشقاءك ووالديك وأسرتك وذلك العالم الذي كنت مقربا لديه وهو الذي تحبه كثيرا وتهفو قلوب الجميع للدراسة عليه؛ وهو من يتمتع بالصلات الطيبة مع ولاة الأمر جميعاً.
هل كل هؤلاء يستحقون التفريط فيهم تحت شعارات الله أعلم بها.
أخي عيسى مادام أن الشمس لم تطلع من مغربها؛ والروح لم تخرج من الجسد فهناك إمكانية التوبة وتصحيح ما مضى فهل تكون شجاعاً في توبتك كما كنت مقداماً في كثير من مواقفك؟!
أخي عيسى ما كان لي أن كتبت هذه الكلمات لكن، والله انه لم يجعلني اكتبها لك إلا أنني أحب الخير لك وأحب الخير لوطني قبل ذلك.

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved