Thursday 15th January,200411431العددالخميس 23 ,ذو القعدة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

من وحي بوح العشماوي حول الحجاب من وحي بوح العشماوي حول الحجاب

عذراً أبا أسامة فلقد لامست خيوط الشجن.. في هذا الزمن.. وأنت عبر زاويتك الشمّاء «دفق قلم».. تحرك أنّات ألم.. وترسم خريطة مشاعر جياشة تجاه كيان حوّاء المسلمة التي ما فتئت تواجه حرباً شعواء.. وتحاط بألف دائرة اغراء.. من قِبَل أعداء الأمة الذين ظلوا يفتحون جروحاً دامية.. في جسد هاتيك الجوهرة الغالية..
ولم يكن الحجاب سوى هاجس مؤرق في أذهان أعداء المرأة المسلمة باعتباره رمز العفة ودرع الشرف وعنوان الفضيلة ولغة الحياء والنقاء.. وهو خط الدفاع الأول..
إيه.. لقد نكأ جراحنا منظر فتيات مسلمات.. يحملن لافتات.. نصرة للحشمة.. وسعياً وراء العفة.. فوق أرض أوربية طالما تغنت بالحرّية.. وشنّفت آذاننا باسطوانات الديمقراطية.. نساء مسلمات مكافحات يردن أن يتمسكن بمظهر العفة ويقبضن على سبيل الحشمة.. أعني الحجاب.. وكأنهن قابضات على الجمر.. من شدة ما يواجهن من العداوة.. ويا له من عقاب جائر..
أين القيم والأخلاق..؟! وأين المبادئ التي تذوب تحت أقدام هذا العصر المكتظ بدوائر العقوق.. وهضم الحقوق..؟! زماننا مكبل بتضاريس الارتحال.. مثخن بتفاصيل النزوح..
أعذروني.. على تلك التداعيات المسافرة في قافلة الشكوى.. آهات حرّى.. حركتها مشاعر الوجع.. التي تبدو في ملامح تلك النسوة اللاتي يقاومن مسلسل اغتيال الحجاب.. وكأنه أمر يعاب.
ومهما يكن من ممارسات مجحفة فإن المرأة المسلمة قادرة على مواجهة التحديات وقراءة المستجدات واحتواء معادلة هذا الزمن المتماوج.. قادمة هي ومعها ألف دائرة عطاء.. وألف شمعة تضاء.. تريد أن ترسم الاطار.. وترفع الشعار.. تزهو بهذا الحجاب.. الذي رماه الأعداء بالرجعية والتخلف.. واحاطوه بالتهم.. إيه ما أعظمك أيها الحجاب.. فمن خلال شموخك تنبجس خصوصية المرأة المسلمة.. وعلى متنك تنتظم مفردات انتماء ديني صادق.. وحسّ إنساني عابق.. وحقّ لنا أن نزهو بكل حرف مسكون بهاجس الدفاع عن كيان المرأة المسلمة ومناصرة مقوماتها المنبثقة من عقيدة صافية وفطرة نقية.. ونفس أبية.
وحق لنا أن نحتفي بالمرأة السعودية التي تتجلى كنبض مسافر في أعماق الوطن.. وها هي تمارس دوراً حضارياً ريادياً عبر مشاركة فاعلة في صنع مواقف عامرة بالكفاح..
وقد نثرت خطوات العمل رغبة في الانتاج.. فهي المعلمة الفاضلة والمربية المخلصة والطبيبة الماهرة والأديبة الأصيلة.. وهي ربة المنزل التي تستوعب مفردات التربية الصالحة.. ولا اعتبار لمن شذت عن ذلك.
المرأة السعودية استثناء جميل.. واحتفاء نبيل.. يهزأ بدعاة التحرر ويصد دعاوى الانفتاح والسفور.. في عالم صاخب يموج بالفتن.. التي يذرفها الزمن..
لقد أدركت المرأة السعودية خطورة المرحلة الراهنة وقرأت جيداً أهداف الحملة الغربية التي تحشر أنفها في شؤون حواء في وطننا المعطاء.. والتي حافظت على خصوصيتها الدينية وقيمها الوطنية وهي تنعي حال المرأة الغربية التي اكتوت بنار التحرر والانفلات.. وذاقت ألوان الذل والهوان، حيث امتهان الكرامة وانتهاك الحرمة والعبث بالأنوثة.. واذابة الهوية حتى غدت تلك المرأة هناك سلعة رخيصة ومادة إعلانية دعائية للبضائع بصورة تمس آدميتها.. وتضعها تحت ظلال الاستغلال الجشع وابتذال أبسط الحقوق والمتاجر بمقومات الجمال.. بعد أن أخرجها المجتمع المتحرر وسلخها من ذاتها ورماها فوق رصيف حارق.. فهل يمكن أن نتكئ على جدار أبي الطيب مستعينين بمفردات أخرى:


أعزّ مكان في الدّنا متن عفة
وخير معين للنساء حجاب

أجل من حقنا أن نزهو بنساء الوطن الغالي وقد ذابت دعاوى التحرر تحت أقدامهن المباركة وارتدت تلك الأصوات النشاز التي تظهر بين حين وآخر لتنال من قيم حواء وتمطر خصوصيتها بسهام النكران.. أصوات غريبة تحاول استفزاز مشاعرها.. واستعداء كيانها ضد العفة والحشمة والالتزام والتي تتجلى في شيء اسمه: الحجاب!! الذي هو عدو الذئاب.
عذراً يا ابنة الوطن، من حقنا أن نشمخ بك وأنت تعضين على عباءة الإيمان.. وتمسكين بخيوط القيم وقد استطعت احتواء الانفتاح المعرفي المتدفق.. وانتقاء ثقافة حقة.. وغربلة ركام الثورة المعلوماتية.. وكسر طوق فضائي حاد يحاول زعزعة أخلاق حواء والتأثير في فكرها ومسخ كيانها.
إيه.. يا ابنة الوطن.. مرْحى لنا بك وأنت تقفين بشموخ.. تأبين الرضوخ.. فلم تغردي يوماً خارج السرب.. فأنت الجوهرة المصونة.. عبر تلك الأصداف.. التي تحميك من الاستخفاف...
في وطن يمارس معك احتفالية عذبة.. ويحفّك بالرعاية والتقدير.. ويحتفي بك في مواسم الهطول.. ويظل الحجاب وتراً جميلاً يذرف ايقاعات الالتزام.. وفواصل الاحتشام.. فلما قلنا يوماً: سقط القناع ولم تُردْ إسقاطه
فتلقَّفته واتَّقتنا باليدِ
بل ظلت يدها تحمل الشعار.. وتمسك الاطار... فمرحى لنا بك يا ذات الخمار.. لأن حواء


ستمتطي صهوة الأمجاد في وطنٍ
مدارج العزّ صارت مرتقى الشهبِ

عذراً فلم أكبّل مشاعري.. ولم أزيف مدادي.. وأنا أقول:


عُرَى المحبة أقوى من عرى النسبِ
فاجعل مِدادك يا هذا من الذهبِ

انها نقوش مضيئة في جبين المرأة السعودية التي ما ضاقت يوماً بمبدأ.. ولا ضجت من خُلق.. بل ربما تفوقت على الرجل في اخلاصها للقيم وامتزاجها بالمبادئ في موقف اعتداد.. وامتداد.. يزهو به المداد.. وها قد جئتكم وأنا أحمل مدادي..
محمد بن عبدالعزيز الموسى بريدة


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved