التفتيش النووي في المنطقة

تستطيع إسرائيل تجاوز كل الخطوط الحمراء والاحتفاظ بأسلحتها النووية في محيط عربي يخلو من مثل هذه الأسلحة، ويطالب بإزالتها ويتعرض لضغوط بالتفتيش عنها بل وتبادر بعض دوله بفتح أبوابها طواعية لمثل هذا التفتيش تجنبا للضغوط، ومع ذلك فإن لا أحد من كبار العالم ينتقد وجود تلك الترسانة النووية الإسرائيلية بل ولا يطلب واحد منهم أن يتم إخضاع إسرائيل للإجراءات التي تطبق على الآخرين، رغم أنها مصنفة كدولة غير نووية وبالتالي لا يحق لها امتلاك الأسلحة النووية.
ووسط الحديث الكثير عن أسلحة الدمار الشامل، بما فيها النووية، من إيران والعراق إلى ليبيا مروراً بسوريا، فإن تحركات المعنيين في العالم وخصوصا في الوكالة الدولية للطاقة النووية تحرص على عدم الاقتراب من إسرائيل رغم ثبوت أنها تمتلك 200 سلاح نووي جاهزة للاستخدام وهي مستمرة في تطوير ترسانتها النووية.
ويعكس ذلك حالة اللاعدل على مستوى التعامل الدولي، وسياسة الكيل بمكيالين لدى كبار العالم تجاه ما يحدث في الدول النامية، وكيف أن مثل هذه السياسات غير الحكيمة تقف وراء المشكلة الأساسية في المنطقة وهي القضية الفلسطينية، لأن إسرائيل ببساطة لا تجد ما يحملها على تنفيذ القرارات الدولية للتسوية، بل إنها تعقد الوصول إلى التسوية طالما أن تلك التسوية لا تتفق مع أطماعها في أراضي العرب.
وأمام مجلس الأمن الدولي الآن مشروع قرار تقدمت به سوريا لتحريم أسلحة الدمار الشامل في المنطقة، وقد سعت سوريا إلى ذلك بعد أن توجهت إليها أصابع الاتهام الأمريكية بأنها تقوم بتطوير مثل تلك الأسلحة، وعندها ردت سوريا بضرورة إلزام كل دول المنطقة بإزالة ما لديها من أسلحة نووية.
إن ما يراد للمنطقة واضح ويتمثل في استخلاص كل المعلومات وتجريد الدول من كل مظاهر قوتها لكي يتحقق التفوق لإسرائيل والهيمنة لها، ولهذا فإن مشروع القرار المطروح أمام مجلس الأمن لا يلقى ترحيبا أمريكيا لأنه يتحدث عن تحريم أسلحة الدمار في دول المنطقة بما في ذلك إسرائيل، وهذا أمر لا يستقيم والمكانة الخاصة التي تحظى بها إسرائيل لدى الولايات المتحدة، الدولة التي يفترض أنها تتوسط في السلام وترعى مسيرته!