Wednesday 31th december,2003 11416العدد الاربعاء 8 ,ذو القعدة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

التربية العربية رؤية مستقبلية التربية العربية رؤية مستقبلية
فهد مطني القمعان / عضو هيئة التدريس - كلية المعلمين - حائل

لقد أدرك الإنسان منذ القدم أهمية التعلم في حياته للمعايشة مع مجتمعه ولسبر غور مجاهل الحياة، وقد سبقت الإشارة إلى ذلك في القرآن الكريم.
التربية والتعليم مقصدا الحياة وركنها الركين التي أسست عليها فهما محور العيش ولذة المناجاة فبالعلم يعبد الله على بصيرة وبالتربية يتأدب مع الله ويقدره حق قدره ومن ثم تعرف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم وبذلك تسير المعادلة الصحيحة حتى نعرف حق كل ذي حق ما له وما عليه سلبا وإيجابا، كل ذلك قائم على التربية والتعليم ولا غرو أن نرى علائم النهضة والاهتمام بتطوير التربية والتعليم، على حين أن الغرب قد أنهى العتبة الأخيرة في سلم الرقي بالتربية.
لقد اعتنى الإسلام بالتربية والتعليم عناية خاصة إذ تواردت الأدلة الشرعية على ذلك من القرآن الكريم والسنة النبوية ومن ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم ( ما من مولود إلا يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه..) فهذا دليل على أن المربي له الدور الأول والأساسي في تكوين معتقد الطفل إن خيراً فخيراً وإن شرا فشرا لدرجة أن المعلم يتحكم في أثمن ما يملك ذلك الطفل وهو معتقده وقناعته الأولية فيصنع من ذلك الطفل معجزة العصر أو شقاوة البشر.
إذن من الذي يتحكم في مستقبل أطفالنا إنه أنا وأنت سواء كنا آباء أو مربين ومن هنا تكمن أهمية المربي في مجتمعه، إن خطأ طبيب في جسد مريض يقضي على حياة ذلك الإنسان بنيما خطأ مربٍ في تعليم تلميذ يقضي على آلاف عقول البشر ومن ثم يهدد حياة بني الإنسان.
هناك أسئلة تدور في خلجات كل من انتسب إلى طبقة المربين.
ما المقصود بالتربية والتعليم؟ ما مستوى تطوير التعليم الثانوي؟ ما هي آليات تأهيل خريج الثانوية ليكون في مستوى زملائه الخريجين في الدول المتقدمة؟
كيف نصل إلى تعليم متطور من أجل مستقبل أفضل؟ ما هي الاتجاهات والتحديات والأولويات؟ هل المقصود من ذلك كله تطوير التعليم بحيث يصبح تعليماً ذا فاعلية وتركيز يأخذ في الاعتبار خصوصيات المجتمع المسلم ولا يخالف التطور ولكن لا أدري، هل هو وقت طرح مثل تلك الأسئلة أم أننا بحاجة إلى عمل مثمر أكثر من حاجتنا إلى طرح بعض تلك النظريات التي لا تعدو أن تكون فاكهة أو مقبلات للندوات التي تطرح من أجل التلذذ بالحديث عنها على حين أنها لا تتعدى طاولة اللقاءات التربوية فآلية التنفيذ في مجتمعنا أشبه ما تكون معدومة أو معقدة أو يوضع دونها كم من المعجزات.
إن الحديث عن العملية التربوية الحديثة قد يطول ولكن لنبدأ في صلب العملية التربوية وهي المقررات الدراسية فعلى سبيل المثال لا نرى في بعض المواد الدراسية أو جزء منها ما يدل على أننا نسعى إلى التجدد والتطور، فبعض المواد الدراسية ما هي إلا سد لفراغ بعض المحاضرات الدراسية، أيضاً بعض المواضيع لا جدوى من دراستها لبعدها عن الواقع المحسوس وخاصة في المراحل الأولى فلابد من إقناع الشارع العام ثم أولياء الأمور ثم الطالب بوجوب التجديد في المناهج وفق رؤية شرعية متطورة وكما وجد النسخ في صدر الإسلام لحكم منها توافقه مع مجمتمع الصحابة وقاعدة (تغير الفتوى بتغير الزمان والمكان) كما أقر ذلك شيخ الإسلام ابن القيم فكل جزئية في تربيتنا هي بحاجة إلى مراجعة وتطوير فالأطروحات العملية مثلاً (رسائل الماجستير - الدكتوراه) نسب كبيرة من عناوينها تفتقد المصداقية وقلة الفائدة المرجوة منها في واقعنا المعاصر، مثل دراسة وتحقيق بعض القضايا في القرن السادس الهجري لم يكن لها بال في عصرها فكيف بوقتنا عصر الثروة المعلوماتية بلا شك أن ما أضيع فيها من مال وجهد أفضل لاستثماره في ما يبني مستقبلنا ويثري تربيتنا كذلك نسبة من رسائل الدكتوراه هي تحقيقات وليست إبداعاً علمياً وإنجازاً يصب في مصلحة الباحث فما على الباحث إلا أن يقلب نظره في مخطوطة (أ) ومخطوطة (ب) وكذلك (ج) ثم يركب هذه الأحرف المفقودة فهي أشبه بكلمات متقاطعة في عصر لم يعرف فيه الحاسب الآلي فهذه الرسائل هي خدمة لعصور سابقة أصحابها قد تركوا الدنيا لا تفيد عصرنا إلا بزيادة المجلدات، ذلك الكم من الرسائل ماذا قدم لنا من تطوير وتفعيل وابتكار في مناهجنا؟. نحن بحاجة ماسة إلى صيغ تجديدية متطورة لمراحل الدراسات العليا تخدم زماننا وتفيد في تربية أبنائنا ثم إن مراكز التطوير التربوي لم ترتفع أسهمها إلا في السنوات الأخيرة لأنهم يعملون بصمت فشكراً لهم من الأعماق لأن ما يقال عن مناهجنا من سلبيات هو من عملهم الدؤوب.
مشكلة النفس البشرية أنها لا تقبل التجديد والتطوير معتبرة ذلك قدحاً وتنقصاً من قدسية الروح البشرية وتهجماً على تراث العلماء السابقين.
ما المانع من التطور وفق رؤية مستقبلية لا تعارض حضارة المستقبل من الطرائف ليس العرب من يكره التجديد بل في أمريكا وفي بعض ولاياتها هناك من يطلق عليهم إن صح التعبير (الهنود الحمر) لم تحتوهم حضارة أمريكا فهم لازالوا يعيشون في العصور المظلمة معنوياً وحسياً وكذلك في شبه القارة الهندية مع أنه لا يوجد لهم دين يعارض ذلك سوى معتقدات وتقاليد مقيتة يفرضها عليهم أسيادهم لتبقى العبودية البشرية على الأتباع.
يقول قائل نحن إسلامنا يعارض تلك الحضارة نقول ليس الإسلام ولكن فهمنا للإسلام هو ما يعارض ذلك فلا نجني على الإسلام باجتهادات فردية لبعضنا فنحن مازلنا بشراً قولنا يحتمل الوجهين، على سبيل المثال ماليزيا نراها أصبحت في وقت وجيز ثورة صناعية قد تكتسح الغرب مع أنها دولة مسلمة لكنها متقدمة صناعياً متحدية بذلك عوامل التأخر وقبلها اليابان التي اكتسحت أوروبا صناعياً يظن البعض من الناس أن القوة بامتلاك الأسلحة التقليدية ولكنه نسي أن هناك أسلحة سلمية أكثر فاعلية وهي الانتصارات الصناعية والثورة المعلوماتية فامتلاك القنبلة النووية يعتبر قوة ولكنه في الحقيقة يعتبر ضعفاً لأنه سلاح دفاع وليس سلاح هجوم لأنه لن يستخدم إلا إذا دعت الضرورة إليه، لا أظن أن أحداً يهدد أمن اليابان القومي لأن مصالح العالم ستتوقف بسبب زحفها الصناعي ولذا فقد نالت قصب السبق في هذا المضمار.
لكن يا ترى ما العلاقة بين الثورة الصناعية والمعلوماتية وبين التربية؟

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved