Saturday 17th January,200411433العددالسبت 25 ,ذو القعدة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

دفق قلم دفق قلم
نعوذ بالله من الانحراف
عبدالرحمن صالح العشماوي

الانحراف عن الطريق المستقيم سببٌ في معاناة الإنسان على مر العصور، فما من حَدثٍ مؤلم يحدث للمجتمعات البشرية إلا وكان الانحراف عن الحق سبباً مباشراً فيه، انحراف في العقيدة بسبب إهمالها والانشغال عن دراستها وتطبيقها وانحراف الفكر ناتج عن الانحراف في العقيدة، حيث يفقد الإنسان بانحراف عقيدته الميزان الصحيح الذي يزن به الأمور، فيجنح إلى الفكر المنحرف، والثقافة الفاسدة ظاناً أنه على حق وصواب، ويأتي بعد ذلك انحراف في العمل والسلوك يكون نتيجة طبيعية للانحرافين العقدي والفكري.
وإذا قلنا - نحن المسلمين -: «انحراف» فإنما نعني بذلك الانحراف عن الدين الصحيح، وعن صراط الله المستقيم، وعن المنهج الواضح في كتاب الله وسنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم، فهذا الانحراف سواء أكان بالإفراط والغلو في الدين، أم كان بالتفريط والإهمال للدين، هو السبب في الفساد الذي يحصل في المجتمع، والتطاول على تعاليم الدين من الذين يتنطعون فيه، ويبالغون ويخرجون على تعاليمه المتوازنة، ويكفِّرون ويفسِّقون الناس دون ضابط شرعي صحيح، ومن الذين يفرِّطون في الدين، وينحرفون عن طريقه، ويبالغون في الإساءة إلى تعاليمه المتوازنة بكلامهم وكتاباتهم، ويتهمون الدين وأهله جميعاً، ومناهجه بالتطرف والإرهاب والغلو.
نعم، هذا الانحراف الذميم عن الدين والشرع الحكيم هو السبب في هذه المآسي التي تجري في عالمنا الإسلامي، وهذا الانحراف هو الذي رفضه الرسول صلى الله عليه وسلم رفضاً قاطعاً، فلم يرض بالغلو في الدين وزجر من كان يريد من الصحابة أن يحرِّم على نفسه بعض ما أحل الله له من المطعم والمشرب زهداً ومبالغة في العبادة، كما زجر بتأييد من القرآن من كان يسيء إلى الدين أو أهله إساءة لفظية واضحة، فكيف بالإساءة العملية كما هو ثابت في قصة أولئك النفر الذين سخروا من القراء، واستهزؤوا ببعض المؤمنين.
هكذا يكون الانحراف، والجنوح عن الحق سبباً في كثير من المآسي التي نعاني منها - في عالمنا الإسلامي -.
وإننا لنردد إزاء ما نرى من مظاهر الانحراف في أفكار وقلوب بعض أبناء المسلمين قولنا «نعوذ بالله من الانحراف»، ونسأل الله أن يهدي ضال المسلمين إلى الحق، إن الكلام الذي جرى على ألسنة أولئك النفر عبر الشاشة التلفازية السعودية ليؤكد لنا خطورة الانحراف بكل أصنافه، ومسؤولية أولئك الذين يحملون شيئاً من العلم الشرعي، ويجعلونه قاعدة للفتاوى غير المنضبطة التي تنحرف بالشباب الغضِّ قليل التجربة، ضعيف العلم عن الطريق الشرعي الصحيح.
وإن من أهم ما ورد في كلامهم الإشارة إلى أنهم قد انخدعوا ببعض الفتاوى، وانساقوا وراءها، وهذا يدل دلالة قاطعة على أن الداء الذي أصابهم إنما كان بجرثومة وافدة من خارج بلادنا، أصابت عقول بعض أبنائنا فكانت سبباً في حدوث هذا المرض الذي يمكن أن يوصف بأنه مرض فتاك خطير.
وهذا يذكِّرنا بالجانب الآخر من بعض أبنائنا الذين أصابهم داء الانحراف عن دينهم فأصبحوا يحملون معاول الإساءة إليه وإلى الملتزمين به لأنهم قد أصيبوا - أيضاً - بجرثومة وافدة من خارج بلادنا، أصابت عقولهم فكانت سبباً في حدوث مرض الإهمال للدين، وإظهار التضايق من تعاليمه وضوابطه.
وهنا تبرز لنا حقيقة كالشمس وضوحاً، إننا في المملكة العربية السعودية نعيش استقراراً عقدياً وفكرياً وثقافياً وعلمياً واجتماعياً، لأننا - ولله الحمد - على صلة وثيقة بشرع الله في سياستنا وعلمنا ومناهجنا الدراسية، وهذا ما يجعل ادعاءات المدعين من أبناء المملكة أو غيرهم أن مناهجنا الدراسية، وحلقات تحفيظ القرآن الكريم، والمواعظ، والدروس العلمية والدينية، والأنشطة الثقافية هي السبب فيما يجري من غلو وإرهاب وانحراف عن الطريق، إنما هي ادعاءات باطلة يطلقها أصحابها بغير حق، وأن من يُصرُّ عليها يحاول أن يصرفنا بها عن الأسباب الحقيقية لهذا الانحراف.
إننا نحمد الله الذي رزقنا «خاصية هذا الدين» وأكرمنا - نحن المسلمين - بالدين الكامل الشامل الذي لا عوج فيه ولا انحراف، ونسأل الله أن يحفظ أمن بلادنا من كيد الكائدين.
إشارة:


خُضْ لجَّة الأوهام واجعل بحرها
رَهْواً، فمثلك بالعبور جديرُ


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved