Saturday 20th december,2003 11405العدد السبت 26 ,شوال 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

ليس ضبط المتسولين هو الحل!! ليس ضبط المتسولين هو الحل!!
محمد حزاب الغفيلي/الرس

يتبرم الكثيرون في كتاباتهم من التسول والمتسولين الذين ينتشرون في شوارع المدن وتقدر عددهم إحدى الدراسات الحديثة بنحو 15 ألف متسول ويتساءل البعض كيف يوجد متسولون في بلادنا مع وجود الجمعيات الخيرية المنظمة والهيئات المسؤولة عن توزيع الصدقات واهل الخير الذين يتقصون كل بائس ومحتاج؟!
أما أنا فلدي وجهة نظر مغايرة تأخذ في الاعتبار الأمور التالية:
1- التسول ليس ظاهرة خاصة بنا فالمتسولون موجودون على مستوى العالم بما في ذلك البلدان التي هي أكثر غنى من بلادنا.
وعليه فلا يمكن بالضرورة اعتبار وجود المستولين في بلادنا على أنه يشوه السمعة أو يعطي للآخرين انطباعاً غير حسن عن مستوى المعيشة لدى هؤلاء الناس الذين يمارسون هذه العادة التي يفترض ألا يمارسها إلا الفقراء والمحتاجون خاصة وقد وجدوا ان 80% من المتسولين هم من غير السعوديين كما أنه ليس كل من يتسول من السعوديين يتسول لتوفير لقمة العيش ولكن لزيادة تحسين مستوى معيشته وتوفير ما يمكن توفيره من مستلزمات الحياة العصرية له ولأسرته.
2- مع ذلك لا ننكر وجود فقراء في بلادنا والذي ينكر ذلك ربما يقيس على ما يشاهده من مظاهر الغنى في بعض المدن وإلا فهناك أناس كثيرون يعيشون عيشة الكفاف حتى وان لم يلجأوا الى التسول وهم أكثر تواجداً في المناطق البعيدة كما يوجد على النقيض فقراء داخل المدن وقد كشفت زيارة سمو ولي العهد لبعض أحياء الرياض القديمة عن شواهد من هذا القبيل جعلت سموه - حفظه الله - يأمر بإنشاء صندوق لمكافحة الفقر.
3- من الخطأ التعويل كثيراً على مساعدات الجمعيات الخيرية وصدقات المحسنين في معالجة أحوال الفقراء لأنها مساعدات محدودة ولا توفر موارد شهرية ثابتة للأسر المحتاجة ولذلك استغرب عندما اسمع او اقرأ لمن يقول او يتساءل كيف يوجد لدينا متسولون مع وجود الجمعيات الخيرية ومحبي الخير والاحسان أخذاً في الاعتبار ان مساعدات الجمعيات الخيرية وصدقات المحسنين هي في الغالب الأعم للمحتاجين من سكان المدن أما المحتاجون من القرى والبوادي والمناطق النائية عموماً فلا يصل إليهم منها شيء الا اللهم النزر اليسير الذي لا يسمن ولا يغني من جوع والذي يكون في الغالب مساعدات عينية عبارة عن تمور وملابس وأثاث قديم، ثم لا ننسى أنه حتى الرواتب الثابتة، لبعض صغار الموظفين والخدم والعمال لم تستطع ان تغنيهم عن تسول الجمعيات الخيرية وأهل الصدقات فما بالك بالأرامل والأيتام وبالأسر التي ليس لها دخل شهري ثابت كأصحاب المهن البسيطة وسائقي سيارات الأجرة وبائعي المساويك والبائعين الجائلين الذين تطاردهم البلديات في كل مكان.
4- ينبغي ان نضع في الاعتبار أيضاً ان الهدف من مكافحة التسول ليس ضبط المتسولين ومنعهم من التسول لان هذا قد يدفع بالمحتاجين الحقيقيين الى ما هو اسوأ وهو السرقة ولكن المطلوب هو دراسة أحوال هؤلاء الناس وايجاد الأعمال والبدائل التي تغنيهم عن ممارسة هذه العادة غير الحميدة.
هذا هو المطلوب من المسؤولين أما سائر المواطنين فالمطلوب منهم هو التواضع وعدم التبرم بإخوانهم الضعفاء وان يشكروا الله الذي أغناهم بفضله عن سؤال الناس.. وان يساعدوا المتسولين على تجاوز ظروفهم والتخلص من عادة التسول غير الحسنة ودعم جهود المسؤولين في الدولة وجهود الجمعيات الخيرية وجهود أهل البر والاحسان.
وفق الله الجميع الى القول السديد والعمل الصالح الرشيد.

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved