Saturday 3rd January,200411419العددالسبت 11 ,ذو القعدة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

استمرار حملة الأكاذيب ضد المملكة استمرار حملة الأكاذيب ضد المملكة
الكونجرس الأمريكي يناقش مشروع قانون محاسبة المملكة
مشروع القانون يستند إلى كتابات ملفقة لمنظمة ميمرى الصهيونية

* القاهرة - مكتب الجزيرة - عبد الله الحصري:
لا تتوقف حملات التربص بالمملكة العربية السعودية من جانب قوى ومنظمات غربية مشبوهة تفتقد للمصداقية ولا تهدأ عن إثارة المزاعم وخلط الحقائق عن أدوارها وعلاقاتها الخارجية وخاصة علاقتها مع أمريكا وقد سبق للمملكة ان واجهت هذه الحملات المزعومة بموقف ثابت لا يهتز أمام هذه الافتراءات كاشفة حقيقتها وأغراضها المشبوهة غير أن السناتور النائب الجمهوري آرلن سبكتر العضو عن ولاية بنسلفانيا يعتزم تقديم مشروع أسماه مشروع قانون محاسبة السعودية وذلك على غرار قانون محاسبة سوريا وفيه يقدم معلومات خاطئة عن المملكة. وفيما يتوقع المراقبون في واشنطن رفض مشروع القانون باعتباره نسخه من مشروع قانون رفضه الكونجرس من قبل كان يهدف الى وضع السعودية على قائمة الدول الراعية للارهاب. ويستشهد مشروع «قانون محاسبة السعودية» بكتابات ملفقة لمنظمة «ميدل إيست ريسرش إنستيتيوت» الصهيونية المعروفة باسم «ميمرى» والتى يعلن مؤسسوها صراحة ميلهم لإسرائيل، وأسسها يجيل كارمون الكولونيل السابق في الاستخبارات الإسرائيلية والمستشار السابق لشؤون مكافحة الإرهاب لرئيس الوزراء السابق إسحاق رابين ومن قبله إسحاق شامير، ومن ضمن مؤسسي «ميمرى» أيضا ميراف ورمسر مدير مركز سياسات في معهد «هدسن إنستيتيوت» ومقره إنديانابولس، وريتشارد بيرل الرئيس السابق للجنة الاستشارية ل«البنتاجون» و التابع لتيار المحافظين الجدد الذين وقفوا وراء غزو العراق ويستهدفون الدول العربية لمصلحة إسرائيل.
وتوجد مكاتب ل«ميمرى» في لندن وواشنطن وبرلين والقدس الغربية مهمتها ترجمة مقتطفات من الصحف العربية إلى الإنجليزية والألمانية والفرنسية والعبرية وتوزيعها على حوالي 35 ألف مشترك.
ويتضمن مشروع القانون المزعوم عدة مطالب منها:
* المساهمة المالية في مشاريع إعمار العراق.
* إعفاء العراق من الديون والتعويضات المستحقة عليه للمملكة.
* التوقف عن دعم أي نشاطات دينية في أمريكا.
وفي حالة عدم استجابة المملكة لهذه المطالب، فإن مشروع قانون محاسبة السعودية ينص على فرض العقوبات الاقتصادية والدبلوماسية على المملكة.
أسباب رفض المشروع
ويرى المراقبون في واشنطن أن الإدارة الأمريكية قد عارضت من قبل مشاريع مشابهة لقانون محاسبة السعودية أواقتراحات بوضعها على قائمة الدول الراعية للإرهاب، مؤكدين رفض مشروع قانون محاسبة السعودية حال تقديمه، وذلك لعدة أسباب منها:
* أن السعودية ساعدت كثيرا في الحرب على الإرهاب وأن مجلس الأمن القومي والولايات المتحدة لا يريان أن المملكة تساعد الإرهاب وأن التعاون يزداد يوما بعد يوم.
* لدى السعودية والولايات المتحدة علاقات اقتصادية أوسع بكثير من مجرد علاقة النفط.
* ان شعبية الولايات المتحدة في الدول العربية في أسوأ حالاتها، وبالتالي فإن فرض عقوبات على السعودية سيزيد «التوتر العربي الأمريكي».
* إن صدور القرار له تأثيره السلبي على مساعدة العرب لأمريكا في حربها على الإرهاب.
وتعد الولايات المتحدة الأمريكية أكبر دولة مدينة في العالم إذ بلغ رصيد الدين الخارجي لها في نهاية عام 2001 نحو 2 ،3 تريليون دولار، وهو يمثل ضعف المستوى الذي سجله عام 1999. وتعكس معظم الزيادة التوسع في الاقتراض لتمويل العجز الكبير في الميزان التجاري الأمريكي، علاوة على التأثير السلبي لارتفاع سعر الدولار على قيمة الأصول الأمريكية في الخارج المقومة بالعملة الأجنبية مقارنة بقيمة الخصوم والذي ساهم في زيادة المديونية بمقدار الثلث، فقد قدرت قيمة الأصول الأجنبية داخل الولايات المتحدة بنحو 9 ،2 تريليون دولار بينما بلغت قيمة الأصول الأمريكية في الخارج نحو 6 ،9 تريليون دولار، وعلى ذلك يمثل الفرق بين الأصول الأجنبية والأمريكية (2 ،3 تريليون دولار) صافي الدين الخارجي الأمريكي.
عوائق كبرى
ومن العوائق الكبرى أمام إقرار المشروع في الكونجرس العلاقات الاقتصادية القوية بين البلدين، حيث إن إقرار المشروع يعنى فقدان أمريكا للاستثمارات السعودية فيها والتى تبلغ 800 مليار دولار، إضافة إلى النفط الذى يمثل أهمية كبرى لأمريكا، والذى اتضحت أهميته عندما قام صدام حسين العام الماضي بقطع النفط عن العالم الغربي وفى مقدمته أمريكا لمدة شهر، فيما تعهدت المملكة حينها بضخ كميات أكبر لأمريكا لتعويضها عن هذا النقص، كما لا تنسى أمريكا تأثر شركة بوينج للطائرات في أوائل التسعينات عندما ألغت السعودية صفقة مع الشركة المذكورة وأبدلتها بشركة أوروبية.
وتوضح التغيرات التي طرأت على الدين الخارجي للولايات المتحدة خلال فترة العشرين عاماً الأخيرة تدهور الوضع الاستثماري الدولي الصافي لها، ومن ثم تزايد مديونيتها الخارجية حيث أصبحت تحتل المرتبة الأولى بين الدول الصناعية من حيث حجم الدين الخارجي، وقد سجل إجمالي الأصول الأمريكية عام 1982 زيادة بالمقارنة بإجمالي قيمة الخصوم تقدر بنحو 0 ،2 تريليون دولار، ثم تساوي إجمالي قيمة الأصول والخصوم الأمريكية تقريباً في عام 1988، وبدءاً من عام 1990 تغير المركز الاستثماري الدولي الصافي للولايات المتحدة ليسجل عجزاً حيث زاد إجمالي قيمة الخصوم عن إجمالي قيمة الأصول ليصل إلى أسوأ أوضاعه خلال الفترة ما بين عام 1999 وعام 2001.
ويلعب عجز الميزان التجاري للولايات المتحدة دوراً كبيراً في زيادة المديونية الخارجية الأمريكية، حيث يعد الاقتراض من العالم الخارجي أحد أهم الوسائل التي تعتمد عليها الولايات المتحدة لتمويل العجز في الميزان الجاري، فقد تزايد العجز في الميزان الجاري للولايات المتحدة من نحو 11 ،6 مليار دولار عام 1982 إلى نحو 479 ،6 مليار دولار عام 2002.
النفط السعودي
كما يلعب فائض النفط السعودي دوراً حاسماً في استقرار أسعار النفط في العالم، وهو وضع يحقق مصالح المنتجين والمستهلكين معا ويؤدي الى حالة استقرار في الاقتصاد العالمي. ففي الوقت الذي شهدت فيه منطقة الشرق الأوسط في بداية النصف الثاني من القرن العشرين صراعا من أجل السيطرة على الثروة الوطنية تنوعت أدواته ما بين الانقلاب السياسي الى الانقلاب العسكري في الداخل وما بين القطيعة السياسية الى الصدام العسكري مع الخارج كانت المملكة العربية السعودية تخطط لنفسها طريقا آخر فاختارت الحوار لا الصدام واستعدت بالعلم لإدارة ثروتها الوطنية قبل ان ترفع شعار السيطرة على تلك الثروة، وهو خيار منسجم تماما مع العقلانية والموضوعية التي تميزت بها سياسة المملكة العربية السعودية منذ توحيدها على يد الملك عبدالعزيز رحمه الله.
وتعتمد أمريكا على النفط السعودي بنحو 1 ،9 مليون برميل يوميا خاصة أن النفط العراقي لايزال صعب الاستخدام في المرحلة الحالية.
إستراتيجية المملكة
تلجأ المملكة إلى إستراتيجيات ووسائل عمل جديدة تجاه التطورات المستجدة على علاقتها بالولايات المتحدة ومواقف الإدارة الأمريكية الراهنة منها في ظل ما نشر عن ردود الفعل هذه في الصحف الأمريكية.
فقد نشرت وسائل الإعلام الأمريكية أن سياسة المملكة ودرجة اعتمادها على الولايات المتحدة شهدت تحولات هامة قبل الحادي عشر من سبتمبر، أهمها سعي المملكة إلى تنويع مصادر الأسلحة، وسعى ولي العهد السعودي الأمير عبد الله إلى تقوية علاقات المملكة بدول كبرى مختلفة مثل روسيا والصين والاتحاد الأوروبي.
كما شهدت فترة ما بعد الحادي عشر من سبتمبر 2001 تحولا هاما في أسلوب وأدوات عمل المملكة العربية السعودية في التأثير على الولايات المتحدة، ويشير المراقبون إلى أن المملكة اعتمدت في الماضي في التواصل على شبكة واسعة من العلاقات الشخصية القوية مع قيادات الولايات المتحدة خاصة في الجانب الاقتصادي.
ولكن بعد أحداث سبتمبر توجهت المملكة الى الجمهور والرأي العام الأمريكي في اوساط النخبة والعامة كذلك تنوع وتعدد مصادرها الخارجية.
كما اعتمدت المملكة استراتيجية إعلامية جديدة أكثر شمولية تتضمن توظيف وتشجيع التواصل مع الإعلام الأمريكي والغربي لشرح مواقف المملكة، وتنظيم محاضرات ولقاءات للمسئولين السعوديين، ومراقبة تطور نظرة الرأي العام العالمي تجاه المملكة من خلال سلسلة مستمرة من الأبحاث ودراسات الرأي العام.
ركائز ومواقف ثابتة
تقوم العلاقات بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة في اطار المواقف الثابتة للمملكة العربية السعودية وعلى الركائز الأساسية التي تبني من خلالها علاقتها مع دول العالم، والتي تتمثل في الثقة والاحترام المتبادل والتكافؤ والرغبة في تكريس عوامل الاستقرار في العالم ورفض أي شكل من أشكال التدخل في شئون الغير حيث القواسم المشتركة التي اسهمت في تحقيق اعلى مستويات التفاهم بل تظل الصلة الوثيقة بين القيم الاخلاقية المشتركة موضوعا ذا اهمية كبيرة في تقرير العلاقات بين البلدين ولعل ذلك يتجسد في الالتزام المشترك بتقديم المساعدة الى الدول الفقيرة.. فمنذ عام 1974 أصبحت المملكة العربية السعودية واحدة من أكبر الدول المقدمة للمساعدات الخارجية سواء بالمعنى النسبي أو المطلق، فالمعنى النسبي أي بقياس نسبة الاعانة الخارجية الى الدخل القومي تتبوأ المملكة المرتبة الأولى على مستوى العالم، أما بالمعنى المطلق فإنها تحتل المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة الامريكية، كما تعد المملكة من أكبر الممولين للبنك الاسلامي للتنمية والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة الصحة العالمية ومنظمة اليونسكو والبرنامج العالمي للتغذية.
وهذا يضاف الى رصيد المملكة بما يزيد من ثقل دورها الدولي وخاصة تجاه تسوية قضية الصراع العربي الاسرائيلي.
فالمملكة بمساحتها الواسعة التي تغطي نحو 80% من مساحة شبه الجزيرة العربية -حوالي ثلث مساحة الولايات المتحدة وثلاثة أضعاف مساحة فرنسا - وبحكم الثروات الهائلة الكامنة في جوف أراضيها وبحكم مسئوليتها الخليجية والعربية والدولية يمثل أمن المنطقة واستقرارها من أولويات أهدافها تعاملت معه دوما بكل الوعي في اطار التزامها بمبادئ صارمة حرصت على الا تحيد عنها كما حرصت على دعم قدراتها الدفاعية ورفع مستوى الكفاءة القتالية المسلحة وتحقيق أعلى معدلات الاكتفاء الذاتي الممكنة في مختلف المجالات بدءاً بالسلاح وانتهاء بالغذاء ومن الطبيعي ان تنعكس هذه الحقائق الجغرافية الثابتة على السياسة الخارجية للمملكة وتجلى هذا في اتجاهين:
الأول: رفض المملكة الدخول في أحلاف أو تكتلات عسكرية انطلاقا من حقيقتين:
أولاهما: حرصها على ألا تزج بنفسها في معارك الصراع الدولي والمحافظة على عدم انحيازها لأي طرف من أطراف الصراع.
ثانيتهما: حرصها على ألا ترهن قرارها لأحد وهذا ما ترفضه المملكة رفضا تاما.
الثاني: العمل على بناء قوات مسلحة سعودية مزودة بأحدث الأسلحة وذات كفاءة قتالية، ولهذا سعت المملكة الى توفير نظام دفاعي متكامل ومتطور يستجيب لاحتياجاتها الأمنية وزودته بأحدث الأسلحة المتطورة ومن دول عديدة حيث نأت بنفسها عن الاعتماد على دولة معينة في مسألة تزويد قواتها المسلحة بالأسلحة حتى لاتخضع للابتزاز أو المساومة حول قرار معين أو موقف!


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved