Saturday 17th January,200411433العددالسبت 25 ,ذو القعدة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الإجراءات والمخرجات في الحوارات الوطنية الإجراءات والمخرجات في الحوارات الوطنية
مشروع الأمير عبدالله للإصلاح الوطني
د. علي بن شويل القرني *

لقد لمسنا قبل انعقاد اللقاءالوطني الثاني للحوار الفكري بمكة المكرمة اهتمام الأمير عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله - بالحوار الوطني من ناحيتين أساسيتين، هما الآلية والمضمون، أو المنهج والموضوعات.. أو ثنائية الإجراءات والمخرجات.. وهذا في حد ذاته اعطى قوة كبيرة لمثل هذا الحوار.. ولهذا فقد أعطى سموه صلاحيات واسعة لمركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني في أن يعنى بالإجراءات وأعطى حرية كاملة للمشاركين ان يبدوا كل أفكارهم وطروحاتهم على طاولة النقاش وبلغة حوار حضارية ولهدف وطني سامٍ..
هذا الاهتمام الرسمي الذي يجسده الأمير عبد الله بن عبد العزيز يمثل مصدر اطمئنان وأمان في أن هذه الإصلاحات التي يطرحها المشاركون في هذه اللقاءات هي محط اهتمام وتقدير من المؤسسة السياسية. وتسعى هذه المؤسسة على أن تكون هناك اصلاحات وطنية تحقق طموحات المواطن وتؤسس لدولة عصرية تواكب مستجدات القرن الحادي والعشرين...
لقد استمعنا وقرأنا كلمة الأمير عبد الله - مساءالأربعاء الماضي - التي حدد فيها رؤية الدولة تجاه التوصيات التي رفعها المشاركون في اللقاء الثاني للحوار، ويمكن الاستنتاج من هذه الكلمة المركزة لسموه عدداً من النقاط الاستراتيجية في مشروع الإصلاح الوطني..
1- أوضح هذا الخطاب وغيره من الخطابات توجهات الدولة الرسمية أن هناك ثوابت لن نحيد عنها في الحركة الإصلاحية القادمة، وتتمثل في مرجعيتين أساسيتين لا يمكن أن نحيد عنهما في كل صغيرة وكبيرة، وهما المرجعية الشرعية والمرجعية الوطنية.. فالأولى هي أساس وجودنا وخلافتنا على هذه الأرض.. والمرجعية الثانية هي أساس مجتمعنا ووحدتنا ومصيرنا على هذه الأرض وفي كنف هذه الدولة.. فاذا التزمت مشروعات الإصلاح بهاتين المرجعيتين فاننا نكون قد خطونا الخطوة الأساسية التي ننطلق منها إلى مشروع اصلاحي كبير يتناول مقومات الحياة الاجتماعية في بلادنا ويلامس هموم المواطن ويتوجه إلى تطوير أدوات العمل التنموي في المملكة.
2- تقف الدولة في موقف وسطي تجاه مشروعات الإصلاح التي تفرزها هذه الحوارات وغيرها من قنوات الفرز الاجتماعي.. وهذا اتجاه طبيعي، فلن تقف الدولة في صف فئة أو شريحة وتتناسى باقي الفئات والشرائح الاجتماعية الأخرى.. وهذا ما عبر عنه الأمير عبدالله بالمنهجية الوسطية التي لن نحيد عنها، والتي تمثل خطاً فاصلاً بين التطرف إلى اليمين أو التطرف إلى اليسار.. وكانت كلمات الأمير واضحة في هذا الخصوص «إن الدولة لن تسمح لأحد أن يقف في وجه الإصلاح سواء بالدعوة إلى الجمود والركود أو الدعوة إلى القفز في الظلام والمغامرة الطائشة».
3- أوضح الأمير عبدالله بن عبد العزيز أن الحوار هو «ظاهرة ايجابية صحية» ولكن ينبغي أن ندرك تمام الإدراك أن للحوار قواعده وآدابه ومستلزماته ولهذا فقد دعم سموه مبدأ مواصلة الحوار وترسيخ مفاهيمه في مجتمعنا، وتربية النشء على منهج الحوار والتفاهم والاخوة الوطنية المخلصة. ومما يدعم هذا التوجه الرسمي للدولة موافقة الأمير أن يكون انعقاد اللقاء الثالث للحوار الفكري عن موضوعين مهمين، هما المرأة والتعليم.. ولاهتمام سموه بهذين الموضوعين فقد آثر سموه ان لا يقتصر اللقاء القادم على موضوع واحد فقط، بل رأى سموه ان يتناول المشاركون هذين الموضوعين مجتمعين.. وذلك لأهمية بناء توصيات مهمة في موضوع المرأة والتعليم..
ولو تذكرنا أن التوصيات الختامية للقاء الثاني اقترحت للقاءات القادمة عدة موضوعات على أساس ان يكون كل لقاء قادم معنياً بأحد هذه الموضوعات.. ولكن لاهتمام الأمير بهذه الموضوعات، ولرغبته - حفظه الله - ان نسارع في خطوات الإصلاح الاجتماعي فقد رأى أن يتضمن الاجتماع القادم في المدينة المنورة أكثر من موضوع.. وهذا يواكب اهتمام الأمير عبدالله ورغبته في تسريع الإصلاحات الوطنية.
4- نلاحظ أن كلمة الأمير تشير إلى رغبة صادقة من سموه ممثلاً للقيادة السياسية للدولة في إحداث اصلاحات نوعية في بلادنا، ولكن وتيرة هذه الإصلاحات تأخذ خطاً تدريجياً في كافة المجالات.. وهنا نرى الحكمة تتطلب مثل هذا التوجه، حيث إن السرعة في احداث الإصلاحات قد تنعكس سلباً على تداعيات غير منظورة في المرحلة الآنية.. ولكن ومما نستشفه من حديث الأمير ان هذا لا يعني أن تكون هذه الإصلاحات متثاقلة في تطبيقاتها وتنفيذها في مجتمعنا.
وأخيراً، فقد لمسنا في مختلف دوائر المسؤولية والمواطنة ان الأمير عبدالله قد وضع امامه هدفاً محدداً في أن يخطو بهذه البلاد إلى آفاق واسعة من التنمية والتطوير والتحديث، ليجعل من بلادنا دولة مؤسسات عصرية تواكب توجهات القيادة وتلبي طموحات المواطنة.. وليسمح لي المواطن السعودي ان اقترح هنا ان تأخذ هذه التوصيات والأفكار الإصلاحية التي تنطلق من خلال لقاءات الحوار الوطني الأول والثاني والثالث والرابع مسمى مشروع الأمير عبدالله بن عبد العزيز للإصلاح الوطني، لاسيما وأنها تمثل جهد عام كامل من الإعداد والتفكير وبمشاركة رموز وطنية كبيرة في بلادنا تمثل مختلف أطياف اللون الاجتماعي.. ولتصبح مجموع هذه التوصيات وثيقة واحدة تشكل نقلة نوعية في التفكير السعودي وموجهاً استراتيجياً لتطوير وتنمية المجتمع والمؤسسات السعودية.

* رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية للإعلام والاتصال
أستاذ الإعلام المساعد بجامعة الملك سعود


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved