Thursday 15th January,200411431العددالخميس 23 ,ذو القعدة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

شيء من زُعاف الشعر وشهده شيء من زُعاف الشعر وشهده
د. فوزية أبو خالد

عناداً لعادة الكتابة الأسبوعية الصارمة في ذلك السيل من القضايا الاجتماعية والسياسية الجارحة ليس فقط لأشق عصا الطاعة على الاستسلام للعادات وأشارككم نوعاً آخر من زعاف الكتابة ورحيق الحبر ولكن تواطؤاً مع تلك الرسائل الإلكترونية التي تسأل عن الشعر ولا تكف عن استفزاز شياطينه بعد أن كانت قد قبلت بتسوية الاستسلام لسلطان النوم في الأدراج. وأيضاً كيداً ليدي تلك التي تكاد تبتعد عني وتتركني لتلك الأيدي التي تحترف وأد القصائد ومعاداة الشعر لا لشيء إلا لما تعانيه من افتقاد نعمة الخيال فقد قررت عن غير سابق عمد وترصد أن أنشر هذه الباقة من أشواك الروح وشهقات الشعر. وإني أرجو الله مخلصة ألا أكون قد أخطأت التقدير في اتخاذ هذا القرار المتهور بنشر الشعر وإطلاق نوافير مائه بجانب يباس أخبار الصحف وطيور الفزع وفزاعات الاعلانات التي تحوم حول رؤوسنا. وهذه مجموعة قصائد من ديوان كنت قد سميته «وحشة الأشياء» إلا أنني أفكر في تغييره إلى «شجن الجماد» وأتوقع أن يحمل إليّ البريد الإلكتروني من الرسائل ما يجعل القراء شركاء في اختيار عنوان الديوان لو قدر له أن يصدر يوماً - ما - ومن قصائده:
ورقة
يحسبونني شيئا أو جماد
لا يحفلون
بأحاسيسي الحبيسة
بين فراغات الخطوط
يمرون مسرعين
لا يسمعون دقات قلبي
قلة يكتشفون
أنني بشر شرس وشفيف
الحذاء
أحب هذا الحرير الحارق
كلما تدفقت قدماها
في جوفي تغسل عني
وصمة الجماد
أحب الطرقات الوعرة
التي تقتحم بها ليونة جلدي
أحب
المشاوير الشاقة
المنحنيات الحادة
الشوارع المزدحمة
التي تحملني إليها أحلامها
وهي دون أن تشعر تقودني
إلى تهلكتي
لأنتهي بعد كل
هذا التنزه في
بساتين خطواتها
إلى قاع خزانة بارد
إبريق الشاي
على مهل
امتص اللون الياقوتي
من سواد الأوراق
وأجرى الخضاب
في لا لون الماء
ماذا كنت أفعل
بالهوى
لو لم
تتواطأ النار مع أشواقي
المقعد
لو لم آخذ شكل
استدارة حضن
لما تحملت حرارة
أجسادهم
مرآة
عيون بريقها
تصقل صفحة وجهي
بقناديل لا تنطفئ في أحداقها
وعيون تتعمد
ألا أرى
بصيص ضوء
لا يصل حبلها العصبي
الباب
آه لو أن
أحداً يعرف
فداحة خسائري
كلما صددت الهواء
كيس ورق
قبل قليل
كان لي أهمية فائقة
كان الأب يحملني بحنان وزهو في
طريقه إلى المنزل
كانت عيون الأطفال
تلتمع كنجوم صيف وهم يتطلعون إلي بفضول مرح
كانت الأم تتسلمني برفق
وقد امتدت الأيدي إلى
كل ما كنت أمله من متع عابرة
صار الأطفال
ينفخونني بأفواههم الرطبة
فأعب الهواء لآخر مرة
وبسعادة ورعب أستعد للوعة الفراق
على صخب الفرقعة والضحكات
إشارة المرور
وحيدة في زحام
لا يرحم
من يقف
على قدم واحدة
ويرى بثلاث عيون
أحاول مقاومة ريح
لا اتجاه لها
بأجنحة تطلق
أسئلة جادة
وضحكات ماجنة
على مارة جادين في
الا يجدوا جادة
مشرط
كم هذه البشرة
رقيقة ومتقشفة
لا تشفي تعطشي
بطارية
مشحونة بحب
لا يحسون به
سوف يسنزفونني
لآخر قطرة في الحجر
وبعدها يرحلون إلى
مصادر أخرى لطاقة
لا تفتح لهم.
الكشتبان
ربما شكلي ككأس مقلوبة
وربما أشياء أخرى لا أعلم كنهها
من معاني البشر
تذكرني العلاقة بين الدلو والماء
كلما سكبت المليحة سلسبيل
إصبعها في
أوعيتي المعدنية
فلا أعود أميز
وخز إبرة الخياطة من
شكة ظفرها فيما
الحرير يخر من
مسامي الصماء
سماعة طبية
استمع لدقات القلوب
ببرود من لا يريد التورط
في حماقات البشر
قلوب لها صوت صافرة الحرائق
وبحة تفرفط الريش
قلوب تسرب الماء «كالساعات التقليد»
قلوب أطفأ الوقت بريقها
وقلوب من كهرمان المشكاة
قلوب يجتاحها
الحبر
الملح
البحر
كقوارب مثقوبة
قلوب تضخ عرقا مضمخا بأريج
الجراح
قلوب مقلوبة تقطر قيحا مخضرا
من قلة الاستعمال
قلوب تقطع الطرق وتحترف القرصنة بلذة الهواة
قلوب تسد لزوجة التحامل صماماتها
قلوب تتجنب حتوفها بجبن جميل
قلوب تسابق آجالها بجسارة وطيش
قلوب تحمل قنابل موقوتة
قلوب تدق بعشق شغف
قلوب
ضاعت مفاتيحها
قلوب ترف
أصم أذني
قبل أن يلين قلبي
فليس لي إلا أن أوقف تلك القلوب عن التوقف.
لوحة مفاتيح الحاسب
استمتع بحقد الأقلام
فقد سرقت مجدها
واستأثرت بحنان
الأصابع وحنينها
بقسوتها ورقتها
بمكرها وانكسارها
غير أني أتوجس
تحولات
جديدة
بدورها
تغدر بي
فشهوة الكتابة
لا تلوي أعناقها إلى الوراء


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved