Friday 2nd January,200411418العددالجمعة 10 ,ذو القعدة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الوظيفة بين العرض والطلب الوظيفة بين العرض والطلب
فهد صالح الجطيلي

بداية.. أحب أن أوضح أنه ما من شخص ما يسعى حثيثا للبحث عن وظيفة تناسبه إلا وقد وضع نصب عينيه أهدافا عريضة وواضحة الملامح لعل من أبرزها مدى قدرته على التكيف في الوظيفة ومن ثم الاستمرار، ومدى ضمان استقراره في عمل يكون الجو العام فيه مشبعا بالأمن الوظيفي، ومن ثم قناعته بالمردود الشهري الذي سيتقاضاه كمرتب، عندها سيكون للطمأنينة في نفسه شأنا عظيما بل وهوسا بعمله ليس له حدود.
من هنا تنطلق عملية بناء الموظف وقدراته ذي الولاء والإخلاص في عمله، ومن هنا نقوم أيضاً ببناء الشخصية الوظيفية إن جاز التعبير للموظف بحيث نجده قد تنامى لديه الشعور بالغبطة والرضا عن نفسه في ظل وجوده في هذا المناخ الوظيفي الذي ذكرته آنفا فمن واقع خبرتي في الشؤون الإدارية ومجال المبيعات أيضا التي أجد نفسي راضيا عنها خلال سنوات عملي الطويلة أرى أن تكوين فريق العمل الناهض لأي قطاع مهما تنوع نشاطه لا مناص من احتياجه لمثل هذه الأهداف وتوفيرها للموظف عند التحاقه بالعمل.
أعلم أن هذا الأمر يعتريه بعض الصعوبة سواء من جانب جهة العمل أو حتى الموظف فمثلاً ربما أن جهة العمل لا يتوفر لديها الجو المشبع بالأمن الوظيفي والمقصود هنا مكان العمل المؤكد امتلاكه زمام مقومات التنظيم الإداري القوي والسلوك التنظيمي الواضح الحافظ للحقوق والواجبات والبعيد عن المركزية في الأداء وكذلك طرق اتخاذ القرار أو بل حتى صناعته وانعكاس كل هذه المقومات على نمط وتركيبة الأداء العملية والسلوكية لدى الموظف وطريقة تعامله مع رؤسائه.
كما أن جهة العمل قد لا تملك الامكانات الكافية التي تجعل من راتب الوظيفة هدفاً حيوياً للموظف على المدى البعيد فالراتب الشهري هو أساس العلاقة بين الموظف وجهة العمل كمورد لمن يقدم عملاً وخدمة.. ومن هنا يتراءى للموظف وبعين المصلحة الذاتية أو المعيشية إن صح التعبير عدم القدرة على تقديم الولاء والإخلاص والإبداع وبالتالي الإنجاز دون أن يكون راضياً عن المردود الشهري الذي سيتقاضاه لقاء عمله وهذا سيؤثر بطبيعة الحال على قدرته أي الموظف على التكيف والتأقلم في وظيفته مما يؤثر بشكل منطقي وطبيعي على استقراره النفسي والعملي ومن ثم استمراره.
هذا ما كان يبحث عنه الموظف عندما يلتحق بالوظيفة، أما الآن وفي وقتنا الحاضر وفي ظل الظروف التي جعلت من الحصول على الوظيفة أمرا يعادل الحصول على كنز فالآية قد انقلبت تماما فصار الموظف يقبل بأي وظيفة كبداية ويقبل أيضا الراتب المحدود وبالمنصب غير الواضح وبالموقع الذي لا يتناسب أحيانا مع ظروفه الاجتماعية كما أن جهة العمل أصبحت أدراج مكاتبها تتكدس بطلبات العمل فصار هناك مجال متسع للتفكير والدراسة والشيل والحط كما يقولون لتعيين موظف على وظيفة واحدة قد تقدم لها مئات من الباحثين عن فرصة ما.
فصارت الأهداف التي كان يحددها الموظف الباحث عن عمل لنفسه أهدافا غير مجدية وثانوية ربما بسبب صعوبة التوظيف وقلة الوظائف.
ومن جهة أخرى أصبح لجهة العمل اليد الطولى في الاختيار والتمحيص والتدقيق وتحديد مهام العمل المتعددة يقابل ذلك راتب محدود أيضاً، فأصبحنا نلاحظ هذه الأيام أصحاب الخبرات والشهادات والإنجازات يبحثون عن عمل ولا يجدونه بسهولة، فالشروط والمقابلات الشخصية والأسئلة المستمرة والمكررة والتمحيص والتدقيق والاختبارات الشفهية التي تحدث أثناء المقابلة الشخصية أصبحت تأخذ جهداً كبيرا ومتعبا جداً من الطرفين.
إن العملية التوظيفية التي تتبعها بعض شركات القطاع الخاص حالياً للظفر بموظف كفء يمتلك الخبرات المقنعة والمؤهلة تتلخص في معرفة الأسباب التي جعلته يغادر عمله السابق، وهل استقال أو أقيل، وهذا الأمر لا بأس به إن كان أمرا استفهامياً ولكن أن يكون قاعدة استراتيجية للقبول أو الرفض فهذا من أهم الأسباب التي تقف في وجه الموظفين الذين يحملون قدرات وظيفية عالية رغم تنقلهم الوظيفي الناتج عن عدم الاستقرار وعدم توفر الأمن الوظيفي والتأقلم والتكيف الذي أشرت إليه في البداية.
كما أن تعامل مثل هذه الجهات مع أصحاب الخبرات الطويلة الذين بالطبع تجاوزوا السن الملائمة لوظيفة تم تحديد الفئة العمرية لها كشرط أساسي للنظر فيها أصبح تعاملا غير مقبول بل ومفرطا في الإهمال لقدرات وكفاءات موظف يمكنه من خلال خبراته وقدراته صنع فريق عمل متكامل بل وواضح المهام والتكليف.
لعلي في نهاية مقالي هذا أن أشير أيضاً إلى موضوعية العرض والطلب وواقعيتها أمام وجود العمالة الوافدة ممن يملك مؤهلات وخبرات جيدة وبرواتب متدنية جدا مقارنة بما يراه المواطن راتبا مناسباً له، وهذا بحد ذاته يدخلنا إلى مشكلة ذات أبعاد كبيرة ومتعددة حول الفرص الوظيفية المتاحة للوافد.
ولعلي أبحث هذا في مقال آخر بإذن الله تعالى.
والسلام عليكم ورحمة الله

ت: 053430629
ص.ب: 8146 /الرياض: 11482


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved