Saturday 20th december,2003 11405العدد السبت 26 ,شوال 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الفصل الأخير الفصل الأخير
شعر / عبدالرحمن صالح العشماوي

فصلٌ أخيرٌ ليس بالآخِرِ
جرى أَمام السامع الناظرِ
فَصْلٌ رأينا فيه ما صوَّرَتْ
لاقطةُ المأمورِ والآمرِ
في مشهدٍ يجري على مسرحٍ
يسخر من جمهوره الحاضرِ
وتسخر الأضواءُ مما اختفى
خَلْفَ حجابِ المسرح السَّاتر
فلا تَسَلْ عن مسرحٍ، لم يَزَلْ
يعرض وجهَ الهازئ السَّاخر
فَصْلٌ تَوارى فيه جَزَّارُه
وغابَ نجمُ الخائنِ البائرِ
فصلٌ من المسرح، إخراجُه
يُوحي بفنِّ المخرجِ البَاهرِ
أين مَهيبُ الأمسِ، ما بالُه
يُرسل طَرْفَ المُتْعَبِ الخائر؟
أين، إلى أين، وكيف الْتَقى
في المسرحِ المجبوبُ بالعاقرِ؟!
كم كاسرٍ، طال به عُمره
حتى شكا من مخلبٍ كاسرِ
كم جائرٍ بالظلم نال المُنَى
حتى اشتكى من صَوْلةِ الجائر
أَنْسَتْهما زَحمةُ دَرْبِ الهوى
صَوْلةَ خلاَّقِ الورى القاهر
واللّهُ من فوقهما غالبٌ
يقضي قضاءَ الخالقِ القادر
في سُنَنِ الكونِ لنا عبرةٌ
تكشف هَمَّ الخائفِ الحائر
عَدْلٌ من الرَّحمن في حُكمِه
جرى على الأوَّلِ والآخِرِ
هل علمتْ بغدادُ عمَّا جرى
وكيف أَوْدَى السِّحرُ بالساحرِ؟
وهل رأى دجلةُ وجهَ الذي
عَطَّشَهُ في الزمنِ الحاضرِ؟
وهل رأتْ عينُ الفراتِ الذي
مدَّ الى الباغي يدَ الصَّاغرِ؟
يا ليتَ آلافَ الضحايا، رأوا
آسِرَهم في قَبْضةِ الآسرِ
حَلَبْجَةُ المأساةِ، يا ليتها
تقرأ معنى جفنه الغائرِ
أين مَهيبُ الأمسِ، ما بالُه
بدا لنا منكسرَ الخاطرِ؟
لو حدَّثتْ بغدادُ، قالتْ لنا:
لا تعجبوا من عَثْرةِ العاثرِ
صاحبُكم، صاحبُهم، لم يَغِب
يوماً عن المستنقع الدَّائري
كرسيُّه، خَنْدقُه، سجنُه
ألعوبةٌ من مُخرجٍ شاطرِ
أكذوبةٌ كُبْرَى على أمةٍ
كُبْرى، ترى الثُّعبانَ كالطائرِ
كم لُدِغَتْ من ألفِ جُحرِ وما
زالتْ تَمدُّ الكفَّ للغادرِ
كم عِبْرةٍ، لم يتخذْ عِبْرةً
منها فؤاد الغافل السادرِ
لو درت الخمرُ بآثارها
ما استسلمتْ في قَبضةِ العاصرِ
ولو رأى الباغي خواتيمه
ما صَرَفَ السَّمع عن الزَّاجرِ
لو عاد فرعونُ الى رُشْدهِ
ما غاص في موج الأسى الهادِرِ
ولو رأى النّمرودُ دربَ الهُدَى
ما واجهَ الموتَ بلا ناصرِ
وذو نُواسٍ، لو رعى حَقَّه
ما فُجِعَ الأخدودُ بالحافرِ
ولا شوَتْ نيرانُه مؤمناً
يرجو ثوابَ المانح الغافرِ
ماجتْ بهم أهواؤهم فانتهوا
نهايةَ المنهزمِ الخاسرِ
يا فجرَنا، أَشرِقْ، فإنَّ المُنَى
مرسومة في وجهكَ السَّافر
أَسرِجْ خيولَ الوعي في أمَّةٍ
مشغولة عن روضها الزاهرِ
حرِّكْ لسانَ الصدقِ، حدِّث به
من يحسَبُ الباطنَ كالظاهر
ومَنْ يَظنُّ السيفَ مثل العصا
والنَّآقة البَكْرَةَ كالفاطرِ
قُلْ قَوْلةَ الحقِّ التي يزدهي
لما يَراها، نَظَرُ الناظرِ:
نهايةُ «البَعثيِّ» تَروي لنا
نهايةَ المستكبرِ «النَّاصري»
دائرةٌ سوداءُ مرسومةٌ
في دفتر المستعمِرِ الجائرِ
مَنْ خادَعَ الأمَّةَ عن نفسها
ماتَ بلا خُفّ ولا حافرِ

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved