Thursday 1st January,200411417العددالخميس 9 ,ذو القعدة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

مشاركة شخصية في مؤتمر الحوار الوطني مشاركة شخصية في مؤتمر الحوار الوطني
د. فوزية عبدالله أبو خالد

بمناسبة انعقاد اللقاء الثاني للحوار الوطني بمكة المكرمة الذي كان لقاؤه الأول قد انعقد بالرياض في الفترة 15 - 18/4 من نفس هذه السنة الهجرية ترددت خارج قاعات المؤتمر المغلقة في عرض الشارع السعودي وطوله عدد من التعليقات وقيلت فيه وحوله وعنه أو عن فكرة الحوار عموماً العديد من الآراء التي لا أرى بأساً من نقل بعضها إلى من يهمه الأمر ما دمنا في مرحلة الحوار.
ومن هذه التعليقات:
هناك من قال، إن الحوار بحد ذاته خطوة ايجابية بغض النظر عن بعض جوانب القصور في التطبيق حيث ان التجربة في بدايتها لا بد أن تطورها الممارسة.
وهناك من قال، أي حوار هذا الذي يفتقد لمقاييس صريحة في تحديد من يدعى إليه ومن يستبعد منه ولا يتضح لعموم الناس الذين يتم الحوار باسمهم أويفترض أن يتم باسمهم على أي أساس تم اختيار محاور الحوار وهل هي تعبر فعلاً عن المواضيع الملحة التي يحتاج الناس التحاور فيها.
هناك من ذهب أيضاً إلى أبعد من ذلك قليلاً فقال: أي حوار حين لا يستطيع التلميذ أن يسأل استاذه ولا يستطيع المواطن أحياناً أن يسائل المسؤول ولا يجرؤ المرؤوس ان يرفع رأسه في حضرة الرئيس خاصة إذا كان الأخير من صغار الرؤوس.
وهناك من رأى في الرأيين السابقين مبالغة لا تقوم على رؤية الغد الواعد الذي يمكن أن يحققه الحوار على الأقل بتداول مفردة الحوار وتحويلها من مفردة منفردة كما تكون عادة في ظل هيمنة الفكر الأحادي إلى مفردة ايجابية قد تتحول بمزيد من توسيع المشاركة والتعلم من التجربة إلى أحد المفاتيح المهمة لتقبل الاختلاف وخلق ثقافة التسامح بديلاً لضيق الأفق والشوفانية ومشجب «الخصوصية» بمعناها الانغلاقي الذي قد يبدأ بالتسفيه للآخرين وينتهي لا سمح الله بتوسيع دائرة التصفيات.
وهناك من سأل متى يدخل إلى الحوار معلمات ومعلمو المدارس، الأطباء والطبيبات وغيرهم من العاملين والعاملات أوالعاطلين عن العمل بالاضافة إلى مختلف فئات الشباب والشابات في المناطق البعيدة كما في المدن الرئيسية البعيدين عن عيون الإعلام أو عيون من يوزعون الدعوات لمثل هذا الحوار.
وبالاضافة إلى ما تقدم من تعليقات كانت هناك آراء بعض المثقفين والمثقفات التي توزعت على عدة صحف وعدة مواقع شبكية وناقشت مباشرة بعض الأسئلة المستمدة من صلب طبيعة اللقاء الأول والثاني للحوار الوطني ومما جاء في ذلك:
- «كيف يقولون باشراك المرأة في الوقت الذي تقلصت فيه مشاركتها عددياً فكانت بمعدل غير عادل «عشر نساء إلى 60 رجلاً» وفي الوقت الذي اقتصرت فيه تلك المشاركة المحدودة على الحضور دون التمثيل في أي من لجان المؤتمر أو في أي من أوراق العمل ولا حتى بأخذ عينة من المطالب التي كان يجب فتح الحوار حولها مما سبق وقامت بطرحه العديد من الكاتبات والمواطنات عموماً سواء فيما يخص قضايا المرأة والأسرة أو فيما يخص القضايا الاجتماعية والسياسية والفكرية الأخرى».
وفي معرض الرأي عن مجمل مسار الحوار والكيفية التي أدير بها اعلامياً على الأقل وتحديداً بالنسبة لكون الحوار قد تم في جلسات مغلقة في دورتيه الأولى والثانية كان هناك الرأي القائل: «إن اغلاق الجلسات يشكل تناقضاً كبيراً إذ كيف يمكن أن مؤتمراً للحوار الوطني وتحيط السرية بجلساته.
إن المواطنين الذين يندرجون تحت مسمى الحوار الوطني هم أكثر بكثير من المشتركين في المؤتمر لأن الحوار يعني جميع المواطنين بالمملكة وليس حكراً على النخبة التي يتم انتقاؤها لتتحاور «بصمت» بعيداً عن اسماع باقي شرائح المجتمع، يفترض ان يمثل الحوار المواطنين بجميع أطيافهم من قمة الهرم إلى قاعه، وبالتالي يجب اشراك الجميع إن لم يكن بالحضور المباشر فعلى الأقل الاشتراك في سماع الطرح والاطلاع على مجريات النقاش خلال المؤتمر خاصة وان ما يطرح ليس سراً بل أموراً وقضايا قد تمس عموم المواطنين» وبحسب هذا الرأي فإن جدة تجربة الحوار تقتضي على العكس مما يشاع ان تترك مفتوحة لتقييم التجربة منذ بدايتها واشراك المواطن في معرفة جدواها للالتفاف حولها وحمايتها من التعثر حتى لا تكون عرضة للإعراض عنها أو التشكيك في جدواها ومدى صدقها في مد جسر التواصل معه وفي التعبير عنه أي كان موقعه على السلم الاجتماعي.
ورأي آخر في هذا الصدد تساءل عن السبب بأن لا يسمع المواطنون عن المؤتمر والمعنيون منهم بل والمنغمسون في الشأن الوطني إلا حين ينتهي أمر الترتيب له ولا يعود هناك من مجال لاقتراح الموضوعات أو مجرد الحضور المراقب لجلساته. فإذا كان من الطبيعي أن لا يتسع وقت الحوار ولا نقول أفقه لاشراك كل الراغبين في المشاركة لأن عندهم حقاً ما يسهمون به فعلى الأقل أيضاً إن لا يحرم عليهم أو يحرموا من حسنة المتابعة كمراقبين يشاركون بمتابعة النقاش الدائر بالحضور المستمع.
رأي آخر أيضاً «حسب علم الجميع وكما فهمنا من كلمة ولي العهد سمو الأمير عبد الله في اللقاء الأول للحوار الوطني فإن الهدف من انشاء مركز الحوار الوطني هو جعل الحوار متاحا للجميع شرط أن يتقيدوا بآداب الحوار بما يدعم اللحمة الوطنية وذلك من خلال اطلاع المجتمع على ما يدور فيه بكل شفافية ووضوح».
إن بث جلسات الحوار على التلفزيون السعودي مثلاً لا يصنع نجوماً اعلاميين لهذا الطرح أو ذاك من اطراف الحوار، كما قد يخشى البعض بقدر ما يصنع وعياً اجتماعياً بالمعنى الفعلي للحوار ويعمم روح التسامح ويؤسس لثقافة الاختلاف السلمي الذي يحل بالحوار في حب الوطن والحرص على مصلحته. فالتلفزيون على غير قناة الصحف أو الانترنت فهو يصل إلى أبعد نقطة بالمملكة يصل إلى الأم والأب وإلى الشباب الصغار الذين يعني وعيهم تحصينهم ومساعدتهم على تحصين الابناء وأنفسهم ضد الانجراف أو اللجوء إلى غير التوجه السلمي في التعبير وفي حب الوطن حب غير مرضي وغير استثاري فلا يكون رأيي ونفسي وبعدي الطوفان. كما أن بث حوار مثل هذه اللقاءات أو سواها مما يحذو حذوها أو يتوسع فيها تعطي العالم عنا صورة حضارية تبين التوجه الوطني السعودي الجديد على غير تلك الصورة التي يرسمها لنا الأعداء ويصدقها البعض لأننا لا نقدم الصورة البديلة أو نفضل أن نحتفظ بها في حجرة التحميض».
هذا وقد ورد وان كان بشكل محدود وأحياناً استدراكي بعض الآراء المخالفة لما جاء أعلاه ولكن ما دمنا في مرحلة الحوار فلابد من الالتزام بشروطها وفي هذا أورد عينة منها دون تفنيدها لأن تقابلها مع الآراء الأخرى كاف للتعبير عن موقف كل منهما.
- الحوار الوطني لضمان استمراره كوسيلة لرقي الأمة يجب حصره في النخبة وان يتم من وراء الأبواب المغلقة لضمان عدم اقتحام العامة لخصوصية ومراحل تأسيسه «ويستدرك صاحب هذا الرأي «شريطة ان تكون الموضوعات المطروحة متعلقة بشؤون النخبة كالاختلافات الفكرية أوالمتعلقة بالمذهبية مما يعني الابتعاد عن الأمور المتعلقة بصلب حياة العامة».
«.. إن معظم التوصيات التي خرج بها اللقاء لا ينبغي اعلانها للعامة.. فقد لا يكون من الحكمة اعلان كل ما يخرج به هذا اللقاء «ويستدرك» خصوصا في المراحل الأولى.
فعلاً الحوار بتركيبته الحالية هو تركيب نخبوي وربما يبقى كذلك لأن النخبة المتعلمة التي يتم دعوتها قادرة على التعبير عن القضايا التي تهم الكل..» واستدرك شرطاً أن تكون ممثلة لمشارب ومشاغل هذا الكل.
رأي ما قبل الأخير شدني بموضوعيته وتعلقه مباشرة بلب عملية الحوار ومؤتمره الأخير وهو رأي يقول: «كان من الممكن ألا تضيع المحاور الرئيسية لهذا المؤتمر وهي محاور جادة وهامة وشاملة من الشأن الاقتصادي والسياسي إلى الشأن التربوي والأمني في الحديث عن الآليات المصاحبة له لو جرى حوار سابق له موسع لتحديد الأسلوب أو الأساليب التي يمكن بها عقد هذا المؤتمر، تخير محاوره وتغطيته بما لا يشغل الرأي العام والمثقفين معا بالحوار اثناء انعقاده في التساؤل عن تلك الكيفيات».
وبعد هل احتاج بعد استعراض عينة من الآراء والتعليقات بشأن الحوار الوطني من اضافة أخرى. لقد آثرتُ عن سبق عمد وترصد ان استمع وأقرأ ما قيل وما لا يزال ليقال عن الحوار الوطني ومؤتمريه الأول والثاني وهذا بعض من فضيلة مناخ الحوار وشيء من مشاركتي الشخصية فيه ولو عن بعد، فما لا يدرك جله لا يترك كله، والكل كما تشي الآراء والتعليقات وكما يشي التوجه الوطني العام متفق على مبدأ الحوار وضرورته، ضرورة الهواء النقي لصنع مناخ وطني قادر على الاصطلاح وعلى تخليص الشارع السعودي من هاجس الرعب الأمني وتخليص الثقافة من الرعب الفكري، أوالتهديد الخارجي بما يجعل فلذات الأكباد من جميع فئات الشباب يشارك في تحدي التطوير والبناء ولا يكون هامشياً في وطنه أو معادياً أو مجروحاً منه.
بقيت اضافة أخيرة وهي أن هناك متلازمات للحوار الوطني - إذا كانوا جادين للعمل به ولا نريده لمجرد ذر الرماد في عيون الاعلام - هذه المتلازمات هي التسامح في اعطاء تصاريح «مقننة بالطبع» لاقامة المؤسسات الأهلية من اللجان ومنظمات العمل المدني بما يجعل المواطنين يتحملون مسؤولية المشاركة في البناء، توسيع التمثيل في الحوار الوطني ومجلس الشورى، اتاحة حرية الرأي المسؤول، التقنين لشؤون الوطن والمواطن واحقاق ثقافة الحقوق والواجبات على المستوى الاجتماعي والوطني. أما التفصيل في هذه المواضيع من متلازمات للحوار الوطني فنتركه لمقال آخر. هذا ولله الأمر من قبل ومن بعد.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved