Saturday 17th January,200411433العددالسبت 25 ,ذو القعدة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

نهارات أخرى نهارات أخرى
السيدة أ مريكا و إصلاحاتنا
فاطمة العتيبي

** بدت السيدة جودي ميلر الصحافية الأمريكية بابتساماتها المبطنة بكثير من الفوقية والعنترية.. بالآمرة الناهية في شئوننا الداخلية.. وسخرت كثيراً من نظرتنا للمستقبل.. وقالت إننا مخيرون بأن نكون أو لا نكون.. وقرارنا في أن نكون هو بموافقاتنا التامة لإستراتيجية أمريكا في الخليج والوطن العربي التي ترمي بالتأكيد لتجفيف منابع مقاومتنا للاحتلال الإسرائيلي في فلسطين أو احتلالها هي للعراق.. وثانياً هو تجفيف منابع هويتنا الإسلامية.
ترى جودي ميلر أننا نضيع الوقت في تدريس الدين ولا نعطي وقتاً كافياً للعلوم والتقنية والرياضيات.. كيف تتطورون وأنتم كذلك...
وهي ترى أننا مجتمع لا يمكن أن يتطور طالما أننا لا ندرس في مدارسنا الموسيقى ونظريات فرويد..
** وترفض ميلر أي اقتناع أو حتى مجرد دخول في حوار حول ما طرحه الشيخ عبدالعزيز القاسم حول أن كراهية أمريكا لم تأت من المناهج التي تخلو تماماً من أي كلمة تدل أو تحرِّض على هذا المعنى إنما الكراهية جاءت من مواقف أمريكا المتناقضة، والكارهون لأمريكا ليسوا خريجي مناهج السعودية، بل هم أيضا في الصين وكوريا وحتى في أوروبا.
** والذي راقب ملامح جودي ميلر وهي تستمع أو تتحدث.. يلحظ الكم الكبير من التشابه بين فوقية جورج بوش وبين فوقيتها ولا يخفى أيضاً حجم استثمار الديمقراطية والإصلاحات كمفردات ملتوية لتمرير أهداف مكشوفة.
** نحن نشتغل لإصلاح بلدنا..
ونحن كالمزارع الذي يصحو كل صباح ويتجه إلى أرضه ويقلب فيها ويسمدها ويعالج مواقع الخلل فيها ثم يرمي بذاره ويرعاه بالسقيا وتخليصه من النباتات الضارة حتى يستقيم.. وينتظر المواسم ويراعي تواقيتها للحرث والبذر والحصاد.. والحكمة في رغبتنا في الإصلاح والتطوير.. هي ضالتنا سنتبعها ولن ننظر من أين جاءت أو لماذا جاءت..
كل ما يتناسب مع صدقيتنا تجاه وطننا سنتخذه ونتبعه.. لن نرفض ما هو صالح لأنه جاء من أمريكا «أو أفريكا».. نحن معنيون بتطوير بلدنا.. ولن نرفض التعديل والتطوير لأن أمريكا تطالب به ولن نعتبره ضغطاً منها ولن نتحسس من ذلك.
سنمضي قدماً في إصلاحاتنا.. لأنها حتمية تأهل المجتمع لها.. ولأننا اكتشفنا أننا في مواقع كثيرة كنا منغلقين... نظن أننا قادرون على أن نمضي دون أن نتأثر أو نؤثر..
حتى فوجئنا بأن خلف الأبواب الصامتة التي كنا نظن صمتها إيجابياً.. وجدنا القنابل والمتفجرات..
** كل أساليبنا في الإصلاح والتطوير مؤسسة أولاً وأخيراً على قابلية الدين لها أولاً ونظرته الشرعية المؤصلة فيها.
ثم قابلية المجتمع لأننا لا نريد أن نخطو إلى الأمام ونتصارع ونختلف ونحتد ثم تتخذ أمريكا ذلك ذريعة للفصل بيننا..
نحن نريد أن نخطو لكي نتواءم أكثر وننسجم أكثر ونقترب من القدرة على التمسك بالثوابت والتعايش مع العصر واستثمار كل إنجازاته في التقنية في المؤسسات المدنية في الحريات في التربية.. في كل منجز إنساني..
فأجدادنا وهبوا العالم منجزهم ونحن لسنا ظلاميين كأوروبا وقساوستها في العصور الوسطى.. لن نرفض الحضارة والعلم كما رفضوها لأنها جاءت من الإسلام.. نحن أهل رسالة تحض على العلم والتنوير.. والحكمة ضالتنا نأخذها من أعدائنا مثلما نأخذها من أصدقائنا.
** وسنستمر في رغبتنا الجادة في الإصلاح لأن ذلك مطلب الدولة والمجتمع..
وحتماً سننجح حين يشارك العقلاء في الطرح.. وحين لا يمارسون الصمت والفرجة ويتركون الساحة لعبث المندفعين المتسطحين الذين خرجوا من قماقمهم ليستفيدوا من المرحلة وينالوا من وطننا ومجتمعنا..
** نحن أحوج ما نكون الآن إلي شراكة عادلة بين مختلف التوجهات حتى نستطيع أن نسير على الأشواك التي يحاول زرعها كثيرون يكرهوننا سواء في الداخل أو الخارج في الخليج أو أمريكا.
لنحب بعضنا.. ولنحب وطننا.. ولنترك للعقلاء صوتهم المعتدل في شتَّى اتجاهات الرأي.. لكي ينأى المزايدون.. المندفعون الراغبون في الشهرة على حسابنا وحساب هدوء مجتمعنا وتماسكنا أولاً وأخيراً والتفافنا حول ولاة أمورنا..
وهو خيارنا الذي لا رهان عليه.. إذا كنا حقاً نريد الإصلاح ونريد الأمن في ذات الوقت.

فاكس: 4530922


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved