Thursday 1st January,200411417العددالخميس 9 ,ذو القعدة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

شدو شدو
في علاج داء الازدواج
د. فارس محمد الغزي

استهلالا هلا سألت نفسك السؤال التالي: أي الحدثين التاليين سيكون وقعه عليك أشد من وقع الآخر: مشاهدتك لابنك المراهق وهو يدخن سيجارة.. أم مشاهدتك وهو يقود مركبته بسرعة وتهور؟ بل دعني مؤقتاً فقط أكف عن التجديف في بحر الاحتمالات فيما يتعلق بإجابتك أنت لأطرح عليك نيابة عن ابنك جوهر السؤال ذاته. أي من الخيارين يا ترى سيفضل ابنك: خيار (كفْشك!) له وهو يدخن أم خيار قيادته لسيارته بسرعة عالية؟!
وفي ضوء هذه السيناريوهات الافتراضية اسمح لي الآن لأقول بكل صراحة إن ابنك - سيفضل أحلى الأمرين ألا وذلك هو ضبْطك له مسرعاً لا مدخناً. وأوافقك الرأي حيال حقيقة كون التدخين من الأمور المحرمة وذلك لما يحدثه من أضرار في الصحة والمال.. غير انني احتفظ بحق سؤالك مرة أخرى: أي الحدثين (أضر) من الآخر.. التدخين أم السرعة؟ فالتدخين لا شك قاتل غير ان السرعة بالتأكيد أقتل، كذلك فالتدخين موت بطيء ومؤجل لفرد واحد وقد يمن الله على من ابتلي به بالشفاء من آفاته حين التوقف عنه غير أن السرعة موت مفاجئ تتجاوز بآثارها نطاق فاعلها لتطال أفراداً وأفراداً أبرياء بل تتجاوز الأموات إلى الأحياء في ضوء ما ينجم عن موت العائل/ المربي.. من انحراف أحداث.. وترمل نساء.. جنباً إلى جنب مع ما تحدثه من الآثار الأخلاقية / النفسية/ الاجتماعية على المدى الطويل.
وهكذا وبقليل من التحليل نجد أنفسنا كما ترى أمام معادلة بطرفين غير متكافئين البتة سواء في نوعية الجريمة أو كمية التجريم؟.. فما الذي خلق هذه الازدواجية.. أو التناقض كما في مثالنا الماثل في الانحياز (المفترض) ضد أنظمة المرور هروباً من وصمة التدخين..؟! كيف نجحنا بكل اقتدار كما هو مفترض وواجب في زراعة بذور تجريم التدخين في الأذهان (الثقافية) في حين فشلنا في تجريم الأسوء.. الأشد قتلاً .. السرعة؟!
لن أجيب عن هذا السؤال حيث إن محاوره وحيثياته وأبعاده أكبر وأعمق من حيز هذه المقالة لذا دعني فقط أكتفي بتخيل انني وإياك في رحاب مؤتمر علمي محوره الإجابة عن السؤال ذاته بالمحاور التالية: (أهمية) الأهم فالأهم قيميا.. الضرورات في ترتيب الأولويات..، ازدواجية السلوكيات باختلال أهمية القيم.. اغتراب الفرد بضبابية القيم..


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved