Friday 2nd January,200411418العددالجمعة 10 ,ذو القعدة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

ردع إسرائيل بإرادة شعبية ردع إسرائيل بإرادة شعبية
رضا محمد العراقي

الخبر الذي طيرته وكالات الأنباء أن مصريين اثنين نجحا يوم الثلاثاء «23 ديسمبر» في التسلل إلى داخل العمق الإسرائيلي وأطلقا النار باتجاه إحدى السيارات الإسرائيلية وتمكنا من العودة إلى مصر سيراً على الأقدام، واعترف قائد الوحدة الإسرائيلية «أدوم» التابعة للجيش الإسرائيلي شموئيلي زكاي بفشل كل المحاولات والملاحقات التي تمت بواسطة المروحيات العسكرية الإسرائيلية ولم تفلح في القبض عليهما لأنهما يعرفان المنطقة جيداً ويتحركان بصورة سريعة جداً.
هذا الخبر يذكرنا بما حدث من الجندي المصري سليمان خاطر بعد أن أطلق النار على عدد من السائحين الإسرائيليين وكذلك من الجندي الأردني الدقامسة بعد عملية استفزاز تعرضا لها.
فالأحداث الجسام مع العدو الصهيوني بعد عملية السلام العربي الإسرائيلي لا تأتي إلا من أشخاص عاديين لا تعرف أسماءهم وسائل الإعلام ولا يدلون بآرائهم ومرئياتهم في البرامج الحوارية ونقاشات المثقفين، ولا في ندوات أهل الاختصاص والعقد والحل، بل هم أناس أخذوا قرارهم بمفردهم ونفذوه في هدوء بعيداً عن الشعارات النارية أو الخطابات الطنانة؛ ولذلك كانت نتائج أعمالهم هادئة وصداها واسعاً، هزت الكيان الإسرائيلي والأوطان المنتمين لها.
فالعدو الصهيوني بعد أن كسب التأييد المطلق من الولايات المتحدة لكل أعماله الإجرامية والاغتيالات الجماعية والفردية على الشعب الفلسطيني الأعزل، والضمان من كل الإدارات الأمريكية المتعاقبة بأن تكون لإسرائيل اليد العليا العسكرية على كل دول المنطقة قاطبة استطاع تحييد كل جيوش المنطقة وخاصة دول المواجهة التي أصبحت دولاً صديقة بعد توقيع اتفاقات سلام معها، واطمأن شارون على نفسه وعلى جيشه بأنه لن تأتيه مباغتة عسكرية من دول الجوار، لكن خابت توقعاته وأطروحاته فلن يكون أبداً «الأمن مقابل السلام»، بل «الأرض مقابل السلام». وما حدث من المصريين والمقاومة الشعبية الفلسطينية بكل فصائلها أكد أن الرهان على السلام مع الأنظمة دون أن تكون هناك قناعة كاملة شعبية للسلام فإنه لن يتعدى الأوراق التي كتب عليها ولن يتعدى صداه إلا أصوات الأقلام التي وقعت عليه.. طالما أن الغطرسة الإسرائيلية وظلم آلاتها العسكرية مازالت تبطش بالأبرياء والعزل من أطفال فلسطين ونسائها وشيوخها.
فالرهان الآن على القوى الشعبية بمنأى عن الأنظمة السياسية وجيوشها، فما قام به حزب الله من ملحمة بطولية أجبر العدو الصهيوني على الفرار بجنوده من أمامه، والانسحاب من طرف واحد من الأراضي اللبنانية المحتلة خير برهان على استنتاجاتنا.
ويؤكد ذلك ما قامت به جماهير بريطانيا من حشد 200 ألف للتظاهر ضد زيارة الرئيس الأمريكي لبريطانيا، وقالوا له بملء الفم: لا نرحب بك وبسياسة إدارتك في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك ما يكابده رئيس وزراء بريطانيا توني بلير من مواجهات ومساءلات برلمانية وضغوط أجبرت نفراً من حكومته على تقديم استقالاتهم هرباً من المواجهة.
من متابعتنا للأحداث وإرهاصاتها وشجونها ونتائجها المتلاحقة نزعم أن هناك إجماعاً بين كثير من المعلقين والمتابعين للشأن الدولي على أن الحركة الشعبية الدولية ستكون لها الكلمة الأولى في مجريات الأحداث خلال الأعوام القادمة، ونستند في ذلك إلى المقاومة الفلسطينية الشعبية للاحتلال الإسرائيلي والمقاومة العراقية للاحتلال الأمريكي البريطاني، وتصاعد حدة المقاومة الشعبية في دول أوروبا وأمريكا. وكانت نتائج الاستطلاع الأخير اعتبرت أن إسرائيل هي الخطر الأكبر على العالم، وكذلك التظاهرات الشعبية ضد السياسات الأمريكية التي أصبحت منظراً مألوفا في كل الأخبار والفضائيات. وبدأت الشعوب الغربية تفقد ثقتها في حكوماتها التي ترى أنها تسير وفق أجندة لا ترضى عنها، وترسل رغم الرفض الشعبي جنودها إلى المحرقة في أرض الرافدين.
كل ذلك يؤكد صدق ما ذهبنا إليه من أن الحروب الشعبية ضد إسرائيل ستتصاعد من الآن طالما وقفت الحكومات مكبلة الأيدي ضد المجازر الإسرائيلية ومكبلة باتفاقيات ومعاهدات تعوقها عن التحرك الإيجابي ضد هذه المجازر.
ويكفي أن النظام العربي بكامله لم يتبن الدعوة التي رفعتها منظمات أهلية ضد شارون كمجرم حرب، أو تعلن استنكارها للمجازر المتلاحقة على الشعب الفلسطيني، بل إن هناك تهديدات إسرائيلية لدول عربية بعينها ولم تعقب عليها تلك الدول، ولم تردعه حتى بتصريحات صحفية!!
إلى هذه الدرجة بلغ ضعف وهوان تلك الحكومات؟! ويبدو أن القادم سيكون جديداً على الواقع العربي فهناك معطى جديد على الساحة الآن قد يتطور ويتصاعد ويتعاظم ويتعامل بنفسه مع الغطرسة الإسرائيلية لأنه في حل من أي اتفاقيات أو معاهدات أو أي حسابات دولية أو إقليمية أو محلية، بل له هدف واحد هو إيلام العدو الإسرائيلي وزرع الخوف في نفسه وتكبيده خسائر بشرية. وحزب الله والتسللات للأراضي الإسرائيلية هما البداية، وردع إسرائيل سيكون بإرادة الشعوب وعزيمتها.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved