Saturday 17th January,200411433العددالسبت 25 ,ذو القعدة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

المؤسسة التعليمية ودعم الكل الثقافي المؤسسة التعليمية ودعم الكل الثقافي
مندل عبدالله القباع

إن العملية التعليمية المؤسسية (المدرسية) تتأثر (كيانا وعطاء) بما يحوط بها داخل المجتمع الذي تنشأ فيه، ويسهم في صقل أوضاعها الحالية، وفي برامجها المستقبلية بما تتضمنه من إمكانات ومعطيات.
وبناء على ذلك فالمجتمع يسهم في تشكيلها وتوجيهها مع مراعاة ما يحوط بها من ظروف.
والعملية التعليمية عملية تقدمية تستهدف إعداد القوى المنتجة إلا انه يتأثر ويتشكل بالظروف الموضوعية التي تحيق بالمجتمع مضافا إليه المحافظة على قيم المجتمع واستدماجها في ذاتية أبنائه مع الوضع في الاعتبار ان العلاقة بين المدرسة والمجتمع وثيقة ومستمرة.. هذه العلاقة ربما تكون إيجابية وأحياناً تكون سلبية حسب قدرة المؤسسة التعليمية على استيعاب المفاهيم المنتقاة والمسندة إليها فيما يتعلق بأهداف التعليم وأنظمته والتعليم لدينا في مفهومه الثقافي يعاني من بعض المشكلات نمر على بعضها وربما تكون استثارة للبدء في حوارات حولها.
أولاً: إن التعليم في بلادنا يعاني من الثنائية القائمة بين التعليم الأكاديمي والتعليم الفني، فالمنهج الأكاديمي هو ذاته المنهج التقليدي بعيدا عن الحاجات المجتمعية والمطالب الاجتماعية والاقتصادية على الرغم من حاجتنا إلى فنيين واختصاصيين مهنيين ومازال التعليم الفني لدينا يواجه تحديات كثيرة خاصة فيما يحتاجه سوق العمل من فنيين ومهنيين يمكنها مسايرة التقدم التكنولوجي ومازلنا حتى الآن نحجم إلى حد ما عن تعلم المهن التي يشغلها المقيمون لأننا مازلنا نفضل الأعمال المكتبية والإدارية والخدمية وذلك على الأعمال الفنية.
أيضا مازلنا نميز بين المعارف والخبرات، فالمعارف تأملية عقلية بينما الخبرات تعتمد على المهارات الفنية فنحن نسعى إلى تحجيم العمل اليدوي فهو صنعة المتخلفين عن التعليم الأكاديمي سواء كان التخلف عضوياً أو نفسياً، المهم ان التعليم النظري يفوق التعليم العملي التطبيقي، هذا الاتجاه وإن قل مؤيدوه حيث تطورت الاتجاهات مع تطور المجتمع، وعلى الرغم من ذلك مازال مثبوتا في جانب من جوانب ثقافتنا مما يمثل تحديا أمام المستجد في العلوم.
ويضاف إلى ذلك ان التعليم النظري محاط بأهمية كبيرة من قبل البعيدين في حياتهم عن حياة أهل المدن، فالمقررات مرسومة ويخضع التعليم فيها لمناهج مخططة مقدما.
ويطرأ إلينا إزاء ذلك ان نطرح السوال التالي: كيف يعلن ان المؤسسة التعليمية تستوعب مطالب وغايات المجتمع وآمال مواطنيه وإعداد جيل المستقبل ولا ندفع به إلى المجالات الفنية ليتفق مع متطلبات المستقبل.
ليس من شك في أن التعليم لدينا قد تطور تطوراً كبيرا، ولدينا المدارس والكليات التقنية، لكنها لا تستوعب الاعداد التي تغطي احتياجات سوق العمل بدليل أنه مازال لدينا عمال أجانب يقومون بمعظم الأعمال المهنية هذا على الرغم من التغير الاجتماعي الذي حاق بنا إننا نأمل بأن تنعقد الصلة إيجاباً بين التعليم المدرسي وحركة المجتمع بما يجعلنا لا نعتمد فقط على وظيفة المدرسة في نقل الثقافة التي تتمثل في بعض المعارف والمفاهيم والاتجاهات ودور المعلم هو نقل هذا الكم المعرفي إلى الطالب دون أدنى مساس بالأوضاع والظروف المتغيرة حولنا.
ولما كانت العملية التعليمية تستهدف تناول ما يدعم نمو الطلاب وتقديم مجالات المساهمة في تكامل بناء شخصيتهم وتوحده مع عناصر البيئة وحركة المجتمع الذي ينتمي إليه، هذا من جانب ومن جانب آخر العمل على اتساعه مراحل حياته الشخصية والاجتماعية من ناحية المحافظة على نسقنا الثقافي التقليدي الذي يتطلع إلى الإنسان تطلعا جزئياً ولعلنا نقدر على تقرير وحدة الإنسان وتكامل شخصيته، وهذه النظرة هي النظرة العصرية.
ومهما تكلمنا عن التلقين وتحميل المدرس مسؤولية الانخراط في التلقين بدلا من الفهم والاستيعاب وهذا لأن المقررات تحتم عليه اللجوء إلى هذه الطريقة فهي تستوعب وقتا أقل وجهدا أقل من حيث الاجراءات ومن حيث الأسس.
وفي هذا قضاء على أسلوب الحوار والمناقشة والتفاعل بين الآراء نتيجة الإملاء بحتمية أسلوب التلقين الذي يدفع بالمحدودية النسبية للنشاط المدرسي ونمذجة الطالب فيسعى إلى تكوين علاقات رأسية (ذات نفع خاص) وليست أفقية، والإخلال من فرص الابتكار والتجديد.
ويوجه إلى التعليم لدينا أنه يتغاضى عن مهمته الأساسية وهو تعليم الناس فن الحياة والمعيشة، ومعنى المحبة والعمل على دعم المجتمع الذي ينبغي لهم السعي من أجل صناعته وتجديده.
وعسانا في الختام نوصي القائمين على العملية التعليمية ان يهتموا بتكنولوجيا التربية من منطلق ان التربية تحتاج لكل ماهو جديد في المجال التكنولوجي فنحن مطالبون بالتعامل مع التكنولوجي باعتباره عملية يستطيع الإنسان بمعرفتها تحويل المواد المختلفة للسيطرة على البيئة مايدعو إلى التنمية المستدامة في المجال المعرفي.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved