يمكن القول بصفة عامة انه من الصعب أن تعرف المنشأة الاقتصادية السعودية كل شيء. ولما كان الأمر كذلك فيفضل لها أن تنشط عمليات الاتحادات والاندماجات الموقعية فيما بينها، على أن تبنى تلك الاندماجات أساسا على ربط المعرفة وتبادلها وإثرائها في الانتاج والتسويق. فظاهرة الاندماج ليست حديثة التطبيق، فكانت ولا تزال تهدف لتحقيق غايات أهمها تقليل التكاليف الانتاجية وازالة المنافسة بينهم، والتغلب على مصاعب التسويق واضافة الى تأهيل الكوادر والمهارات الموجودة لدى المؤسسات الأخرى بتفاعل التعاملات واستمرارها. اليوم تختلف مصادر الأرباح والثروة للمنشآت الاقتصادية اختلافا جذريا عما كانت عليه قديما. تقليديا كانت مصادر الربح للمنشأة هي الأرض والعمل ورأس المال، واليوم فإن المصدر الهام للثروة هو المعرفة نفسها وربطها بقنوات البحوث التسويقية والصناعية والتقارير المالية والمحاسبية، على أن يصاحب الربط علاقات تعاونية ايجابية بينها لكي تؤتي الشركات ثمارها المرجوة والمتوقعة منها.
هذه الاندماجات قد تأخذ قوالب متنوعة، إلا أنها تتلخص في عمل ترتيبات تنظيمية جيدة تمكن المؤسسات السعودية الراغبة في الاندماج لأن تكون قالبا واحدا مشاركا فعالا في كل الأمور من ادارية وانتاجية وأرباح. وتتصرف حال تحقيق الاندماج التدريبي كيفما تشاء في المعرفة، فلها في أن تبيع المعرفة وتطور التقنية، ولها ان تستخدمها لتعديل منتج معين، أو خلق منتجات جديدة. ويمكن بواسطتها ان تغير العملية الانتاجية ذاتها أو تغير ادارة التنفيذيين والمديرين للمؤسسة الجديدة المندمجة.
وبرهنت البنوك السعودية عندما اندمج بعض منها ببعض قبل سنوات مضت، خير مثال لآفاق التوسع والنمو السريع في نقل المعرفة والخبرات، وتطوير قدراتها المحدودة السابقة الى مستويات عالمية متميزة الخدمات. واستطاعت البنوك أن تؤسس علاقات متينة تنموية مع شركات محلية تعمل في مجالات التسويق والكمبيوتر. وإذا كانت المعرفة اليوم هي مصدر للأرباح وزيادتها فقد نفترض أيضا ان تكون معرفة عالمية المستوى تساهم في اعادة تشكيل العلاقات التجارية الاقليمية، ومشجعة على زيادة معدلات النمو الاقتصادي والاجتماعي. فالتقليد الجيد للتكنولوجيا الغربية المستوردة من حولنا لاشك سوف ينمي المهارات المحلية في صنع اختراعات جديدة، واتقان كيف يعمل المنتج وكيف يصنع. نتساءل عن ماهية شروط الاندماجات الاقتصادية الناجحة والتي يمكن للمؤسسات المحلية الراغبة في تطبيقها ان تخطو نحوها. لكل منشأة مجموعة من الأهداف تسعى الى تحقيقها والوصول اليها، ويبقى أهم عنصر للاندماجات يتركز في كيفية ادارتها ادارة مخلصة أمينة. وخطوات النجاح تبدأ عندما تكون الأهداف واضحة والحوافز ايجابية، وتعلوها سمات العلاقات الجيدة بين كل العاملين وعلى جميع المستويات.
| 
