Friday 2nd January,200411418العددالجمعة 10 ,ذو القعدة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

16/3/1391هـ - الموافق 11/5/1971م - العدد 342 16/3/1391هـ - الموافق 11/5/1971م - العدد 342
حديث الاسبوع
بقلم: الدكتور حسني الطاهر

المقطوعة الموسيقية الغنائية ذات الانتاج الرفيع تمتع من يحسن الاستماع إليها متعتين متعة المعاني، ومتعة الموسيقى وتبلغ المتعة أعلى درجاتها عند الشعراء. والموسيقيين عند تأمل الملاءمة بين المعنى والنغم فما كل نغم يناسب كل قول.
والمقطوعة التي أحاول عرضها في هذه المقالة الصغيرة تعتبر من الإنتاج الرفيع لان كلماتها صاغها شوقي بعربية نصف فصحى، اللغة التي يتكلمها بمصر المثقفون وغناها محمد عبدالوهاب الموسيقار الكبير لتروي قصة البلبل الذي أحب الورد وهام به البلبل سلطان التغريد والورد أمير الرياحين وهدية العاشقين وسهم الحب في كنانة كيوبيد رسول المحبين في أساطير اليونان الأولين.
المقطوعة تبدأ لتقول:


بلبل حيران على الغصون
شجى معنى بالورد هايم

وعبدالوهاب يغني هذه الكلمات وتسايره الموسيقى بنغم هادئ قليل الانفعال لانه انما يحكي ويسرد بداية القصة البلبل في حيرة يريد أن يسمع الورد أناشيد قلبه الولهان فيتنقل على الأغصان مرة لفوق ومرة لتحت ومرة إلى اليمين ومرة إلى الشمال والورد غارق في غفوته ويمد البلبل عنقه وفي لغة الشعراء طوقه ليشم أريج الحبيب فتطعنه الأشواك، أشواك العود الزمردي، فيجري دمه ويسيل وعبدالوهاب ما يزال يؤدي بصوته وموسيقاه في حدود نغم الحكاية والسرد.
البلبل المسكين بدأ يحس دبيب اليأس إلى قلبه ان الكلام كلام أهل الدنيا كلام الحس يجب أن يرقى إلى المعاني السامية المجردة، يجب أن تتحول أشواق البلبل إلى تسابيح وابتهالات في تمجيد الخالق الاعظم ويختار عبدالوهاب للكلمات والمعاني الجديدة لحن الصَّبا وهو لحن العاشقين..
ونسمع البلبل يصدح قائلاً:


يا ريحة الحبايب يا خد الملاح
لشوكة جمالك وضعت السلاح
تبارك اللي خلق طلك من الخفه
ولف ورقك كالقبل لفه على لفه

ويهدأ الغناء وتهدأ الموسيقى ويكتئب النغم، لقد حانت ساعة الفراق ودنت المأساة من نهايتها ونسمع البلبل يقول:


سترى عندالصباح شهيد الجراح
جسد على الأرض ملقى
ويعيش جمالك ويبقى

هذه الصدحة لله وان من شيء الا يسبح بحمده لأن الجمال الذي يعيش ولا يخبو ويبقى هو جمال خالق الجمال {سّبٌَحٌ اسًمّ رّبٌَكّ الأّعًلّى الّذٌي خّلّقّ فّسّوَّى"}، وإلى الذين يستمعون إلى هذه الأغنية أن يفتحوا قلوبهم ويرهفوا أسماعهم ليذوقوا معانيها وموسيقاها وحسبهم اذا أرادوا أن يعرفوا مكانة هذه الأغنية بين الاغنيات أن يعلموا أن شوقي هو الذي صاغها وأن عبدالوهاب هو الذي غناها.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved