Saturday 3rd January,200411419العددالسبت 11 ,ذو القعدة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

أزمة حزب أم أزمة اليسار ككل؟ أزمة حزب أم أزمة اليسار ككل؟
هل يدخل حزب التجمع المصري النفق المظلم بعد خالد محيي الدين؟

* القاهرة - مكتب الجزيرة علي البلهاسي:
ربما تكون التطورات الاخيرة التي شهدها حزب التجمع اليساري المصري في مؤتمره العام الخامس الذي عقد في 17 ديسمبر بتنحي رئيسه خالد محيي الدين عن منصبه الذي دام فيه لحوالى 27 عاما سابقه سياسية في تاريخ الاحزاب المصرية خاصة وان محيي الدين هو مؤسس الحزب ويشغل هذا المنصب منذ تأسيس الحزب عام 1976 وان الرجل اعلن تنحيه عن منصبه طواعية واعتزال الحياة السياسية باكملها رغم تاريخه السياسي الحافل والمحاولات التي جرت من جانب قيادات الحزب لاقناعه بالبقاء لفترة رئاسة ثالثه.
ولعل التوقيت الذي حدثت فيه هذه التطورات يضفي عليها كثيرا من الاهمية خاصة في ظل ما تشهده الساحة السياسية المصرية من جدل تصاعد في الفترة الاخيرة حول موضوع الاصلاح السياسي وتداول السلطة ليكون خالد محيي الدين بذلك هو اول رئيس حزب يترك منصبه طواعية حيث لم تشهد الاحزاب المصرية تغييرا في رئاستها الا بوفاة رئيسها.
ولعل النتائج التي اسفر عنها المؤتمر العام الخامس للحزب والانتخابات التي جرت بتولي د. رفعت السعيد رئاسة الحزب بعد انتخابه بالاجماع وتولي حسين عبد الرازق منصب الامين العام بعد منافسة شديدة مع السيد عبد العال قائد تيار الشباب في الحزب كانت هذه النتائج والتطورات مبعثا للكثير من التساؤلات حول تداعياتها وانعكاساتها على مستقبل ومسيرة الحزب في الفترة المقبلة وهل كانت هذه التعبيرات قفزة ديمقراطية حقيقية ام محاولة للخروج من ازمة يعاني منها الحزب وتعاني منها الحركة اليسارية في مصر بصفة عامة.
خروج من أزمة
في الوقت الذي لاقت فيه التطورات الاخيرة في حزب التجمع ومبادرة رئيس الحزب خالد محيي الدين بالتنحي استحسانا وقبولا كبيرا من جانب الكثيرين الذين رأوا فيها نقلة ديمقراطية كبيرة وهزة سياسية قد تؤدي الى توابع في الأحزاب الأخرى يرى اخرون ان ما حدث كان محاولة من جانب قيادات الحزب وعلى رأسهم خالد محيي الدين مؤسسه للنهوض بالحزب وإنقاذه من تدهور شعبيته التي لحقت به في السنوات الأخيرة وذلك بتقديم الحزب للجماهير على انه قدوة عملية للأحزاب الأخرى ونموذج فريد في تطبيق قواعد الديمقراطية التي يحلم بها الكثيرون.
في حين يرى آخرون ان خروج خالد محيي الدين وخلو الحزب من رمز وقيادة تاريخية مثله قد تدخله في أزمات ومشاكل عديدة تهدد مستقبله السياسي ويقول المراقبون ان الحزب بعد خالد محيي الدين في سبيله الى دخول مرحلة جديدة من الصراعات والانشقاقات والتناحر بعد اعتزال الرمز خالد محيي الدين الذي كان بوصفه مؤسس الحزب وقائداً تاريخياً له يمثل حاجزا امام حدوث مثل هذه الصراعات خاصة وان رئيس الحزب الجديد الدكتور رفعت السعيد شخصية مثيرة للجدل داخل الحزب وخارجه وتشير التوقعات الى ان وصول السعيد الى هذا الموقع قد يكون بداية لتصاعد الخلافات داخل الحزب في ظل خلافه مع الكثير من اعضاء الحزب و أهمهم حسين عبد الرازق الذي تولى منصب الامين العام للحزب وهو الموقع الاكثر اهمية وتأثيرا وهو ما يعزز احتمالات حدوث صدامات مع رئيس الحزب قد تكون كثيرة بسبب كثرة الصلاحيات الممنوحة للامين العام وهو ما سيجد السعيد صعوبة في التنازل عنه لعبد الرازق في ظل ما هو معروف عن السعيد من ممارسات فردية خاصة سيطرته على صحيفة الاهالي لسان حال الحزب التي يرأس مجلس إدارتها ولا توجد أي احتمالات لأن يتركها السعيد للامين العام الذي يحظى في الوقت ذاته بقبول واسع ويعتبر من انشط قيادات الحزب.
ازمة اليسار
إلى جانب ذلك يرى المراقبون ان حزب التجمع بعد خالد محيي الدين سيفقد صورته التي اشتهر بها منذ تأسيسه كأكبر قوة معارضة للسلطة والتي اهتزت في السنوات الأخيرة بعد أن غير الحزب الكثير من مبادئه وافكاره وحتى برنامجه الحزبي تماما وكذلك شعاراته الاشتراكية المعروفة ويواجه رئيس الحزب الجديد مشكلات كبيرة فيما يتعلق بمحاولات استعادة شعبية الحزب في الشارع السياسي المصري وتراجع عضويته من 150 الف عضو عقب تأسيس الحزب الى 15 الف عضو فقط بالإضافة الى اتهامات كثيرة تلاحق الحزب بمهادنة الحزب الوطني الحاكم والتحول من اقصى اليسار الى التحالف مع الحكومة بل ويتهمه البعض بالتحول من اليسار الى اليمين ويطالبونه بمراجعة افكاره ومبادئه ومواقفه.
ويرى المراقبون ان ازمة حزب التجمع هي جزء لا يتجزأ من ازمة الحركة اليسارية المصرية ككل حيث ترى قيادات يسارية في الحزب وخارجه انه توجد بالفعل ازمة عنيفة يمر بها اليسار عموما وحزب التجمع خاصة وطالبوا بأن تشهد المرحلة المقبلة مراجعة لافكار ومبادئ وبرامج اليسار وكذلك عقد مؤتمر وطني شامل لليساريين تحت شعار اعادة بناء الحركة اليسارية المصرية ويؤكد هؤلاء ان مبادرة خالد محيي الدين بالتنحي عن رئاسة الحزب واتاحة الفرصة امام القيادات الجديدة بداية لخروج الحزب واليسار من ازمته حيث يقولون بأن اخطر ما تعانيه التجربة اليسارية هو غياب روح التجديد وعدم افساح المجال امام الاجيال الجديدة.
مستقبل التجمع
الا ان مراقبين اخرين يرون ان تجربة التجمع الاخيرة لم تضف جديدا في هذا المجال ففي الوقت الذي توقع فيه البعض ان تسفر انتخابات الحزب عن تغيير شامل في المواقع القيادية داخل الحزب جاء الواقع مخالفا لذلك تماما حيث تم حسم 11 موقعا منها بالتزكية ودون منافسة في حين شهدت المواقع الباقية منافسة ضعيفه بعد ان امتنعت اسماء كبيرة داخل الحزب من ترشيح نفسها لهذه المواقع ومنها وزير التخطيط الاسبق اسماعيل صبري عبد الله.
واذا كان الصراع بين جيل الشباب والحرس القديم ممتدا داخل الحزب بعد فتح الابواب امام تداول السلطة فالمراقبون يرون ان مؤتمر الحزب الاخير والانتخابات التي جرت اسفرت عن اقتسام النفوذ والمناصب القيادية بين الجيل الجديد والحرس القديم وبين المعتدلين وانصار الاتجاه اليساري ويتوقع المراقبون ان يشهد المؤتمر العام السادس في ديسمبر 2004 العديد من القضايا الساخنة التي ربما تحدد مستقبل حزب التجمع خاصة والحركة اليسارية بصفة عامة في المرحلة المقبلة


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved