Saturday 3rd January,200411419العددالسبت 11 ,ذو القعدة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الشعر الفلسطيني بات يتيماً برحيل النخلة الباسقة فدوى طوقان الشعر الفلسطيني بات يتيماً برحيل النخلة الباسقة فدوى طوقان
وسيلة محمود الحلبي/ كاتبة ومحررة صحفية وعضو الجمعية السعودية للإعلام والاتصال

أيتها الشاعرة الباسقة..
أيتها الشاعرة يا خنساء القرن العشرين..
رحلت مزهرة، مثمرة، مفكرة، مثقفة، مدافعة عن وطنك الغالي فلسطين، رحلتِ يا نخلة أعطت فكراً وثقافة، يا مَن تقفين في مقدمة شعراء المقاومة رحلتِ أيتها النموذج الرائع، والإنسانة التي امتلأت حياتها بتجارب غنية رفعتها الى القمة، رحلتِ يا ذات الوجه الحزين، يا ابنة فلسطين البارة، ويا شقيقة الشاعر الكبير ابراهيم طوقان الذي رحل عن هذه الدنيا وهو في أوج مجده وشبابه.
رحلتِ يا من حملت أحزان فقدانك لأخيك ثم أحزان ضياع الوطن.. فجاء شعرك معبراً وصادقا عن الألم والجراح..
رحلتِ يا من صهرتك تجارب الحياة الأليمة، وأرهقتك رحلة الأيام والسنين، حيث وقعتِ أسيرة في قبضة الاحتلال المجرم حين سقطت مدينتك «نابلس» وكتبت قصيدتك «مدينتي الحزينة» وهي أول قصائد ديوانك «الليل والفرسان» قلتِ فيها:
يوم رأينا أطوت والخيانة
تراجع المد
وأغلقت نوافذ السماء
يوم اندحار الموج أسلمت
بشاعة القيعان للضياء. وجهها
ترمد الرجاء
واختنقت بغصة البلاء
مدينتي الحزينة.
***
اختفت الأطفال والأغاني
لا ظلٌ.. لا صدى
والحزن في مدينتي يدب عارياً
مخضب الخطى
والصمت في مدينتي
الصمت كالجبال رابض
كالليل غامض، الصمت فاجع
محمل بوطأة الموت وبالهزيمة
أواه يا مدينتي الصامتة الحزينة
أهكذا في موسم القطاف
تحترق الغلال والثمار
أواه يا نهاية المطاف..!!
هذه الشاعرة الفذة التي عاشت عمرها في صولات وجولات في عالم الشعر. التي نذرت كثيراً من ملكتها الشعرية للقضية الفلسطينية ولوصف الحال الجريمة التي تمر بها الأمة العربية فقد تميز شعرها بالرقة وصدق العاطفة وبالفكرة الراقية المضيئة ففي دواوينها الثمانية قصائد وطنية ووجدانيات وتأملات عذبة. حقاً إنها شاعرة جبل النار التي استطاعت خلال «75» عاما ان تخط لنفسها طريقا مميزاً ومكانة مرموقة بين أبرز الأسماء المعاصرة في ساحة الأدب العربي أمثال ابراهيم طوقان، أبي سلمى، عبدالرحيم محمود، نازك الملائكة، بدر شاكر السياب، محمود درويش، محمود القاسم كانت رحلتها رحمها الله رحلة مليئة بالفقدان والصعوبات فقد قالت:«إن حياة الانسان سلسلة متواصلة الحلقات من الفقدان بدءاً من إقصائه عن ثدي أمه وانتهاء بفقدان الحياة نفسها».
ويمكن تقسيم شعرها الى مرحلتين مرحلة ما قبل حرب 1967م وما بعدها، حيث استغرقت في المرحلة الأولى ثلاثة عقود، كانت فدوى طوقان تعيش حبيسة الذات بعيدة عن الآخر وكان شعرها يقترب من الوجدانية ومن أشهر قصائدها الوجدانية «قصيدة البنفسجة الذابلة» أما المرحلة الثانية فكانت بعد حرب 1967م حيث كان شعراً نضالياً فقالت في احدى قصائدها:
نحن بنات طارق
أن تقبلوا نعانق
ونفرش النمارق
وان تدبروا انفارق
فراقاً غير وامق
أما الأرض الفلسطينية عند هذه الشاعرة الباسقة فهي العشق الكبير الذي تراق عليه يوميا دماء الشهداء فقالت في قصيدتها «حمزة»:
كان حمزة
واحداً من بلدتي كالآخرين
طيباً يأكل خبزه
قال لي يوم التقيا ذات يوم
احمدي.. لا تصغي يا ابنة عمي
هذه الأرض التي عقدها نار الجريمة
سيبقى قلبها المغدور حياً لا يموت.
فهذه هي فدوى طوقان ابنة جبل النار نابلس، ابنة فلسطين العربية الأبية فهي نموذج حي لنساء فلسطين صدر لها خلال مسيرتها الأدبية ثمانية دواوين شعرية هي: وحدي مع الأيام، وجدتها، أعطنا حباً، أمام الباب المغلق، الليل والفرسان، على قمة الدنيا وحيداً، تموز والشيء الآخر، اللحن الأخير، وكتاب «رحلة صعبة.. رحلة جبلية»، وكتاب «الرحلة الأصعب» وهما يحملان سيرتها الذاتية وقد حصلت سنديانة فلسطين على وسام فلسطين وعدد من الجوائز الدولية والعربية وتوفيت على أرضها ودفنت في التراب الذي عشقته.. وهذه أمنيتها حيث قالت:
يكفيني الموت في وطني
يكفيني ان أدفن هناك
وأن أذوب في تربته
وانبعث في شكل زهرة
يكفيني أن أكون في وطني
تراباً..
عشباً..
زهرة..
رحلة صعبة..
وفي احدى قصائدها الرائعة تقول:
أيسلب حقي؟
أتغصب أرضي؟
أأبقى هنا لأموت غريباً بأرضٍ غريبة
أأبقى؟ ومَنْ قالها؟
سأعود لأرضي الحبيبة
وبعد:
لن ننساكِ يا فدوى
وأنت نخلة فلسطين الباسقة
ستبقين في الأعماق
درةً كامنة
أدبك، شعرك، نثرك
حصاد امرأةٍ باكية
ستعود فلسطيننا
يا ابنة جبل النار العاتية
يا أغنية أثارت المجاهدين
في ساحات الوغى الدامية
يا زهرةً عبقت برائحتها
أرض فلسطين الغالية
* لحظة دفء:
الوطن هو الأم والأب
الوطن هو العائلة والمجتمع
الوطن هو الهوية
الوطن هو الانتماء
الوطن نحن له فداء

للتواصل تليفاكس 2317743


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved