Saturday 3rd January,200411419العددالسبت 11 ,ذو القعدة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

يارا يارا
الحوار الوطني
عبدالله بن بخيت

لقد انتهى المؤتمر الوطني للحوار ولا نعرف ما هي التوصيات التي خرج بها. لست متحمسا لأعرف ما هي التوصيات لأنني لا أنتظر من هذا المؤتمر أن يقدم لي حلولا لقضايا البلد. فهذا المؤتمر لم يأت ليقدم حلولاً وإنما جاء ليضع نفسه نموذجاً لما يجب أن تكون عليه حياة الأمة.
قبل سنة أو سنتين لا يمكن لأحد أن يتخيل أن يعقد مؤتمر كهذا. مجرد انعقاد المؤتمر واشتراك الكثير في نقاش ليس لأحد على أحد فيه سلطة هو في حد ذاته انجاز تاريخي.. إذا كان هناك من رغبة لقراءة توصيات المؤتمر فمردها الفضول. معظمنا لا شك يعرف وجهات نظر كثير من المؤتمرين، ويعرف من هو الذي يجب أن يقدم تنازلات في رأيه. فأطياف المؤتمرين ربما جاءوا في معظمهم لاقناع اتجاه واحد من الاتجاهات بالتنازل. ليس لأن الأطراف الأخرى آراؤها مميزة وتستحق الاشادة دائما ولكن لأن هذه الأطياف عاشت بعيدة عن حقها في الكلام والتعبير وخارج السياق. إن درجة نجاح المؤتمر تكمن في درجة تنازل هذا الطيف الثقافي الأحادي. وأولى علامات التنازل هو حضورهم طوعا لمؤتمر ليسوا إلا جزءاً منه وهم يعرفون أنهم سيدخلون في حوار شبه متكافئ مع الآخرين. وهذه أولى علامات النضج.
هذه رسالة واضحة لكل الشباب الذين دفعوا للإيمان بأن العالم يعيش على فكر واحد وثقافة واحدة، تملك الحقيقة المطلقة. فما جرى من تنازلات من قيادات الفكر الأحادي سوف يهز بشكل ايجابي القناعات المطلقة عند شباب الصحوة. سيعيدهم الى الوسطية والى التخلي عن فكر التنظيم والتبعية لقيادات ليعودوا الى منازلهم على أساس ان علاقتهم بربهم لا تمر عبر هذا الشيخ أو ذاك ولا تكمن في ذاك المسجد أو المسجد الآخر، بل في كل مسجد أسس على التقوى في أي مكان على هذه الأرض. إن أهم بند في ابتعاد بعض القيادات هو أن الشباب سيتعلم أن يفكر ويبحث عن الحلول بنفسه لا أن يلجأ الى شيخه وكأنه يلجأ الى أمه في عهد الطفولة. عندما يجد في ثوبه بقعة من زيت أو تراب لا يحتاج أن يتصل بشيخه ويسأله بضراعة عن حل لها. فالعالم منطق وقياس وتجربة.
إن غياب هؤلاء هو الضربة الأولى للإرهاب والغلو والتطرف. التاريخ يعلمنا أن بتشكل جماعات بمواصفات وخصائص مميزة تكون تشكلت برامج العنف السياسي والاجتماعي. ان مشكلتنا ليست في الشباب بل في قياداتهم ومشكلتنا أيضا ليست في القيادات ولكن في ترك هؤلاء القيادات دون مواجهة ثقافية وفكرية كما حدث في السنوات الماضية. إن أولى التوصيات التي يخرج بها هذا المؤتمر ليس ما سُجّل على الورق بل ما حدث على أرض الواقع. لا أعرف حتى الآن هل هناك رجال من قيادات الصحوة دُعيت ولم تلب. أتمنى ألا يكون هذا قد حدث، مع أن علاج هذا الأمر جاهز ومعروف ومجرب: مزيداً من حرية الرأي.
أصحاب الكاسيتات والمطويات يأخذون كل الحرية التي يحتاجونها شريطة أن تتساوى مع حرية الأطياف الثقافية الأخرى.
إن ما حدث داخل المؤتمر يجب أن يحدث خارجه.

فاكس: 4702164


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved