Saturday 3rd January,200411419العددالسبت 11 ,ذو القعدة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

16-3-1391هـ الموافق 11-5-1971م العدد 242 16-3-1391هـ الموافق 11-5-1971م العدد 242
لقاء الأسبوع
« الجزيرة » في حديث شيق مع سعادة الشيخ محمد عبدالرحمن العبيكان

*كتب الزميل - عبدالهادي الدركزللي
«تعتبر المكتبة الخاصة لسعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن العبيكان من أشهر وأثمن المكتبات الخاصة التي تقع في مدينة الرياض لما تضمه في خزائنها من مخطوطات قديمة وآثار مهمة، وبالنظر لما لهذه المكتبة من قيمة علمية وتاريخية ولما يتحلى به صاحبها سعادة الشيخ العبيكان من فضل ومعرفة واطلاع بسبب مرافقته للكثير من الأحداث الجسام التي مرت بالمملكة منذ عهد العاهل الفذ جلالة المغفور له الملك عبدالعزيز حتى يومنا هذا، فقد حرصت «الجزيرة» على أن تقدم لقرائها الكرام هذه المكتبة وطرفاً من سيرة صاحبها فأوفدت مندوبها الخاص الذي وافاها بالتحقيق الصحفي التالي:»
لا يخمن أحد من المارة عندما تقع عينه على هذه الدارة «الفلا» الحديثة التي قامت في الشميسي من مدينة الرياض انها تضم في إحدى قاعاتها هذا العدد الضخم من الكتب «المخطوطة» وهذا القدر من التحف الأثرية النادرة والعاديات الحجرية وبعضها من عهد حمير في اليمن.
وعلى موعد سابق رحب بنا صاحب «الدارة» والمكتبة الخاصة الشيخ محمد عبدالرحمن العبيكان الذي قادنا رأساً إلى المكتبة التي قدمنا لزيارتها واعطاء مواطني الرياض عامة وقراء «الجزيرة» خاصة فكرة عما تضمه هذه المكتبة من الكتب «المخطوطة» والمطبوعة والاثار القيمة.
وكانت لنا قبل ذلك زيارة خاطفة مع عدد من رجال الأدب والصحافة حصل فيها كل منا على نسخة من الفهرس الأنيق المطبوع الذي يحوي بياناً لهذه المخطوطات وعدد أجزائها وتاريخ تأليفها واسم مؤلفيها مرتبة حسب مواضيعها التي تتضمن المعارف العامة والديانات (علوم القرآن، الفقه، الحديث)، والعلوم الاجتماعية واللغات والعلوم التطبيقية وغير ذلك من أبواب الثقافة.
وقبل أن نبدأ في أخذ بعض هذه الكتب للاطلاع عليها والحديث عنها رأينا أن يتفضل سعادته ويقدم نفسه بكلمة موجزة لنعلم قبل أن نقرأ في سطور هذه المخطوطات ما يتضمنه هذا السجل الضخم من معرفة وعلم بالأحداث التي مرت به والتي يعود بعضها إلى زمن المغفور له جلالة الملك عبدالعزيز.
ولدت في مدينة الرياض
قال سعادته وكأنه يقرأ في صفحات الماضي بكل هدوء وعمق وأناة:
ولدت في الرياض في بيت جدي المرحوم مساعد بن سويلم وتعلمت القراءة والكتابة في الكتاتيب التي كانت ذاك الوقت وبعد أن ختمت القرآن سافرت إلى المنطقة الشرقية حيث كان والدي يشتغل بالتجارة، وفي ذاك الحين استولى جلالة الملك عبدالعزيز - رحمه الله - على الاحساء، ثم انتقلت إلى الجبيل لأتابع عملي في التجارة العامة وبعدها عملت في تجارة اللؤلؤ وعلى أثر حصول هبوط في أسعار اللؤلؤ اضطررت للسفر إلى سقطرة ومصوع ثم حضرت مرة في موسم الحج إلى المملكة وقابلت جلالة المغفور له الملك عبدالعزيز فأمر بأن أبقى بخدمة الحكومة ولم يسمح لي بالعودة إلى مصوع فتم تعييني أميراً لبيشة ثم انفصلت عن الإمارة والتحقت بمعية جلالة الملك فيصل وكان حينها ولياً للعهد ثم عينت عضواً في مجلس الشورى، وقد تم تعييني وزيراً مفوضاً في صنعاء، وأخيراً سفيراً للمملكة في السودان حتى عام 1388هـ حيث اضطررت لظروف خاصة إلى تقديم استقالتي لجلالة الملك الذي قبلها حفظه الله مشكوراً.
وكان هذا آخر المطاف الذي استقر بي في مسقط رأسي الرياض لانقطع للدراسة والراحة بين اخواني وأترابي.
نواة المكتبة
وأما ما يتعلق بجمعي لهذه المخطوطات، فالحقيقة هي أنها قبل سفري إلى اليمن كانت لدي نواة صغيرة لمكتبة، وفي اليمن فكرت في توسيعها والحصول على المخطوطات ذات القيمة، وقد تهيأت لي والحمد لله فرص اقتناء ما يقرب من ال300 كتاب تقع في 228 مجلداً منها ما هو قديم ومنها ما هو حديث، وأهمها في نظري من حيث القدم الجزء الثاني من تفسير الزمخشري ويعود تاريخ نسخه لعام 661ه.
وأما من الناحية العلمية فأهمها كتاب (العواصم والقواصم) لمحمد بن إبراهيم الوزير، والجزء الأول المخطوط والموجود في المكتبة يعود تاريخه لعام 1069هـ.
كيف تم الحصول على هذه الكتب؟
وأما كيفية حصولي على هذه الكتب فقد كنت أشتري ما تقع يدي عليه من أيدي باعة الكتب المخطوطة في اليمن، وبالنظر لسوء الأحوال المادية هناك فقد كان سماسرة الكتب يأتوني بالعديد منها.
هل دار في خلدك أيها القارئ وأنت تطلع على كتاب مخطوط كم قد يسرت الطباعة الحديثة مهمة العلم؟
ولدى أخذ الاذن بتصوير بعض الصفحات من هذه المخطوطات رأيت أيها القارئ العزيز أن أسألك هذا السؤال:
ترى هل دار في خلدك كم يسرت الطباعة الحديثة للأجيال مهمة العلم والتعلم؟ ومع ذلك يشكو البعض من أبنائنا ما يلاقونه من تعب ونصب ابان الدرس والمطالعة وبين أيديهم هذه الكتب الأنيقة المطبوعة على هذا الورق الصقيل فهلا نظروا إلى صفحة من كتاب مخطوط ليروا كم قاسى الآباء في الدراسة؟
أحجار أثرية وعاديات لم يطلع عليها أحد من المختصين بدراسة الآثار:
وفي احدى زوايا المكتبة استرعى انتباهنا وجود عدد من قطع الحجارة الأثرية التي حملها سعادته من اليمن فسألنا عن هذه العاديات فقال: الحقيقة هذه الآثار أحتفظ بها لما أراه لها من قيمة تبدو جلية من الكتابات والصور المنحوتة عليها ولكن في الواقع إلى الآن لم تتح لي الفرصة لمعرفة كنه الكتابات المنقوشة عليها.
وأغلب ظني أنها تعود إلى العهد الحميري في اليمن، وآمل أن يراها يوما ما أحد رجال الآثار العارفين باللغة الحميرية لتفسير الخطوط التي عليها.
دارة عبدالعزيز
والقصور القديمة
وبالنظر لانتقالنا من موضوع المخطوطات إلى الآثار والتحف ومخلفات عظام الرجال سأل مندوب «الجزيرة» سعادته عن رأيه في المشروع الذي تعمل وزارة المعارف على اخراجه لحيز الوجود تحت اسم مؤسسة دارة عبدالعزيز الذي رصدت له المبالغ اللازمة وذلك في سبيل افتتاح أحد القصور الكبيرة لتجمع فيه آثار ذلك الرجل الفذ الملك الراحل المغفور له عبدالعزيز قال سعادته:
مما لا شك فيه الفكرة نيرة وممتازة جداً لأنها ستحفظ للأجيال القادمة بعضاً من تراث هذه الشخصية الفذة. وحبذا لو أنه أمكن الحصول على الحربة التي كان المغفور له قد قذف بها ابن عجلان عند مهاجمته لقصر المصمك.
وبمناسبة ذكر هذا القصر كم كنت أتمنى لو أنه تم الحفاظ على تلك القصور التي كان يعيش فيها الملك عبدالعزيز ليرى الناس من بعده مدى تقشفه وزهده بالحياة ومباهجها رحمه الله ، وأهم هذه القصور قصر المربع الذي لا تزال أجزاء منه باقية وبالإمكان العناية بها وحفظها وكذلك قصر المصمك، ويا حبذا أيضاً لو ترك الميدان الذي ركض منه جلالة الملك عبدالعزيز منطلقاً لينقض على عجلان. وهذا الميدان كان عبارة عن ساحة تفصل بين قصر المصمك والبيت الذي كمن فيه عبدالعزيز مع عدد من رجاله الأبطال. ولكن مع الأسف هذه الساحة قد قامت فيها الآن أبنية حديثة قبالة قصر المصمك.
سيرة الملك عبدالعزيز
وبمناسبة الكلام عن سيرة جلالة المغفور له الملك عبدالعزيز تساءل مندوب «الجزيرة» عن أي الكتب التاريخية أشمل لسيرة المفغور له وأصدق، فقال سعادته في رأيي أن كتاب أمين الريحاني هو أكثر الكتب واقعية ويأتي بعده كتاب أحد المؤلفين الألمان وهو الدكتور فون ميكوشي وترجمة أمين رويحة، وأما كتب الدكتور منير العجلاني وخير الدين الزركلي وفلبي فلم أطلع عليها.
ولدى أخذ اسم المؤلف الألماني لاحظ مندوب «الجزيرة» رجوع صاحب المكتبة إلى سجل المطبوعات وهو غير ما تضمنه فهرس المخطوطات ويحتوي هذا السجل على قرابة 500 كتاب مطبوع في مختلف أبواب العلوم والآداب والتاريخ.
وهذه الكتب المطبوعة (غير المخطوطات المتقدم ذكرها) وان كانت من الكتب المتوفرة في مكتبات أخرى إلا أنها في الواقع مما يزيد في قيمة هذه المكتبة العامرة التي ليس لنا في نهاية تحقيقنا هذا إلا أن نتقدم إلى سعادة الشيخ العبيكان بكلمة الشكر والإعجاب والتقدير على هذه الجهود الجبارة التي بذلها في سبيل اقتناء هذه «المخطوطات» والحفاظ عليها والعناية بها على هذا النحو - وهو وإن كان عملاً فردياً شخصياً - فإنه ليس بمقدور المنصف إلا أن يكبره ويجله لأنه في الحقيقة مما تعجز عنه مؤسسات ضخمة ذات أجهزة وامكانات واسعة. فنعم المواطن العبيكان يعود إلى مسقط رأسه «الرياض» حاملاً إلى أمته ومواطنيه أثمن وأغلى هدية يمكن أن يحملها إنسان عبر هذه الرحلة الطويلة. إنها هدية العلم والثقافة والمعرفة من السلف الصالح للأجيال الحاضرة والآتية.
وشكراً مرة أخرى، وإنه لعمل مجيد يستحق ما يعدله من ثناء واحترام.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved