Monday 19th January,200411435العددالأثنين 27 ,ذو القعدة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الرئة الثالثة الرئة الثالثة
الجامعة والمجتمع: الجدل مستمر! 2/2
عبدالرحمن بن محمد السدحان

أستأنف اليوم حديث الأسبوع الماضي حول الجدل المستمر عن دور الجامعة في «تخصيب» موارد التنمية بشرياً فأقول:
أولاً: هناك صعوبة ناجمة عن تراكم التخصّصات النظرية من خريجي الجامعات وهي التعثُّر أو البطءُ الشديدُ في «سعودة» وظائف القطاع الخاص، بحجة عدم وجود التخصصات المهنية اللازمة من بين السعوديين، جامعيّين وغير جامعيين، لإشباع حاجاته، فيلجأُ أولياءُ أمر هذا القطاع إلى الاستقدام من الخارج، ويتنامى بذلك حجم الوافدين لشغل فُرص العمل المتاحة في البلاد.
ثانياً: معظم احتياجات القطاع الخاص للكفاءات البشرية لا تتطلب تعليماً جامعياً بقدر ما تفتقر إلى «التدريب» المركز في تخصصات مهنية محددة، يمكن أن تصقلها التجربة ويزكيها المرانُ، ليُصبح صاحبها قادراً على العطاء، ومن هنا، يتبيّن أن الإصرار على خيار الجامعة لا يخلو من هدر كان يمكن استثمار مُدخلاته ومخرجاته مهنياً عبر قنوات التعليم الفني لإرواء «العطش المهنّي» في القطاع الخاص بالكفاءات الوطنية المؤهلة!
**
* ان إقبال المواطنين عشوائياً على التعليم الجامعي دون سواه من مستويات التعليم الفني والتقني، في غياب خطة واعية وواضحة لترشيد استثمار هذا المد البشري، وندرة الخيارات البديلة للمسار الجامعي، يعني استمرار بل استفحال ظاهرة القصور في عدد المؤهلين السعوديين لشغل فُرص العمل التي لا تتطلبُ بالضرورة تأهيلاً جامعياً، في القطاعين الحكومي والأهلي، كبعض مشتقات المهنة الطبية وهندسة الصيانة والتشغيل والأعمال التجارية المتخصصة وغير المتخصصة ونحو ذلك، وسيفرز هذا بدوره نمواً في الاعتماد على العمالة الوافدة، وخاصة من لدن القطاع الأهلي.
**
ثالثاً: أخلص من هذا العرض المتواضع الى الاستنتاجات التالية:
1- إن بين المسائل.. آنفة الذكر قاسماً مشتركاً، ممثلا في قضية دور الجامعات في تكوين العُدة البشرية اللازمة لتنفيذ أغراض التنمية، وتلبية احتياجاتها في القطاعين الحكومي والأهلي، بحيث يتحقق لبلادنا بعد اجل ولو بعيد قدر من الاكتفاء الذاتي في معظم التخصصات، فيخف الاعتماد على العمالة الوافدة، ويكون للمواطن بالفعل أولوية الفوز بفرص العمل، تأهيلاً واختصاصاً. ولذا فقد يكون من المناسب عدم بحث هذه الموضوعات مستقلة عن بعضها البعض، لأنها تؤثر على بعضها وتتأثر، وتتقاسم معها الآثار والنتائج.
**
2- أنه قد يكون من الملائم أن يقترن تطبيق مبدأ ترشيد الانفاق على التعليم الجامعي ان وُجد يوماً، بمبدأ ترشيد أداء الجامعات في خدمة الوطن، بحيث لا تتناقض مخرجاتها مع أغراض التنمية، بل تكون عوناً لها لا عبئاً، وأن يُستثمر العائد المالي من جُهد الترشيد في دعم البُنية الأساسية للجامعة، آلية وامكانات.
**
3- إن تخفيف الإقبال العشوائي على الجامعات، خياراً وتخصصاً، لن يتأتى إلا بتوفرّ فرصٍ موازيةٍ له، عبر منظومةٍ واسعة ومتعددة الاغراض من المعاهد والكليّات المتخصصة ومراكز التأهيل وإعادة التأهيل، وتفعيل دور التعليم الفني والمهني، موارد وإنجازاتٍ، أخذاً بعين الاعتبار الاحتياج الفعلي للقطاعين الحكومي والأهلي، وفي ضوء معلومات ميدانية ورؤىً تطبيقية دقيقة لواقع العمالة في ذينك القطاعين.
4- أود أن أذكر هنا وأُذكر بأن حكومتنا الرشيدة قد فتحت الباب واسعاً لمبادرات مدروسة في هذا السبيل من لدن القطاع الخاص للاستثمار في التعليم بمستوياته المختلفة، ليدخل بذلك شريكاً مسؤولاً وفاعلاً في صياغة حاضر ومستقبل تكوين الأُطر البشرية اللازمة في صناعة التنمية بمفهوم حضاري وشامل. وما أحسب ذلك على عزم المجدين بعزيز!


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved